رحلة سحل وتعذيب سيدة بالحوامدية

أرشيفية
سنوات من الفرص الضائعة منحتها لزوجها حتى يعود إلى صوابه، لكنه كان يتفنن في ضربها وتعذيبها آناء الليل وأطراف النهار، فلم يرحم توسلاتها ولا جسدها الهزيل الذي اعتاد على الضرب، تاركًا علامات شاهدة على قسوة قلبه وافتقاره إلى الرحمة التي لا تعرف إلى قلبه طريقا، فمنذ أن تزوجته لم تذق يوما طعم الراحة وتجرعت من كأس المُر والإهانة ما لا يطيقه بشر بعدما حوّل حياتها إلى جحيم. لعام ونصف العام يمنعها من زيارة أهلها حتى لا يكون لها ملجأ ومأوى تحتمي به من بطشه وتشكو لأهلها قلة حيلتها لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.

سلخانة التعذيب

داخل شقة بطريق “مصر- أسيوط” الزراعي بدائرة قسم الحوامدية، فقيرة الأثاث، تحولت بقدرة قادر إلى سلخانة تعذيب للزوجة قليلة الحيلة، بدءًا من الضرب المبرح وحتى قص شعرها. ساعات قضاها “وليد” يتفنن في تعذيبها حتى خارت قواها وظلت تبكي بدلا من الدموع دمًا، وتندب حظها العثر الذي أوقعها في طريق رجل تسبق يداه لسانه، لم يراعِ العشرة بعد سنين عجاف قضتها برفقته.

صرخة زوجة

بعدما انتهى من وصلة التعذيب تركها بمفردها تترحم على زمن ضاعت فيه النخوة والرجولة لدى زوجها الذي استقوى عليها مستغلا عدم قدرتها على التصدي لبطشه وعدوانه، وفر هاربًا. مرت الساعات عليها ثقيلة ثقل الجبال بعد احتجازها، ثم تحاملت على نفسها وصرخت تستغيث بأحد من الجيران لعل أحدًا يسمع صوتها المبحوح الذى أوشك على الضياع من شدة صرخاتها وتوسلاتها بأن يتركها لحال سبيلها ويكف عن ضربها، ولكن ذهبت أمنياتها أدراج الرياح.

“جوزي حبسني”

كان القدر رحيمًا بالزوجة، إذ تصادف خروج إحدى الجيران من شقتها، وفي أثناء نزولها درجات السلم سمعت صوت أنين واستغاثات تخرج من شقة الجارة، فانتابها الخوف في البداية، لكنها اتخذت قرارها باستطلاع الأمر، وظلت تطرق الباب، لكن لا أحد يفتح، وقبل مغادرتها سمعت صوتًا يخرج بالكاد من داخل الشقة: “الحقيني، جوزي حبسني هنا وعذبني ومشي”، لم تكذّب الجارة خبرا واتصلت بقسم الشرطة.

المهمة

سريعا كان رجال المباحث في مهمة تتلخص في تحرير الزوجة المحتجزة التي كانت قاب قوسين أو أدنى من الموت على يد من لا يستحق الحياة. زوجة شابة في حالة يرثى لها تبدو عليها علامات الضرب، تجلس في زاوية ينتفض جسدها من الخوف. هذه هي الحال التي كانت عليها الزوجة عند رؤية رجال الشرطة لها بمجرد دخولهم من باب الشقة مع رعشة أصابت أطراف يديها اللتين لم تقترفا أي ذنب سوى أنهما وُضعتا يوما في يدي زوج كانت تظن فيه الخير.

ضرب وقص شعر

“جوزي هو اللي عمل فيّ كده وهرب” جملة قالتها الزوجة في محضر الشرطة بعدما تنفست الصعداء وكأنها ألقت مع الجملة حجرا حرك المياه الراكدة وأزال حملا ثقيلا جاثما فوق صدرها، وألقت على مسامع رجال المباحث كيف عذبها وقص لها شعرها بعد سنين قضتها في خدمته تلبي أوامره، لكنه لم يراع الله فيها وتعرضت على يديه لكل أشكال العذاب. انتهت أقوالها وقُفل المحضر، لكن لم تنته حكايتها كأنها كانت تنتهز الفرصة لتجد من ينصت إليها.

سقوط حر

لم يدم هرب “وليد” طويلا، إذ تمكن ضباط مباحث قسم شرطة الحوامدية من تحديد مكانه، إلا أنه أحس بأن لحظة القبض عليه قد حانت فحاول الهرب، وبعد مطاردة مثيرة استمرت لمدة ربع ساعة تمكن النقيبان عبد العزيز فرحات وفاروق عبد القادر، معاونا المباحث من ضبطه بعد سقوطه واقتياده إلى ديوان القسم، ولم يجد ما يدافع به عن نفسه أو ينفي تعذيبه لزوجته فاعترف، لينال عقاب ما اقترفته يداه بعد أن أحس بالندم الذي دائما يأتي متأخرا.

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات