الأبوة…. ووصية قداسة البابا تواضروس الثانى لمجمع كهنة إيبارشية المعادى !

د.ماجد عزت إسرائيل

شارك قداسة البابا” تواضروس الثاني” البطريرك رقم (118) (تولى منذ 4 نوفمبر 2012م– وتم تجليسه في 18 نوفمبر 2012م وحتى كتابة هذه السطور أطال الله عمره سنين عدة وأزمنة سالمية)،وبحضور نيافة الحبر الجليل “الأنبا دانيال” أسقف المعادى وتوابعها ورئيس المجمع المقدس في سيمنار مجمع كهنة إيبارشية المعادى،والذى يوم الثلاثاء الموافق٢٦طوبه١٧٣٦ش/ ٤ فبراير ٢٠٢٠ م،وقد ألقي قداسته كلمة بعنوان “الأبوة” والتى تعد كوصية لآباء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وهذا نصها.

الأبوة

الحديث عن الأبوة موضوع كبير وقد درسناه في سيمنار المجمع المقدس في شهر نوفمبر الماضي وهو موضوع الأبوة والبنوة بين الأب الأسقف والكاهن واستغرقت الدراسة أربعة أيام.وفي حديثى مع كهنة كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة قلت لهم لدينا كتاب بستان الرهبان لماذا لا يكون لدينا كتاب عن بستان الكهنة؟ فقاموا مشكورين بإعداد كتاب بستان الكهنة الذي سوف يتم توزيعه عليكم هدية السينمار.

على أية حال،موضوع الأبوة تنفرد به الكنيسة القبطية. هناك الأبوه الجسدية التى تُصَيِّر الرجل أبًّا في الأسرة ويحمل اهتمامات واحتياجات أبنائه، لكن موضوع الأبوه في مجال عمل الآباء الكهنة يأخذ أهمية كبيرة لأنك تحولت من فُلان أفندى إلى أبونا باسم جديد وشكل ولبس جديد ،موضوع ليس سهلًا . إن لم تؤازره النعمة الإلهية فعند ذلك سوف تحمل اللقب ولكن لا تحمل قوته ممكن أحمل اللقب ولكن لا أحمل قوته.الأبوه تسمى موهبه (كنز) الفضائل وأحب أن أطرح بعض الأسئلة للدخول في عمق الموضوع:

هل الأبوه خبرة أَم موهبة ؟

هل هي مظهر أَم جوهر ؟

هل هي سلوك أَم شعور ؟

هل هي اختيار أَم التزام ؟

كلمة أبوة هي كلمة من أربعة حروف وسوف نتأمل في هذه الأحرُف الأربعة

حرف (أ): يعني الأمانة المطلقة نجدها في الآية التي جاءت في الأصحاح الثاني من سفر الرؤيا “كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ“ (رؤ ٢ : ١٠) وهذه الآية نصفها الأول على الأرض والنصف الثاني في السماء، آية أرضية سماوية.

حرف (ب): تعني البذل، وفي المعنى الروحي الكامل أن يتخلى الواحد ويبذل نفسه من أجل الآخر وذلك الذي عبر عنه معلمنا بولس الرسول: “مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ“ (رو ٨ : ٣٦). القديس يوحنا ذهبى الفم قال:“الشهيد يموت مرة واحدة من أجل سيده لكن الراعي يموت كل يوم أجل رعيته“.

حرف (و): يعني الوقار، الوقار في الحياة الإنسانية يعني أن يكون الإنسان ذو وقار كالملائكة والقديسين الذين نقول عنهم أنهم متسربلين، فأنت متسربل بالوقار زي الثوب الطويل. وقار الكهنوت، أنت أيها الأب الكاهن لا تعمل عمل بشرى إنما إلهي أو سماوي القس فلان (برسفيتيروس) تعني مصلي أنت مصلي وظيفتك مصلي الكاهن عمله التواصل مع الله هذا وقار الكهنوت.

حرف (هـ): يعني الهيبة، يرى فيك الآخرون صورة القديسين نحن نرى حين يدخل

شخص ليأخذ بركة الأيقونة مع أنها مجرد رسم إبداعى وليس تصويرى لكن يظهر فيها هيبة القديسين.

من هم الآباء ؟

الآباء هم الذين عملوا بأقوالهم وتكلموا بأعمالهم .

كلكم آباء بالجسد والأبوة تكبر يوم بعد يوم، ولا تنسى أن أولادك الذين يكبرون أمام عينيك يصيرون كأنهم أصدقاء. كان شخص يتكلم عن أبوه فقال: إنني أرى أعظم من أبي ولكن ليس هذا إلا لسبب انه يحملني فوق كتفيه أنا أعلى منه فأنا أشوف أكثر منه ولكن سبب ذلك أنه يحملني على كتفيه.

هناك مجموعة من الصفات التي تساعد الأب الكاهن أن يمارس الأبوة بشكل صحيح

١- الوقت المنظم:

أن يكون وقتك موزع بطريقة صحيحة، يعني ليس هناك استهلاكًا للوقت في أشياء ليس لها معنى فمثلًا متابعة الإنترنت ومشاهدة التليفزيون لأوقات طويله ليس لها مكان في حياة الكاهن ، لابد أن تقدم حبا للرعية من وقتك لإظهار اهتمامك بكل أحد، الرعاية تتطلب وقتًا والصداقة تتطلب وقتًا والأسرة تتطلب و قتًا.

سعادة التواجد وأنت في وسط أسرتك هذه أغلى هدية لأولادك. لماذا هي أغلى هدية لأن هذه الهدية لاتعوض. أو شىء في توزيع الوقت أن تقدم حبًا. لا تستهين بمكالمة تسأل عن أحد بعيد، الذين ليس لهم أحد يذكرهم.

قدم وقت للحب، خذ ابنك في حضنك وقل له أنا أحبك، الحب هو الحاجة الوحيدة التي لا تنضغط.

٢- قدم وقت فيه استماع للآخر:

أن تسمع للأخر فهذا شىء في غاية الأهمية يمكن لما تسمعه يقول لك : انا معنديش مشكلة. الناس في العالم يتكلمون ولكن لا يسمعهم أحد و يُرينا أهمية الاعتراف، هناك علم وعلاج بالكلام، مجرد أن تسمعه يرتاح من اتعابه.

٣- وقت للقراءة والمعرفة:

لا تأخذ بالعناصر السهلة أو التحضير من شبكة الإنترنت، وقت القراءة والمعرفة يعني دراسة حقيقية أو تأليف كتب مفيدة.

المعرفة ليست مثل صندوق نملأه بالرمل إنما مثل شجرة تنمو. تذكروا كلمات المزمور الأول :

”فيَكُون كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِي الْمِيَاهِ، الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ، وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ. وَكُلُّ مَا يَصْنَعُهُ يَنْجَحُ. ”(مز 3:1)

وهنا ملاحظة مهمة في بعض الأحيان نجد آباء جدد يقومون بتأليف كتب بعد سنة واحدة من رسامتهم الكهنوتية.. أتعجب من هذا الأمر من أين لك المعرفة والخبرة أنت لم تحصل بعد على المعرفة الكافية تعودنا أن الأباء يكتبون بعد فترات كافيه يأخذون فيها الخبرة والمعرفة .

٤- وقت الصلاة:

من أهم المقومات في حياة الكاهن وقت التأمل والصلاة – إنفرد بذاتك – تعرف على الأبدية الله دائما جديد و يولد دائما .

التأمل فيه ميزة أنه بعيد عن عنصر الوقت يمكن تتأمل فى السماء وشكلها وماذا يفعل الملائكة فيها إلى أن تقول: لى اشتهاء أن أنطلق.

٥ – وقت الراحة:

الراحة لا تعنى الكسل، الراحة تدخل تحت بند الوصية التى تقول قدس يوم الرب وهى إحدى الوصايا العشر.

الكاهن عليه أثقال كثيرة في تَقَبُّل الاعترافات والتناول ومناولات المرضى والافتقاد، لكن في وسط كل هذه المشاغل لابد أن يكون هناك وقت للراحة الجسدية، في أيامنا هذه كثُرت أمراض المفاصل عند الناس لازم يكون هناك تمرينات رياضية ومشي وتحريك للجسم، دور على نفسك وشوف هل أنت تعمل هذه الأشياء.

هناك أدوار هامة في موضوع الأبوة ينبغي أن تضعها في اعتبارك:

أ. اعمل دائمًا مع الناس:

اشتغل مع الآخرين. أبوتك تظهر في العمل مع الآخرين وليس العمل المنفرد. الأبوة طاقة عمل مثل المايسترو، المايسترو لا يعزف على آلة لكن بيده يحرك كل الفرقة بعازفيها.

ب. ضع خطط لإشباع الاحتياجات الحقيقية للرعية:

ابحث عن كل شخص واشبع احتياجاته الحقيقية.

ج. الأبوة طاقة عمل في خدمة احتياجات الكل:

عندما تساعد بنت مثلًا في استكمال تعليمها أو توجد فرصة عمل لشخص ليس لديه عمل أو فرصة مشروع صغير لشخص يتعايش منه.

د. الأب لابد أن يكون له ذاكرة نشطة:

الأب لا ينسى أسماء أولاده ومن هم حوله ويناديهم بأسمائهم، الأب يحفظ أسماء أبنائه والتواريخ الهامة في حياتهم: أعياد الميلاد والزواج وغيرها ويعرف ظروفهم الاجتماعية يعرف رعيته الكبار والصغار. عندما أذهب لتدشين كنيسة أقول للشعب احفظوا هذا اليوم وهذا التاريخ ميلادي وقبطي هذا عيد لكنيستكم.

هـ. المتابعة:

في حالات المرض، السفر، الامتحانات، النجاح، اسأل عن أولادك في أوقات الامتحانات وساندهم وفي وقت النتائج اطمئن عليهم وافرح معهم.

و. الأب يحتاج إلى تدبير احتياجات أولاده:

إن كان هناك نوع من التدريب أو المنح الدراسية.

ز. الأب دائمًا يحفظ المواعيد:

إن أعطيت ميعاد الساعة السادسة لا تذهب الساعة الثامنة، فالأب لابد أن يحترم المواعيد.

خلاصه الكلام الأب يقدم الحب والشكر، يساعد الجميع، هو الذي يشجع ويعزي ويضمد الجراحات. يساعد الآخرين في كل وقت الأب هو الذي يسامح وينسى.

ربنا يبارك أبوتكم

صلى دائمًا:

يا رب أعطني روح الأبوة أُُطلب أن الأبوة التي عندك تنساب وتسري إلى أولادك وشعبك،

ربنا يحفظكم ويبارك خدمتكم

لإلهنا المجد والكرامة إلى الأبد آمين. “}

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات