المواطنة نيوز تقدم مارو نبيل فى قصتها القصيرة حياة

مارو نبيل
أتى الليل وعانق الحنين قلب “حياة” جعلها تسافر إلى أرض الذكريات… أيقظ حنينها مشاعر منذ ثلاثين عام و إلي الأن لم تنطفئ شعلتها! افاقت من تلك الغفلة وآخذتها لهفه لتفتح خزانتها التى تحتوى على اشياءها القديمه. وراحت تبعثر بحاجياتها رغم انها لا تريد شيئاً بعينه… فجأة وقعت عينيها على فستانها الأسود المطرز بإناقة. فستان حريري فاخر قصير من الامام وطويل من الخلف يتوسطه حزام بنفس لون القماش يدور حول الوسط لينتهي بعقصة خلف ظهرها تشبه الوردة .. صمتت كثيراً عندما رأته، قبل ان تمد يدها لتسحبه خارج خزانة الملابس.. و فيما هي تفعل ذلك، سقط خطاب كان محبوساً بين طيات الفستان…
فتحت الخطاب علي مهل، وكان من خطيبها ميشيل الذى عمل لفترة طويلة فى باريس. أخذت عيناها تحتضن الورق الذي مال لونه إلي الإصفرار بفعل الزمن، و خالجها نفس الشعور حيال قراءته لإول مرة عندما كانت تبلغ من العمر ثلاثين عام… أغمضت “حياة” عينيها و هي تلقي بشعرها للخلف، مستشعرة لذة الخطاب… جاءها صوت ميشيل كما لو كان هو من يقرأ الخطاب، فسمعته يقول : “..حبيبتى اكتب اليكي وقلبى نحوك يفيض بالاشتياق… يقتلنى الحنين فى غيابك.. الكل بجوارى و لكن عيني لا ترى سواكي اشتقت كثيراً إليك يا “حياة” في غيابك احصي الدقائق و الساعات و الايام و الشهور والسنين… احسبها دهراً!
انتظر تلك اللحظات لأكون بقربك يا آميرتى يا جميلتى مضت أعوام وانا احتضن الكلمات التى ارسلتيها إلى حروفك يا حبيبتى بالنسبة لي هي كالهواء اتنفسه عشقاً.. تلك الحروف التي تعيد لى روحى عندما تنسحب مني و تسافر بعيداً بفعل الإشتياق..
أحبك وسأظل إلي المنتهي، إلي ان تصبحين عجوز لا تستطيعين السير.. هذه رسالتى الاخيرة من باريس وسوف أكون بقربك خلال أيام. بالمناسبة.. أحضرت لك معى فستان الزفاف، وأعلم بأنك حين تشاهدية، سوف تتهميني بالجنون، لأنك ستتفاجئين بلونه أسود و لكني اصراري علي هذا اللون ليس الا بسبب علمي بأنك تعشقين الأسود، و قد اخترته لك بعناية شديده ليكون بقمة الاناقه والذوق. أريدك يا حبيبتى أن تكونى ملكة و قد رسمت لك يا جميلتى ملامح عرسنا كما تمنينا دائماً لتكون على صفحة مياة النيل، وسط موسيقى هادئة. أريد أن أراك فى هذه اللحظة لإري إبتسامه وجهك الملائكي، و اصلي دوماً ليملأ الرب كل أيامنا بالبهجة و البركة. فى الختام سلامى لوالديك، و خالص دعواتي القلبية لكم ليحفظكم الرب فى كل صباح و مساء. المخلص دوماً ميشيل…”
إنتهت من قراءة الخطاب، و دون أن تنبس ببنت شفه اغرورقت عينيها بالدموع و لم تستطع أن تتماسك عندما تذكرت بأن خطيبها لن يعود بسبب حادث سير أودي بحياته وهو في طريقه إلي مطار شارل ديجول في العاصمة باريس.. و رغم مرور سنوات، ماتزال لا تتقبل فكرة غيابه، ولم تستطع أن تبدء من جديد وحدها… لم تكن تلك هي الليله الوحيده التى يداهمها فيها الحنين وإنما هى عادتها، ان تذهب كل يوم في موعد مع الذكريات!

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات