مريم عدلي تكتب فيروس كــورونـا” حـرب بيـولوجيـة أم تــطـور طـبـيـعي للسلالة

فى خضم مشهد مرتبك يمر بيها العالم إزاء جائحة “فيروس كورونا” الذى توغل في 170 دولة بين “الـفـاهـم” و”الـهبيـد”…كثرت التكهنات حول “نظرية المؤامرة” والتى اكتسبت زخمها من خلال مزيج من التصريحات الرسمية غير المبررة وضخمتها وسائل الإعلام الاجتماعية “السوسشيال ميديا” والشكوك التي أججها الإعلام والمسؤولون الحكوميون من اتهامات متبادلة بين القوى العظمى حول المتسبب في أزمة “فيروس كورونا المستجد” كإنتشارالفيروس ناتج عن فعل بشري منظم ومقصود تختفي وراءه غايات اقتصادية وسياسية , فضلا عن الزعم بأن الفيروس هو جزء من برنامج “سلاح بيولوجي” صيني ، تم هندسته بمعهد ووهان لعلم الفيروسات” “WIV …. الأمر الذى أشتدت إزاؤه حرب تصريحات إعلامية من قاده وساسة عالمين …
فجاءت تلك التصريحات بإن الفيروس تم صناعته في أفغانستان وأن الجيش الأمريكي كان ينشأ مختبرا بافغانستان فى ديسمبرالماضي , وكان يعمل علي نوع جديد من الغازات السامه فخرجت التجارب عن السيطرة وأدي لإصابة عشرات الجنود الأمريكان وفى ذات الوقت تم أرسالهم لعمل عرض عسكري في مدينة ووهان الصينية وبعدها بيوم واحد أعلنت الصين رسميا وجود وباء خطير يجتاح المدينة .
وأيضا إتهامات روسيا للولايات المتحدة الأمريكية بوجود مختبرات تتبعها تخبئ وراءها نية خبيثة، لاسيما بعد انتشار تقاريرمفادها أن “المختبر الحيوي الأمريكي” في “جورجيا” قد إختبر أسلحة بيولوجية قاتلة على مواطنين جورجيين” , ونوهت ، إلى أن واشنطن عملت على هذا السلاح البيولوجي وفق آلية لإنتقاله إلى إيران، بغية إنهاكها اقتصادياً ومحاولة عزلها بالكامل عن محيطها…… وتروج وسائل إعلام صينة عن كون الفيروس سلاحاً أمريكياً تمّ تطويره في مختبرات بيولوجية لاستخدامه ضد البشرية ضمن نطاق حرب بيولوجية مخطّط لها لخدمة أغراض اقتصادية.
وفي المقابل، سعت الإدارة الأمريكية إلى الترويج لفكرة وقوف الصين وراء إنتشار “فيروس كورونا” منذ البداية ، حيث إعتاد المسؤولون الأمريكيون وفي مقدمتهم ترامب على تسمية الفيروس”بالفيروس الصيني”، في نفس الوقت صرّحت فيه صحيفة “واشنطن بوست” أن الصين قامت بتصنيع فيروس كورونا لأغراض عسكرية.
وعلى الجانب الأخر نشر بحث فى مجلة “نيتشر العلمية ” أكد أنه لا يوجد دليل قاطع على أن الفيروس تم تصنيعه أو هندسته في مختبر ومن خلال تحليل بيانات تسلسل الجينوم العام لفيروس كورونا المستجد وأسمه العلمي “سارس كوف 2” أكد أنه نشأ من خلال الطبيعة , وبناء على تحليل النموذج الجيني للبروتين الخاص بالفيروس المستجد أستنتج البحث الذى شارك فيه باحثون من جامعات أدنبرة وكولومبيا وسيدني وتولين أنه جاء نتيجة للتطور الطبيعي وليس نتاج هندسة وراثية أو معملية.
أما الحرب البيولوجية بمفهومها…هى إستخدام كائنات حية “البكتيريا والفطريات والفيروسات والكائنات الدقيقة المعدلة وراثيا”، لإضعاف أو موت كائن آخر…. وقامت العديد من الدول بتأسيس مراكز علمية وتوظيفها لتطويرالسلاح البيولوجي , كما فعلت بريطانيا عام 1940 وتمكنت من إنتاج أول قنابلة بيولوجية معبأة بجرثومة الجمرة الخبيثة. وفى الحرب العالمية الأولى استخدم الجيش الألماني سلاح الجمرة الخبيثة، ومرض الرعام، والكوليرا كأسلحة بيولوجية,أما فى الولايات المتحدة عام 1942 تم تأسيس أول مكتب لبحوث الحرب البيولوجية في وزارة الدفاع ، وفي حرب فيتنام استخدم الجيش الأمريكي الأسلحة الجرثومية ضد قوات الفييت كونج ونتيجة لخطورة هذا السلاح وتسببه في كارثة إنسانية , وقع المجتمع الدولى على “معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية” عام 1972, لحظر واستحداث اوإنتاج اوتخزين الأسلحة الجرثومية تحت أي ظرف ولا يمكن امتلاك الأسلحة البيولوجية , كما أن مجلس الأمن هو المعنى بالتحقيق في أي خرق للمعاهدة … وبموجب هذه الاتفاقات، تعهدت الدول الأطراف بتقديم تقاريرسنوية عن مختبراتها..لكن غياب نظام التحقق من الالتزام بالمعاهدة قد حد من فاعلية هذه المعاهدة.
فى النهاية…أن كافة التصريحات والتحيليلات ساعدت كثيرا على الترويج “لنظرية المؤامرة” وترجيح كفتها نتيجة طبيعية لغياب المعلومة المؤكدة عن مصدر وطريقة إنتشار”الفيروس الجديد” والغموض الذي يحيط به وكيفية تطوره وعجزالمراكز البحثية المتخصصة عن اكتشاف لقاح مضاد له , كما لايوجد دليل قاطع على أن فيروس كورونا مطور، وأن كل هذا افتراضات قائمة على تصريحات لا على حقائق أو أدلة علمية , كما أنه لا يوجد دليل يثبت صحة وجود تدخل بشري في نشر الفيروس … فأننى هنا لست بصدد النفي التام “لنظرية المؤامرة” لإفتقارها للأدلة العلمية أو “التأكيد التام” على أن الفيروس نتاج تطور طبيعي في السلالة التي ينتمي إليها لكن ربما البحث العلمى فى المستقبل القريب هو من سيحسم هذه المسألة .

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات