قداسة البابا تواضروس الثاني.. صوم يونان وخمسة صور لنعمة الله!

د.ماجد عزت إسرائيل

تحدث قداسة البابا” تواضروس الثاني” البطريرك رقم (118) (تولى منذ 4 نوفمبر 2012م– وتم تجليسه في 18 نوفمبر 2012م وحتى كتابة هذه السطور أطال الله عمره سنين عدة وأزمنة سالمية)،في الاجتماع الأسبوعي الشهير بـــ(اجتماع الأربعاء)الموافق٢7طوبه١٧٣٦ش/ 5 فبراير ٢٠٢٠ م)،عن “صوم يونان ونعمة الله معنا” وهذا نصها.

أشار قداسة البابا” تواضروس الثاني”  إلى حلول صوم أهل نينوى الأسبوع المقبل- 9 فبراير 2020م- والذي يعطينا لمحة عن الصوم الكبير في طقسه والصوم الانقطاعي فيه، كما قال قداسته أن اجتماع الأسبوع القادم ملغى للتركيز في قداسات الصوم وقداس فصح أهل نينوى في اليوم التالي.

مدينة نينوى

نينوى –الموصل حاليًا- المدينة العظيمة التي ارسل الله يونان إليها ، وهى أخر عاصمة لأمبراطورية أشور، وهى تقع على الشاطئ الشرقي لنهر دجلة في العراق (شمال العراق) وخربت عام ٦١٢ق.م(٧ قرون ق. م) ،مدينة نينوى اسسها نمرود ونقرأ عنه في سفر التكوين أصحاح ١٠. ويونان النبي كان معاصرًا لثلاث أنبياء عاموس وهوشع وميخا، قصة نينوى قصة غريبة ومثيرة والسفر لا يسجل أقوال نبوة ولكن السفر يحكي مشهد من مشاهد حياة يونان النبي، يونان النبي عاش عمر طويل تعدى الثمانين ولكن يونان في حياته كلها كانت هذه الواقعة وسجلها، ويونان هو النبي الوحيد الذي استخدمه السيد المسيح وشبه بنفسه من بين كل أنبياء العهد القديم ، استخدم تشبيه يونان الذي ظل في بطن الحوت ثلاث أيام وثلاث ليالي كرمز ابن الإنسان ، القصة معروفة ولكن أريد أن أتكلم عن النعمة وصور النعمة في سفر يونان.وجميعنا نعرف القصة ونقرأها كل يوم في صوم يونان وهذا الصوم يمهدنا للصوم الكبير.

خمسة صور لنعمة الله التى يصنعها معنا وهي:

أولًا: نعمة التكليف

الله يكلف إنسان بعمل وإذا نظر الإنسان لنفسه يقول إنني لست قادر على هذا العمل، نعمة التكليف انه يحبنا ولذلك يرسلنا، مثل خادم صغير “إرميا النبي”عندما يقول “أنا ولد” فيقول له “لا تقل أني ولد” في عين الله يستطيع الإنسان أن يصنع الكثير، نعمة التكليف تحتاج من الإنسان أن يكون قلبه طائعًا لقب مطاوع وليس ملاوع وغير معاند، وعندما يكلفنا الله ويرسلنا … يشجعنا، قال ليونان” اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة ) أنا أكلفك برسالة لشعب كامل هذا تكليف عظيم في حد ذاته، والله عندما يكلفنا يحترم ارادتنا ويستخدمنا عن استحقاق وليس عن كرامة ولكن هذه عادة الله يستخدم غير المعروف ويصنع بهم عجبًا ، أول نعمة تعرفها أنه يمكن أن يستخدمك الله ويكلفك بعمل قد يتكرس شاب أو فتاة ويكون الله معه المهم أن يضع الإنسان نفسه في يد الله التي تشكل ولكن عندما يضع الإنسان فكره الخاص تضيع عليه هذه النعمة لذلك أيها الحبيب انتبه… لكل نعمة يكلفك بها الله وذلك ليس على نطاق الخدمة والكنيسة ولكن بصفة عامة.

ثانيًا: نعمة التأديب

التأديب لصالحك ولخيرك ومستقبلك، نزل يونان ونام في السفينة والبحر هاج والسفينة تضطرب وخاف البحارة وتخلصوا من البضائع فقاموا بالقرعة وعندما طلع يونان صنعوا معه تحقيق والقوا يونان من السفينة فصار سكون في البحر، وكان التأديب نعمة لتحرك قلب يونان والبحارة وركاب السفينة وتحرك قلبنا، هذا التأديب له نعمة خاصة والشاطر الذي يستغل التأديب ويونان كان شاطرحول جوف الحوت إلى مخدع صلاة ، نعمة التأديب… إذا البحر هاج عليك وسفينة حياتك اضطربت وظهر هناك حوت أعرف أن هناك بصيص من النور هو يد الله التي تحرك هذا الكون كله.

ثالثًا: نعمة التخليص

عندما هاج البحر القوا يونان ولكن الله كان يريد أن يعطيه نعمة الخلاص فيرتب الله حوتًا ،أمر الله الحوت أن يإتي بقرب السفينة ويفتح فمه وينتظر وامره أن يبتلع يونان ولكن لايقتله ويجهز له الهواء الذي يتنفس به، أنقذ الله يونان بالحوت وأنقذه بهدوء البحر، نعمة الخلاص التي قدمها الله ليونان عظيمة للغاية نعمة الأنقاذ بهذا الحوت والنعمة الأكبر عندما خرج يونان من جوف الحوت ذهب ونادى على نينوى وهو لا يصدق أنها ممكن أن تنال خلاص ” بعد أربعين يوم تنقلب المدينة” وكان يريد أن تنقلب المدينة ولكن أهل نينوى خذلوه ، نعمة الخلاص جائت ليونان وهو صائم وجائت لأهل نينوي وهم في صيام ، ان الله يمنحك نعمة خلاص في حياتك اليومية الله يعمل معنا كل يوم وكل وقت ويخلصك من شرور كثيرة لذلك نقول له” نشكرك على كل حال ومن أجل كل حال وفي كل حال”.

رابعاً: نعمة التتويب

أولًا ليونان رغم أن يونان في مسيرته دائمًا متذمر والله نبه بطريقة رقيقة “أنت شفقت على اليقطينة التي لم تتعب فيها وإلا ربيتها التي بنت ليلة كانت وبنت ليلة هلكت فإلا أشفق أنا على نينوى المدينة العظيمة …..)، نعمة التوبة للبحارة وركاب السفينة يقول عنهم الكتاب”خافوا خوفًا عظيمًا وذبحوا ذبيحة للرب ….”، توبة أهل نينوى التي كان به ١٢٠ ألف نسمة وكانت هذه البلد تتميز بلونين الأخضر واالأصفر، الأخضر الزرع نسمع عن حدائق بابل المعلقة والأصفر الذهب كانوا يطلوا المباني بصفائح الذهب دليل على الثراء الفاحش، وهذه رسالة لنا جميعًا بالتوبة، نحن لا نحتفل بالأعياد لأنها تاريخ ولكن الأعياد رسائل روحية لنا وتتكرر من سنة لسنة كفرصة للتوبة، وصوم يونان هو صوم للتوبة والكنيسة من حكمتها تضع هذا الصوم قبل الصوم الكبير ب ١٥ يوم وكإنها ثلاث قرعات استعد،انتبه سوف يأتي الصوم الكبير وهو أيام مختلفة تحتاج استعداد خاص فتضع الكنيسة هذا الصوم لينبه الناس أستغل نعمة التتويب وأستغل فترات الأصوام للتوبة.

خامسًا: نعمة التعليم

أولًا: نتعلم من الطبيعة الهواء والبحر والحوت كلها في يد الله، الطبيعة تعلمنا.

ثانيًا: الأحداث مثل ركوب السفينة والبحر الهائج، القرعة، الأحداث تعلم الإنسان.

ثالثًا: الأشخاص نتعلم منهم، يونان تعلم من البحارة وركاب السفينة وأهل نينوى وكنيستنا بها كتاب السنكسار (سير وأحداث تاريخ الكنيسة) نتعلم منه ونعيش بها، في هذا الأسبوع تحتفل الكنيسة بعيد الأنبا بولا ونعرف أنه عاش في السياحة ٩٠ عام ولكن لا نعرف له غير مقولة واحدة” من يهرب من الضيقة يهرب من الله” واتعجب …كلمة قالها واحد سائح في السياحة الروحية من ١٧ قرن وعايشه حتى الأن بقوتها.

رابعًا: نتعلم بالأمثال لأنه عندما جاء واحد ونادى بمنادات توبه فيجب أن تستجيب لها ولا يكن قلبك اصم واستجاب لها أهل نينوي كانت توبة جماعيه وكانت أقوى إرسالية في تاريخ الإيمان فرد بشر بلد وتابت بكاملها.

الخلاصة… أيها الأحباء أن النعمة لها صور عديدة وسفر يونان مليء بصور النعمة، نعمة التكليف يكلفه ونعمة التأديب يأدبه لينتبه ونعمة الخلاص ينقذه ويخلصه ونعمة التوبة يتوب ويتوب غيره وأخيرًا نعمة التعليم من كل مشاهد السفر، استعد للصوم الكبير بصوم يونان وحاول تقابل أب أعترافك وتجلس في جلسة روحية وتضع نظام وخريطة للصوم لتفرح بأيام الصيام، ويعطينا الله توبة ونقاوة، لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين.

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات