ماذا يريد ؟

بقلم:أنطوني ولسن/أستراليا
وصلني هذا الخطاب والذي بدوري أنقله لكم كما جاءني:
” عزيزي…
لا أدري ماذا أريد من وراء أرسال هذا الخطاب لك . أعرفك عن طريق كتاباتك ،ولا أظن أننا تلاقينا ،المهم أنني وجدت أن الكيل قد فاض بي ولا بد من مشاركة أحد معي في حمل هذا الكيل الذي فاض.فكنت أنت وأمرك لله تشاركني هذا الحمل.

أنا زوج مثل أي زوج في هذه الحياة. كل رجل منا يظن أنه هو الآمر الناهي وصاحب الكلمة الأولى في الحياة الزوجية. أعتقد أن هذا ما نحب أن نقتنع به نحن الرجال ونخدع به أنفسنا، على الرغم من أنه في أعماقنا نعرف تمام المعرفة أن هذا ليس حقيقة بل هو من صنع خيالنا.

الزوجة هي المرأة تحكمت فينا كأم، وعندما كبرنا وتزوجنا تحكمت فينا كزوجة. ربما يكون تحكم الأم يختلف لأن فيه الحنان والحب الحقيقي غير المغرض والذي يختلف عن حب الزوجة المبني أولا وأخيرا على الأغراض.

وان تحققت هذه الأغراض والتي يكون الزواج فيها هو الغرض الأهم. الزواج من فتى الأحلام والذي يكون أنا أو أنت أو هو. أما بقية الأغراض فعلي أنا وأنت وهو أيضا أن نحققها لها.

وان لم أحقق هذه فانا زوج فاشل، أناني محب لذاتي لا أعرف قيمة الزوجة ولا أعرف قيمة الزواج والحياة الزوجية وكل ما يخطر على بالك من ذنوب ومعاصي.
هذا ما أعاني منه طوال سنين زواجي. وعلى الرغم من وصولنا زوجتي وأنا إلى هذه السن المتقدمة،إلا أن “العكننة” و “النكد” لا يفارقاننا.

نبدأ صباحنا “بالعكننة “وننهي يومنا “بالنكد”.

ألعن نفسي واليوم الذي ولدت فيه واليوم الذي تزوجت فيه واليوم الذي هاجرت فيه إلى أستراليا .في بلادنا على الأقل قد تجد من يتدخل للأصلاح بيننا.

لكن هنا لا تدخل يصلح لأنها بلد “النسوان”وعلينا نحن الرجال أن نخضع لهن وإلا .إن طلبت لنفسي شيئا فلا يجاب طلبي.

قد يجاب طلب أحد أحفادنا قبل طلبي .إن فاض بي الكيل وارتفع صوتي، فأنا في نظرها ونظر الأولاد ما زلت أعيش في عصر “سي السيد”ولا أعرف أن الحياة هنا تختلف ويجب عليّ أن أعمل على خدمة نفسي بنفسي.

أنا لا أستطيع.آه أنت تريد أن تستعطف الأولاد حتى “يحنوا”عليك ويهتموا بك. لقد كبرت على هذا “الدلع” أصرخ وأقول أنا لا “أتدلع”.

لكن هل من مصدق؟لا..فأنا كبرت و”خرفت”ولا أصلح لشيء ، وهكذا الحياة يا سيدي من يوم إلى يوم والشريط السينمائي لا يتغير.

مللت هذا الشريط،ومللت هذه الحياة.

ماذا أفعل وأنا في هذه السن المتقدمة والتي تجعلني لا أستطيع أن أتخذ قرارا والتي جعلتني أشعر وكأن زوجتي وجدت في هذه الفرصة طريقا لها للأنتقام مني وتعذيبي .

كلما أفكر في الوقت الذي كنت أتمنى فيه أن نعيد أيامنا الحلوة معا يشارك كل واحد منا في إعادة الحياة والأحلام التي حلمناها سويا.

لكن مع من أتحدث؟من حلم وكافح وحقق الأحلام؟ أنا!.لا.إنها هي التي حلمت وهي التي كافحت وربت الأولاد.

وهي لها الفضل في ما هم عليه الآن.

لو لم تكن هي لكان البيت قد انتهى وتهدم على رؤوس الجميع.

هي المصعد الصاعد.وأنا الدرج الهابط.

هذه هي حياتنا ولا أعرف ماذا أريد من كتابتي اليك.

لكن الشيء الوحيد الذي عرفته الآن،أن عبئا ثقيلا قد أنزاح عن كاهلي.

وأعتقد الآن أيضا أنني أستطيع أن أتنفس الصعداء وأقول ها أنا قد وجدت من أتحدث إليه، وأنني يا صديقي لا أنتظر منك ردا على رسالتي ،لأنها بدون توقيع أو عنوان.انها فقط من قاريء في المهجر .. وشكرا”.
إلى هنا انتهت الرسالة. ولا تعليق عندي.
كلام .. وكلام
** أجمل ما في الحياة .. حلو ذكرياتها .
وأجمل ما في الذكريات.اليوم الذي عرفت فيه قيمة نفسي.
** الحياة طريق مهما طال مسدود.
** الدنيا كالمرأة ظاهرها ناعم وهاديء.. وباطنها خشن وغادر.
** الواهم هو من ظن أنه نجح في خداع الناس بارتداء ثوب غيره.

نقلا عن الأهرام الكندى

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات