مخاوف لبنان بشأن مواجهة العديد من التحديات التي تفرضها الصراعات السياسية بالدولة (الجزء 20)

كتبت : كرستين عوض

ما سيكون مصير المستقبل اللبنانية فى ظل وجود العديد من التحديات التي تحتاج إلى البدء في معالجتها بشكل عاجل ؟ ،حتي تتجنب لبنان التهديد التي تواجهه جراء الصراع القائم بين إسرائيل وحزب الله،مع وجود صراعات اخري بين الأحزاب السياسيةاللبنانية،الامر الذي جعل الوضع في لبنان مقلق مضطرب .

كما ان لبنان كانت هدفاً رئيساً للتطرف والتشدد الدينى  منذ اندلاع النزاع السوري عام 2011. وقد فتك المتطرفون الملتحقون بجماعات جهادية سلفية (على غرار تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة ثم جبهة فتح الشام) بأعداد كبيرة من المدنيين، عبر عمليات تفجير انتحارية وهجمات بالصواريخ داخل بيروت وخارجها، وخاضوا معارك دامية مع الجيش اللبناني. وفي عام 2014 كانت أعداد هذه الجماعات وقوتها تتنامى إلى درجة أنها باتت تسيطر بفعالية على أجزاء من سهل البقاع، وصيدا، وطرابلس، حين كانوا يسعون،إلى إقامة “إمارة إسلامية”.

 خطورة الوضع السياسي بلبنان :

أثار التوتر المتزايد في اوضاع الجمهورية اللبنانيةوالتي يمتد إلى كافة أرجاء المنطقة، مخاوف شعبها، ويستشعرون بالخوف والهلع من هذه الأجواء الملتهبة على احتمالية تصعيد الامر الي حرب أخرى بلبنان بين اسرائيل ومليشيات “حزب الله ” الشيعي المدعوم من إيران،والذي تصنفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية.

كما حدث في حرب لبنان 2006،بين قوات حزب الله اللبناني وقوات جيش الدفاع الإسرائيلي والتي استمرت 34 يوما في مناطق مختلفة من لبنان،وفي شمالي إسرائيل.

وقد حذر السيناتور الأمريكي “ليندسي غراهام”، في 27 فبراير من العام الماضي، بعد زيارة له إلى الشرق الأوسط؛ حيث كشف أن “إسرائيل تعد العدة للحرب”.

وبعد تصريحات السيناتور الأمريكي، بشهر واحد، شنت إسرائيل غارات عسكرية، استهدفت الجبال المحاذية لبعلبك على الحدود اللبنانية السورية، في 25 مارس 2018، بالإضافة إلى استهداف العديد من المواقع العسكرية، لـ”حزب الله”، ومخازن أسلحة، تابعة له في سوريا.

كما أن الحكومة اللبنانية تمثل غالبية الطوائف السياسية الموجودة على الساحة اللبنانية، وهو ما قد يؤدي إلى حدوث خلافات حول العديد من القضايا، وفي الوقت نفسه تضمن استمرار النموذج اللبناني القائم على الديمقراطية التوافقية، وتجنب لبنان مشكلات داخلية كثيرة بسبب عدم رضى فرقاء الداخل حول توزيع الأدوار ومبادئ الشراكة بينهم.

فالنظام السياسي بلبنان أكثر تعقيداً يرتكز أساساً على الاعتراف بـ”حقوق الطوائف” بوصفها جماعات سياسية (وليست فقط جماعات دينية). ويترتب على هذا الاعتراف، وفق دستور اتفاق الطائف 1989، وهو “المناصفة” في السلطة بين المسيحيين والمسلمين. وعليه يقوم التوزيع العادل والمتوازن في الدولة ومناصبها وإداراتها ووظائفها بين أبناء الطوائف والمذاهب.

ورغم أن الدستور اللبناني ينص على أن لبنان بلد جمهوري ديمقراطي برلماني لكن البنية الطائفية للنظام السياسي في لبنان جعل من شبه المستحيل اتخاذ أي قرارات كبرى دون توافق جميع الفرقاء السياسيين الموزعين على اساس طائفي.

كما أن الأزمة الاقتصادية القاسية في لبنان، مردها هو هذا النهب الذي تتشارك فيه كافة الطوائف، التي نصبت كل واحدة منها “البطل” الشعبي الخاص بها الذي يعطف على فقراء ملّته ويدافع عنهم، ويوزع عليهم الوظائف والجمعيات الخيرية والسلاح، والذي من أجله يندفع الشبان إلى الموت افتداء له.

فالنظام السياسي اللبناني تحول إلى منظومة مافياوية كاملة الأوصاف ،على نحو “ديموقراطي”،وهو دليل على عبثية السياسة اللبنانية، فنحن اليوم أمام بلد ممزق ومستنزف.

 هل هناك بوادر لقيام ثورة قادمة في لبنان ؟

في السياق الطبيعي لكل ما سبق، تكفي معضلة واحدة من التحديات المذكورة لإثارة ثورة بلبنان ، أو حركة تغييرية، فكيف بكل تلك المشكلات معا لم تحدث ثورة في لبنان ؟ في الواقع، أضاعت الثورة طريقها إلى لبنان، على الرغم من كل العوامل المتوفرة والوقود اللازم لاشتعالها، لأن خيارات الشعب ما زالت أقوى من الجدل الطبيعي، الذي يمكنه تصحيح مشوار لبنان عبر التاريخ من خلاله.

فغياب مفهوم “الثورة” في لبنان ينطلق من واقع واحد: الانتماء الطائفي وربطه بشخص أو حزب أو جماعة، والتماهي معه على أساس أنه “يحمينا من الآخر”، ليصبح الواقع كالتالي: أكثرية من كل الطوائف يتآكلها الخوف، وأقلية نخبوية تلتهي بعبارات فيسبوكية، وبضعة أشخاص يتحكمون بمصير الإنسان في لبنان، لتُدفن فكرة “الثورة” في مهدها.

قال الباحث الدكتور ميشال سبع عن إمكان قيام ثورة في لبنان في غضون سنوات، فيقول “لا ثورة في لبنان”، فهي تحتاج إلى مقومات غير موجودة، المفكرون أولاً الذين إما يئسوا وغادروا البلد، أو راحوا ينظّرون لأحزاب سياسية. عملياً الأحزاب العلمانية سقطت والأحزاب السياسية أصبحت مطيّفة. ليس لدينا وعي فكري سياسي تنظيري منظّم قادر على إنتاج مطالب ثورية غير تلك الاجتماعية”.

ويكمل سبع غياب الحكم المركزي في لبنان، “إذ ليس لدينا حاكم خارج من حزب حقيقي بل مجموعات تتوافق. التوافقية لا تحكم. ليس لدينا رؤساء ومرجعيات بالمعنى الحقيقي، فالحراك يقول مثلاً إن كل الطقم السياسي فاسد، إنما فعلياً ليس هناك فئة واحدة حاكمة. صناعة القرار خارجية. والحراك الداخلي لا يستند إلى جهة فاعلة على الأرض قاردة على دعمه.

ويضيف سبع الثورة يقوم بها فلاحون وعمال مقهورون وطبقات كادحة. هذه الفئة غير موجودة بشكل واضح في لبنان.

اما في سوريا من قاموا بالثورة كانوا مسحوقين لذلك هذا الحراك هو فشة خلق لا أكثر. لا يوجد حل إلا بقيام حراك وطني ضد كل الطوائف والأديان لإنشاء نظام مدني حقيقي وإسقاط الفكر الديني. هذا لا يعني أن الشعب بكامله عليه أن يثور، الفئات المحرومة وحدها تستطيع البقاء في الشارع. لا تخرج منه حتى لو ماتت لأنها في مائتة أصلاً.

ويقول سبع “إذا لم يهاجر السوريون من لبنان وفي حال بقوا بهذا الشكل غير المنظم على خلاف المخيمات الفلسطينية، فيمكن أن تبدأ الثورة معهم، بمعنى حركة فوضويّة تأكل الأخضر واليابس”. أيحتَمِل لبنان أحداثًا شبيهة بتلك التي سبقت حربه الأهليّة؟ “إذا جاع السوريون سينزلون إلى الشارع ويحتلّون المنازل. المساعدات التي تأتيهم شحيحة وتتعرض للسرقة، وها هم يرمون بأنفسهم في البحار.

اللبنانيون سيلحقون بهم والفلسطينيون أيضاً”.

واوضح سبع انه “ليس هناك حزب سياسي لبناني منظم يتبنى المطالب الشعبية، ولا مبشرون ثوريون حقيقيون. الانتليجنسيا والفكر السياسي مطلوبان على قاعدة الانتماء إلى الوطن.

لا قناعة بأن الشباب العزل في الشارع قادرون على التغيير. البنية السياسية لا تسقط حتى لو وصل عديد الشباب إلى 100 ألف. يسقطون حكومة لكنهم لا يسقطون نظاماً”.

وعلي نحو اخر حذر الفنان اللبناني راغب علامة في ديسمبر العام الماضي، من قيام ثورة ضد السياسة اللبنانية، مؤكدًا أن الشعب لم يعد يتحمل “الفقر والذل”، بحد واصفه، عبر حسابه على موقع التدوينات “تويتر”.

وغرد السوبر ستار: “أحذر الطبقة السياسية والسياسيين بأن هذه المرة عندما ينزل الشعب إلى الشارع لن تكون كغيرها..

الشعب لم يعد يتحمل الفقر والذل والحاجة والمرض قد تخطوا الخط الأحمر.. انزلوا من أبراجكم الذهبية.. خففوا فساد وأزلام وضرائب وضعوا الفاسدين والسارقين في السجون.. لبنان ملك للشعب وليس لكم”.

وكان راغب علامة قد تعرض لبعض الانتقادات من أحد النواب اللبنانيين، عقب طرحه أغنية “طار البلد”، على صفحته في موقع “يوتيوب”، وتحمل الأغنية احتجاجات على الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية في لبنان.

واخيرا :

يبدو أن الثورة لن تجد نصيراً لها في لبنان بين هذه الاطراف السياسية، وأن أحد أكبر التحديات التي تواجه البلاد حاليا تتمثل بتحديد مسار التغيير الواجب عليها انتهاجه، ويجب على الشعب اللبناني أن يفكر ببديل واقعي وصريح للوضع الحالي للدولة ،كما يجب عليه أن يدرك بأن سقوط الحكومة حاليا قد يخلق فراغا سيعمل على استغلاله وشغره عناصر سياسية غير مرغوب بها ولا تلبي تطلعات وطموحات الشعب اللبناني.

وفي مجمل الأحوال لا يبدو في الوقت الراهن أن أياً من الاطراف السياسية قادر على اجتثاث الأخر سواء عسكرياً أم فكرياً من الساحة اللبنانية، كما لا يبدو أحد متفائلا بأن هذا الصراع سينهي قريباً أو بدون خسائر. في الواقع يجمع عدد كبير من المحللين أن المواجهة ستزداد شراسة في الفترة المقبلة.

تحرير

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات