“الشريعة الإسلامية زاد وقبلة .. القوانين الوضعية..وكتاب جديد للمستشار أحمد بدوى

 سنقوم وعلى عدد من الحلقات

بنشر كتاب المستشار أحمد بدوى

“الشريعة الإسلامية زاد وقبلة .. القوانين الوضعية

 لعله يكون عوناً للباحثين فى هذا الأمر

 وسنبدأ اليوم بنشر مقدمة الكتاب

مقدمة الناشر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم ، لم تعد قضيّة ((المناداة بتطبيق الشريعة الإسلامية في الدول الإسلامية)) بالمسألة الثانوية أو العابرة  بالإمكان غض الطرف عنها أو تجاهلها .

 لما للدين لدينا من خصوصية تتسامى عن أن يناله المساس أو الخدش ، إلا أننا نجد أن القانون السائد في كافة المجتمعات لا يخرج عن أن يكون تطبيقاً لتلك الشريعة الشاملة الكاملة غير أن هناك بعض القواعد القانونية التي أصابتها الانحراف عن أحكام الشريعة الإسلامية ، وأن تلك الفزاعة ما هي إلا درب من دروب التضليل التي تُفرض علينا وننساق إليها لأسباب تنتهي بنا إلى المزيد من الاختلاف والخلاف وترسيخ الخلافات ليس إلا  وعلى الرغم من أن مجرد النظر سطحيًا للمقارنة بين الشريعة الإسلامية السمحاء والقوانين الوضعية ما يجده بعضنا أو أكثرنا مساس بشريعتنا الإسلامية الشمولية إلا أننا يجب أن نتيقن بأن تلك القوانين الوضعية الحديثة ترتبط بعلاقات وطيدة بالشريعة الإسلامية خاصة فيما يتعلق بمرحلة تأسيس تلك القوانين الوضعية الحديثة ، وما يثير الدهشة أن تلك العلاقة هي علاقة الجزء بالكل أو علاقة الفرع بالأصل وهو ما ينهي الجدل الدائر حول السؤال الذي نبحث عن إجابات دقيقة عنه منذ فترة ليست بالقصيرة ـ وهي تشغل تقريبًا عقل كل مسلم، وتستأثر باهتمام المفكرين والمثقفين في العالم الإسلامي – وهو :

هل تطبق الدول الإسلامية أحكام الشريعة الإسلامية ؟

 وهو ما نحاول الاجتهاد في هذا المؤلف للإجابة عنه أو عن جزء منه .

لمّا كان بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية من الارتباط إلى الحد الذي يُعتبر فيه الثاني فرع من الأصل العام وهو الأول ، فإن لهذا الارتباط مدلولاته البعيدة والعديدة ، خاصة وأن هذا الارتباط ينطلق من روح الإسلام وديمومته وشموليته  وحركة الشريعة الإسلامية وحيويتها  بالقدر الذي يعبّر فيه عن مدى مواكبة هذا القانون الرباني لمتطلبات الزمان ومقتضياته .

ومهما قيل أو يقال من بعض الأوساط والأقلام المأجورة الموجهة التي لا يروق لها الحديث أو السير في هذا الاتجاه  ورغم تباين الاتجاهات في أوساط المدارس الفقهية ، فإن هناك شعورًا عامًا أخذ يفرض نفسه بقوة لا يرى ضرورة فتح هذا الملف أو التأصيل النظري لإطاره وإنما يرى وجوب غلق هذا الباب والنظر لكلاً من الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية على أنهما قطبين متنافرين لا ارتباط بينهما 

فإذاء التطورات المتلاحقة التي يشهدها العالم في عصرنا الراهن ، وفي ظل التراجع المروع للتيارات الإيديولوجية في غمرة تخلّف الأفكار المشوهة وعجزها عن تقديم الحُجج المقنعة ، فإن دور الإسلام ـ هنا ـ يزداد أهمية ويفرض عليه أن يسترد شموليته واعتلائه ووضعه الذي سُلب من المتأسلمين ، واعترافنا نحن المسلمون رغم أنف المدعين بأبوية الشريعة الإسلامية كونها « الأب الشرعي » للقواعد الأصلية للقوانين الوضعية الحديثة التي استفادت منها الإنسانية جمعاء .

لابد ـ بادئ ذي بدء ـ من إلقاء بعض الضوء على النصوص الشمولية للشريعة الإسلامية وأحكامها ومبادئها وضوابطها والجزاءات المقررة لقاء مخالفاتها ، بعيداً عن الأفكار المنحرفة والمفاهيم المغلوطة التي لصقت بها في فترات التراجع الحضاري المأجور ، وغياب الوعي وهيمنة الانحراف ولا ريب ، ليس هناك أقدر على معالجة هذه الإشكاليات من روّاد الإصلاح والتغيير ، لما يتسمون به من فهم عميق للإسلام وغيرة بصدقِ عليه، وبهذا تكون الشريعة الإسلامية قد استردت ما سُلب منها من قبل الغرب المستنسخين الذين قد استولوا على مبادئها وقواعدها الأصولية وقاموا بتطويرها أحياناً في ضوء ما تدعو له أحكام الشريعة الإسلامية نفسها من خلال القياس والتطوير إلا أنهم قد قاموا بالتطبيق الجزئي لمناهج الشريعة الإسلامية في القياس والتطوير دون التقيد بمبادئ الشريعة ومرجعيتها الفقهية الأصولية أحيانًا .

ونظرًا لأهمية المناقشة الموضوعية والتفصيلية للعلاقة بين القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية فإنني آمل أن تكون الأفكار والأُطروحات المثارة في هذا الكتيّب مساهمة جادّة في التأكيد على أن شريعتنا الإسلامية السمحاء المستنبطة من القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة هي قبلة وزاد القوانين الوضعية رغم أنف المدعين بتأسيس مدارس القوانين الوضعية الحديثة والمعاصرة ، في هذا المُنعطف الخطير الذي يمرّ به العالم الإسلامي ، وهو يتوثب لأخذ موقع متضائل تحت الشمس لا يتناسب وموقعه الحقيقي المستحق ، وفي وقت سُلبت فيه رسالة السماء ليُدعى باستنساخها  لقطاء النسب لمن لا يستحق أمثال : مدارس القوانين الوضعية الحديثة .

سائلين الله تعالى السداد والتوفيق .

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات