المواطنة نيوز تقدم رحلة نجاح سيلفيا جوزيف

سليفيا جوزيف

تقدم  المواطنة نيوز رحلة حياة لبطلة من بطلات متحدى الاعاقة وهى البطلة سيلفيا جوزيف عيسى ونرصد اهم التحديات والنجاحات لها وبالتواصل معها قدمت نفسها وتجربتها ليستفيد منها الجميع سواء متحدى الاعاقة أو اهلهم حيث قالت .

مرحلة الطفولة
أنا اسمى سيلفيا جوزيف عيسى يسّى وأنا من مواليد 2 فبراير عام 1986, وأنا الابنة الكبرى لجوزيف عيسى ولورانس يوسف, ولى أخ واحد يدعى مينا وهو فى العشرين من عمره ويدرس الهندسة بالجامعة الألمانية بالقاهرة. يعمل والدى كمدير عام المعدات بقطاع المقاولات بشركة كبيرة, أما والدتى فهى ربة منزل.
عانيتُ من ضعف البصر منذ طفولتى بسبب مرض بالعين يسمّى “جلوكوما”, وقمت بإجراء العديد من العمليات الجراحية بالعين كانت أولها وأنا عمرى 3 شهور. استمرّ بصرى فى الضعف تدريجياً مع الوقت حتى أصبحت “legally blind” خلال السنة الثانية من دراستى الجامعية. أنا الآن قادرة على تمييز الضوء وبعض الأشياء تحت ظروف إضاءة معينة, ولكنى غير قادرة على القراءة أو السير بمفردى, ولكنى أستخدم العديد من الأساليب البديلة للحركة والحصول على المعلومات واستخدام الكمبيوتر.

مرحلة المدرسة
رغم ضعف بصرى فقد ألتحقتُ بمدرسة لغات عادية, [أى غير مخصصة للمكفوفين], وتفوقت جداً فى كل المواد الدراسية بما فيها العلوم والرياضيات, مما أثار التعجب والتقدير لدى المدرسين والزملاء. كان لدىّ دافع قوى للنجاح كوسيلة لإثبات ذاتى والتغلب على الإحساس بالدونية الذى يعانى منه المعاق أو المحروم, كما إنى وجدتُ تشجيعاً كبيراً من والدىّ على النجاح والتفوق فقد كانوا واثقين أننى أستطيع أن أتفوق على أصدقائى من المبصرين. كانت تكلفة هذا التفوق باهظة حيث كنت أقضى أوقاتاً طويلة جداً وأبذل جهداً كبيراً كل يوم فى المذاكرة نتيجةً لصعوبة القراءة لفترات طويلة.
كنت أعتمد على بصرى الذى كان يضعف تدريجياًفى كل شئ حتى المرحلة الثانوية, ولكن أصبح ذلك عقبة فى طريق نجاحى, وعندها بحثتُ وعرفتُ عن البرامج قارئة الشاشة التى تمكن المكفوفين من قراءة الكتب والكتابة عن طريق الكمبيوتر, مما مكننى من مواصلة تفوقى.

مرحلة الجامعة
حصلت على الثانوية العامة عام 2003 بمجموع 96.5%, وألتحقتُ أولاً بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة, عن دون اقتناع شخصى, ولكن تأثراً برأى عائلتى وأصدقائى الذين كانوا يعتقدون أن هذه الكلية, لطابعها النظرى, هى الاختيار الوحيد المتاح للمكفوفين وبالتالى سأستطيع أن أتفوق بها. قضيت بكلية الآداب فترة قصيرة ثم اكتشفت أنه ليس لدىّ رغبة لدراسة الأدب الإنجليزى, وأننى لا أستطيع أن أستمر فى هذه الدراسة فقط لأن البعض لديهم توقعات متواضعة وغير حقيقية عن إمكانياتى.
عندئذ قمت بتقديم طلب تحويل من كلية الآداب إلى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية [قسم اللغة الإنجليزية] بجامعة القاهرة, وعندها اصطدمتُ بأول حادثة تمييز واضطهاد بسبب كونى أعانى من ضعف شديد فى البصر, حيث أوضحت لى وكيلة الكلية فى هذا الوقت أنها واثقة أننى لن أستطيع أن أنجح بسبب ضعف بصرى وصعوبة المادة العلمية بالكلية, ولكنّى صممتُ على أن أخذ فرصتى كالآخرين وألتحق بهذه الكلية وتخصصتُ فى الاقتصاد والإحصاء كتخصص فرعى.
بذلتُ جهداً جباراً فى الدراسة وعاوننى أهلى وأصدقائى كثيراً, حتى أنهيتُ العام الأول بالكلية الأولى على دفعتى, وكانت هذه مفاجأة للجميع بما فيهم أنا شخصياً. لكن هذا التفوق لم يكن سهلاً على الإطلاق فقد وضع الكثيرون العقبات فى طريقى بسبب ثقتهم, التى فى غير محلها, أنهم يعرفون ما يستطيع الكفيف ولا يستطيع أن يحققه. على سبيل المثال رفضت الكلية فى البداية أن توفر لى شخص يقوم بالقراءة والكتابة أثناء الامتحانات.
فى عام 2008 تخرجتُ من الكلية الخامسة على دفعتى بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف, مما جعل من حقى أن أُعين معيدة بالكلية.

تعيينى معيدة بكلية الاقتصاد
أخبرتنى الكلية أنه من غير الممكن أن يتم تعيينى معيدة بقسم الاقتصاد لأنى فاقدة لحاسة الإبصار وبالتالى لن أستطيع أن أقوم بمهام وظيفة المعيد, فضلاً عن أن هذا الأمر لم يحدث من قبل فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.

فى هذا الوقت عرفتُ الإحساس بالظلم لأول مرة فى حياتى. قام السيد رئيس جامعة القاهرة بتحويل الأمر إلى السيد المستشار رئيس مجلس الدولة. أنتهت فتاوى مجلس الدولة عن جواز تعيينى معيدة بقسم الاقتصاد بسبب حصولى على تقدير امتياز مع مرتبة الشرف وكذلك تقدير ممتاز فى مادة التخصص [الإحصاء].
نشرت جريدة الأهرام بتاريخ 9 سبتمبر 2009 مقالاً بعنوان “جواز شغل الكفيف لوظيفة عضو هيئة تدريس بالجامعة”, يناقش أمر تعيينى ويؤكد على ضرورة حماية المعاقين من أى شكل من أشكال التمييز, ونشر الكاتب ما قاله السيد المستشار نائب رئيس المجلس: “إن قانون تنظيم الجامعات لم يتطلب لشغل وظيفة معيد لياقة صحية تختلف عن اللياقة الصحية التى تمكن الطالب من النجاح فى سنوات الدرجة الجامعية.” كما نشر ما أكده مجلس الدولة أن إعاقتى لم تحل دون تفوقى على أقرانى من المبصرين, مما يؤهلنى لشغل وظيفة معيد. أقر مجلس الدولة أيضاً جواز تعيين المكفوفين معيدين بالجامعة دون الرجوع إلى مجلس الدولة فى المستقبل.

التحاقى بمركز تأهيل للمكفوفين بأمريكا
لقد حصلتُ على منحة من مؤسسة أمريكية تدعى “Academy for Educational Development” للالتحاق بمركز تأهيل للمكفوفين بولاية Colorado بالولايات المتحدة يدعى “Colorado Center for the Blind” عام 2006. كانت هذه الخطوة نقطة تحول فى حياتى, حيث أيقنتُ أنه من الممكن أن أكون مستقلة ومعتمدة على نفسى فى كل شئ مثل باقى الناس.
فى هذا المركز تعلمت العديد من المهارات منها::

استخدام الكمبيوتر وكل تطبيقاته عن طريق البرامج قارئة الشاشة, والقراءة والكتابة بطريقة “Braille”, والتحرك باستخدام العصا البيضاء, والقيام بكل أعمال المنزل من إعداد الطعام إلى آخره.

زادت ثقتى بنفسى عندما أيقنت أننى أستطيع أن أنجز أى شئ طالما رغبت فى ذلك, فأنا أستخدم أساليب بديلة للقيام بأى شئ أريده بالاعتماد على حواسى الأخرى. أثناء دراستى بهذا المركز قمت بالعديد من الأنشطة التى كنت أعتبرها مستحيلة من قبل مثل تسلق الجبال والتجديف وقضاء الليل فى خيمة.

منحة الماجستير بالولايات المتحدة الأمريكية

فى عام 2009 حصلتُ على منحة من هيئة مصرية تدعى “Sawiris Foundation” للحصول على الماجستير من جامعة “George Mason University” بولاية Virginia بالولايات المتحدة. حصلتُ على درجة الماجستير بتقدير امتياز, “GPA = 4.0”, فى التعليم مع التركيز على “Assistive Technology” وهى التكنولوجيا المساعدة التى يستخدمها المعاقون للتعامل مع جميع الأجهزة التكنولوجي.

عملى فى أمريكا
عملتُ كمدرسة تكنولوجيا مساعدة “Assistive Technology Instructor” فى مركز تأهيل للمكفوفين فى ولاية Maryland بالولايات المتحدة لمدة عامين. كانت مهام عملى تتضمن تدريس المكفوفين كيفية استخدام الكمبيوتر والعديد من تطبيقاته على نظامى التشغيل Windows و Macintosh وكذلك استخدام iPhone والكثير من الأجهزة الأخرى.

رسالة أخيرة
أحب أن أقول لأ آى معاق:

“أنت فى نظر الله إنسان له قيمة كبيرة ومحبوب وحياتك لها هدف ورسالة. إن قيمتك هى فى شخصيتك وأفكارك ومبادئك وليست فى شكلك الخارجى أو إمكانياتك الجسدية. لا تستسلم لشعور الشفقة على الذات فإن هذا طريق يؤدى إلى اليأس والفشل. تذكر أنه مهما كانت ظروفك فإنه من المؤكد أن هناك أشخاص يعانون أكثر منك. لا تخجل من التعبير عن احتياجاتك ومشاعرك للآخرين.”
أحب أن أوجه هذه الرسالة لأسر المعاقين والمجتمع ككل:

“المعاقون أشخاص طبيعيون لهم نفس الاحتياجات والطموحات مثلك تماماً, والإعاقة ليست مركز شخصيتهم, والمعاقون من فئة معينة ليسوا مماثلين لبعضهم البعض بل هم عينة عشوائية من المجتمع. المكفوفون ليسوا معاقين ذهنياً أو لديهم مشكلة فى حاسة السمع. تعامل مع المعاق بمحبة واهتمام حقيقى وقبول وقدر من الصبر.

لا تتجاهل وجود المعاق. وجّه كلامك وأسئلتك إلى الشخص المعاق نفسه وليس إلى من يصطحبه. لا تفرض مساعدتك على الشخص المعاق ولا تتضايق إذا رفض مساعدتك فهو إنسان وله خصوصيته.

إذا كنت تتعامل مع شخص كفيف فاحرص على أن تتحدث إليه وتصف ما ترى بقدر المستطاع, ومن فضلك تجنب استخدام الإشارات الصامتة للتحدث عن الكفيف مع الآخرين فى حضوره.”

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات