البابا تواضروس بين الماضى والحاضر

بقلم : نازك  شوقى إبراهيم

فى صمت كانت مسيرته، لم يلمع نجمه سوى برحيل النجم اللامع الذى خلفه إستلم رسالته ليكمل مسيرةبدأها البابا شنودة الثالث أختير ذلك الهادى الصالح ليكون راعى الكنيسة بعد إنتقال أسدها المرقسي البابا شنودة الثالث ليجلس بعدها البابا تواضروس الثانى على كرسى البابوية

▪نشأته وحياته قبل الرهبنة

ولد البابا تواضروس بالمنصورة بإسم وجيه صبحى باقى سليمان يوم الثلاثاء الموافق 4 نوفمبر سنة 1952 م. (وهو نفس يوم وقوع القرعة عليه لإختياره للبطريركية عام 2012)

وهو الأخ الأكبر لأخوته ،أخت تصغره بثلاث سنوات “هدى”وهى بمثابة الأخت والصديقة والمعلمة ايضا فكان مواظبا على مدارس الأحد والإجتماعات بفضل شقيقته التى كانت تقوده اليها وأثرت كثيرا فى طفولته قال عنها البابا إنها كانت مرحلة محورية فى حياته

واخت أخرى أصغر ب١١ عاما “دينا “توفيت عام2009منذ أربع سنوات من وصوله للكرسي البابوى ، كانت تحتل مكانة خاصة فى قلبه وهو ما ظهر من إهتمام كبير أحاط به طفليها مريم ويوسف بعد وفاتها.

ووالده كان يعمل مهندس مساحة،محبًا للنظام جدًا ووالدته “سامية” ربة منزل إهتمت بإرتباط الأبناء بالكنيسة وبالمدرسة بالإضافة إلى الترابط الأسري بينهم. فكانت أسرة عادية، عالمها هو الكنيسة والخدمة ومحبة الله والكتاب المقدس، بالإضافة للناحية الإجتماعية من فسح وتزاور مع الأقارب والمشاركة.. وكان البيت محبًا للقراءة جدًا..

لذا كان البابا تواضروس هوايته الأساسية هي القراءة.. وكان يعشق التصوير الفوتوغرافي، ولكن لم يكن لديه كاميرا.. أحضرها أخيرًا بعد أن تخرج بعشر سنوات وهو في مدينة أوكسفورد. … ومن ضمن مواهبه كذلك موهبة الخط.

نشأ وتربى في المنصورة حتى سن خمس سنوات ثم إنتقلت الأسرة إلى سوهاج حتى سن الثامنةوبعدها انتقلت إلى دمنهور عام1961 إستكمل تعليمه بها ثم إلتحق بكلية صيدلة الإسكندرية.

توفي والده يوم 3 يونيه 1967(صباح أول يوم إمتحان الإعدادية للفتى وجيه، وقبل الحرب بيومين).

وتوفيت والدته فى 28 مارس عام2014 بأحد مستشفيات الأسكندرية بعد صراع طويل مع المرض لازمها قبل تنصيب نجلها بطريركا للكنيسة،كان لها تأثير كبير فى حياته فهى التى تولت رعايته بعد وفاة والده وهو فى سن مبكرة فكانت بمثابة الأب والأم معا، حب والدته للكنيسة والمواظبة على الإجتماعات الروحية ورثه الطفل تواضروس تلقائيا ويقول عن والدته انها كان لها التأثير الأكبر فى حياته الروحية

ينتمي البابا لعائلة كهنوتية، حيث يوجد أقارب عدة من الكهنة والقساوسة فكان أول كاهن في تاريخ عائلته الحديث هو أبونا أنطونيوس باقي (عمه)، ورُسِم 1969، ثم أبونا القمص يوحنا باقي 1972 (كاهن كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة)، ثم أبونا باخوم حبيب (وهو كاهن حالي في كنيسة الأنبا أنطونيوس بشبرا).. وتلاهم الأنبا تواضروس كراهب.. وبعده رسم القس أنطونيوس باقي سنة 1996 (كاهن كنيسة السيدة العذراء وماريوحنا، سان فرنسيسكو، أمريكا – وهو إبن عم قداسة البابا)، ثم أبونا يونان، ثم أبونا زكريا (يخدم مع الأنبا إبراهام)..

 

▪دراسته والخدمة

بدأ الخدمة في صيف المرحلة الأولى الثانوية سنة 1968 في كنيسة الملاك الأثرية بدمنهور، مع أبونا ميخائيل جرجس (رُسِمَ سنة 1963، وكان هو أب اعتراف د. وجيه حتى دخوله الدير).

حصل على شهادة الثانوية العامة سنة 1970.

حصل على بكالوريوس الصيدلة بجامعة الإسكندرية سنة 1975بتقدير جيد جدًا مع مرتبة الشرف.

فقد كان حلمه أن يصبح صيدلي، لأنه وحسب تعبير قداسته- “الصيدلي هو شخص يريح الناس”، وذلك بعد عناء والده من قرحة في المعدة فكان يشترى له الدواء من الصيدلي وهو بالمرحلة الإبتدائية وعندما يتناوله الوالد يشعر بالراحة.. فارتبطت الراحة فى ذهنه بعمل الصيدلى

وفي نفس العام سنة :1975 رُسِمً أمين خدمة كنيسة الملاك بدمنهور

وأيضا سيم أغنسطسًا في 27 سبتمبر1975 بيد الحبر الجليل نيافة الأنبا باخوميوس (بعد التخرج من الجامعة، بالرغم من بداية خدمته من المرحلة الأولى الثانوية).

حصل على بكالوريوس الكلية الإكليريكية من إكليريكية الإسكندرية سنة 1983

حصل على زمالة هيئة الصحة العالمية بإنجلترا سنة 1985 – لندن

ودرس دراسات عُليا في الهندسة الصيدلية في جامعة الإسكندرية.

عمل كصيدلي تابع لمؤسسات وزارة الصحة، حتى كانت آخر وظيفة له قبل الرهبنة مديرًا لمصنع أدوية تابع للوزارة بدمنهور

قضى فى العمل الحكومى 10سنوات و10 اشهر و10أيام وإستقال بعدها فى 25 سبتمبر 1986للرهبنه

▪ رهبنته

كان يريد الذهاب للدير (حيث كان هذا الإشتياق في قلبه منذ الصِغَر)، ولم يقل لأحد من عائلته حين دخل الدير

ذهب يوم الأربعاء الموافق 20 أغسطس 1986 إلى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون وظل طالب رهبنة لمدة عامين وخدم فى الدير قبل رهبنته فى المطبخ ومضيفة إستقبال الزوار لتقديم الطعام وخلافه بجانب صيدلية الدير

ترهبن يوم الأحد الموافق31 يوليو1988 بدير الأنبا بيشوى واختار له البابا شنودة إسم ثيودور وبعد الرهبنه أصبح مسؤلا عن إستقبال الزوار (رحلات،افراد ،معرفة الدير وتاريخه)

بعد عام رسم قسا يوم السبت الموافق 23ديسمبر 1989 وكان من أبرز تلاميذ الأنبا باخوميوس القائم مقام

▪اسقفيته

ثم نال درجة اسقف فى 15 يونيو1997كأسقف عام مساعدا للأنبا باخوميوس مطران البحيره والخمس مدن الغربيه بإسم الأنبا تواضروس وخدم بها ١٥ عاما قبل تنصيبه على كرسى البابوية

درس التعليم المسيحى والإدارة فى سنغافورة عام 1999اهتم بمرحلة الطفولة فى مهرجانات الكرازة المرقسية وكان مسؤولا عن لجنة الطفولة بالمجمع المقدس

ألف ١٢ كتابا قبل جلوسه على الكرسى البابوى

▪القرعة الهيكليةوالترشح للبابوية

بعد انتقال البابا شنودة الثالث تم ترشيح الأنبا تواضروس للبابوية مع أربعة أخرين لكرسى البابوية

ظفر بمنصب البابا بعد القرعة الهيكليه ليصبح البابا تواضروس الثانى البابا رقم 118من تاريخ بطاركة الكنيسة القبطية الارثودكسية فى 4نوفمبر2012فى نفس يوم ميلاده والبالغ من العمر60 عاما

▪مواقف البابا الوطنية

تولى منصبه بعد رحيل البابا شنودة الثالث ليدير الكنيسة فى أصعب الاوقات التى تمر بها البلاد ، مرحلة سياسية مضطربة ،شهدت حكم الإخوان ،عند فض إعتصام رابعة والنهضة وبعد تجليس البابا بأربعة أشهر تم الاعتداء لأول مرة على الكاتدرائية المرقسية تفجير وحرق نتج عنه كثير من الشهداء مما أعطى صورة رديئة للحكم فى مصر

تمسك البابا بالحكمةونجح فى التعامل مع هذه التحولات ، بكى وصلى على الشهداء وتمسك بالدعاء لإنقاذ مصر ، لتعبر ومعها الكنيسة والأزهر هذه الفترة الحالكة

ظهر البابا ممسكا بيد شيخ الأزهر ليعلن اصطفافه خلف خارطة الطريق و30 يونيو

سار البابا تواضروس على نهج سابقيه فى إعتلاء الوطنية وظهر عشقه للوطن ومدى حكمته للمرور من تلك الأزمات المريرة وأطلق مقولته الشهيرة “وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن “مؤكدا ان حرق الكنائس مجرد تضحية بسيطة يقدمها الأقباط من أجل الوطن

وخلال لقائه بوفد من الكونجرس عقب ثورة 30يونيو رفض التدخل الخارجى و أكد ان اوضاع المسيحيين فى مصر تحسنت وأن للحرية ثمنا غاليا وأن حرق الكنائس هو جزء من هذا الثمن نقدمه لبلادنا بصبر و حب

ولعل أبرز مواقفه الوطنية رفضه للمشروع الأمريكى لترميم الكنائس المتضررة معلنا ان الحكومة المصرية قامت بواجبها فى إصلاح وترميم الكنائس بأموال مصريه وجهود مصرية

▪مايسعى اليه البابا ويرجوه

منذ تجليس البابا تواضروس على كرسى البابوية وهو يسعى لخدمة الكنيسة والوطن فيقوم بأعمال خيرية وزيارات رعوية تخدم الكنيسة وأخرى تخدم الوطن فقد قام بتأسيس ايبارشيات جديدة للكنيسة ورسامة اساقفة جدد على مدار خمس سنوات كما زار العديد من المؤسسات الحكومية منها مستشفى 57357 لسرطان الاطفال وزار متحف الطفل بمصر الجديدة ودار الأيتام كما افتتح كثير من المستشفيات مثل مستشفى القديسة دمياتة بالهرم وغيرها

ومن خلال زيارته لموقع مشروع قناة السويس عام 2015 أعلن البابا تواضروس تبرع الكنيسة بمليون جنيه لصالح المشروع

كما قام بالعديد من الزيارات الرسمية لعدد من الدول العربية والأجنبية إلتقى من خلالها بعدد من الرؤساء وكانت أولى زياراته فى عام 2013 للفاتيكان إلتقى بالبابا فرنسيس بابا الفاتيكان كما زار النمسا وسويسرا وهولندا والامارات والسويد والدنمارك وأمريكا وإيطاليا و كندا وإثيوبيا ولبنان وإلتقى من خلال زيارته للكويت بالشيخ صباح الأحمد أمير الكويت كما زار روسيا وإلتقى بالرئيس بوتن كما زار الأردن والتقى بالملك عبدالله بن الحسين وزار انجلترا والتقى بالملكة إليزابيث كما زار اليابان واستراليا

ومن خلال تلك الزيارات رفض البابا تواضروس بشكل قاطع التدخل فى مشاكل الاقباط من جهات غربية بإعتبار ان مشاكل وهموم الوطن بصفة عامة سواء تعلقت بالاقباط او المسلمين يجب ان تناقش داخل الوطن سواء إتفقوا أم إختلفوا وبذلك قطع الطريق على أى قوى أجنبية جاهزة تماما كى تستغل أى حديث عن مشكلات للأقباط كى تتدخل فى شئون مصر الداخلية وتؤجج الفتن

أكد ان مصر بلد الأمن والأمان ودعى دعوة صريحة منه لزيارة مصر

ومازال قداسة البابا تواضروس يواصل قيادة الكنيسة متمسكا بالحكمة والوطنية وهو مايجعل حديثه تعبيرا على مصر الوطن المتسامح القوى لكل مواطنيه

ويحاول الوقوف بمواقف وطنية ومساندة مصر الحبيبة وجيشها ويحث دائما شعبه على الصلاه من أجل سلام البلاد

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات