مراكب الشمس والصعود إلى المجد .

فى شهر يناير عام 1946 ميلادية كان العمال يقومون بتنظيف منطقة أهرامات الجيزة تمهيدا لزيارة العاهل السعودى الملك عبدالعزيز آل سعود الذى كان من برنامج زيارته للبلاد زيارة منطقة الأهرامات

وعندما كان الملك عبدالعزيز والملك فاروق الأول آخر ملوك مصر يركبان العربة الملكية وأثناء سيرها بجوار الضلع الجنوبى للهرم الأكبر بالجيزة لاحظ الملك عبدالعزيز أن العربة تسير فوق تل أعلى قليلا من باقى المنطقة فنبه الملك فاروق إلى ذلك فأعطى الملك فاروق أوامره إلى الفرنسى “دوريتون”

وكان رئيس مصلحة الآثار فى ذلك الوقت لتنظيف والحفر فى هذه المنطقة، وبدأت الحفائر والتنظيف وكان مفتش الآثار المسئول فى ذلك الوقت هو الأثرى محمد ذكى نور والصحفى والمهندس كمال الملاخ

وأثناء عملية التطهير ظهر جدار من الطوب اللبن وعند الوصول إلى قاع الجدار ظهرت 42 قطعة من الحجر الجيرى تغطى فوهة حفرة كبيرة، وفى يوم 26 مايو عام 1954 ميلادية تم فتح فوهة الحفرة وكانت هذه الحفرة هى مكان دفن مركب الشمس الخاصة بالملك خوفو وشم الجميع رائحة خشب الأرز المصنوع منه هذه المركب وقام المهندس كمال الملاخ بمسك مرآة عاكسة لآشعة الشمس داخل الحفرة ليرى ذلك الكشف العظيم

وقد أشار الملاخ نفسه إلى فضل الملك عبدالعزيز فى الكشف عن هذه المركب.
وقد كتب الملاخ فى كتابة عن مراكب الشمس يقول:” إذ كان لمصر النصيب الأكبر من عجائب الدنيا السبع لعالمنا القديم وكان لمصر أثنتان منهما وهى الهرم الأكبر ومنارة الإسكندرية بل كان هناك عجيبة واحدة لكل من الحضارات القديمة المتناثرة عن ما ذكروا تمثال الإله زيوس فى أولمبيا وضريح هالسيكا وحدائق بابل المعلقة ومعبد الإلهة أرتميس فى أفسوس وتمثال رودس العملاق”.

ومراكب الشمس يطلق عليها مراكب خوفو، وتجسد هذه المراكب أحلام الإنسان منذ فجر التاريخ لغزو الفضاء، وتتكون هذه المركب من 1224 قطعة من خشب الأرز وطولها حوالى 14 متر، وعرضها حوالى 6 متر، وتحتوى على 12 مجداف.

وكان هناك أنواعا من السفن لإمداد الملك المتوفى بتبديل مادى عن السفن التى عساه أن يحتاج إليها فى الحياة الأخرى وكان هناك مركبتين يركب فيهما إله الشمس أحدهما فى رحلة النهار وتسمى “معنجت”، والأخرى لرحلة الليل وتسمى “مسكتت”، وتدلان على مركب الشمس، وكانت هذه المراكب وثيقة الصلة بالمعتقدات الدينية الخاصة بالبعث بعد الموت، ويكبر الملك فوق المركب الذهبى إلى السماء ليصبح فى زهوة شباب العمر قوى يتحرك على ساقية ويسمونه هنا فى أكمل صورة للإله رع عندما يعلو تماما قمم الأهرامات والمسلات حيث لا ظل ولا ظلال ثم يتجه فى إنحناءة السماء نحو الغرب حيث يظهر منحنى الظهر مستعينا بعصا يتكأ عليها وهنا يتغير إسمه للمرة الثالثة إلى آتوم “رب الشمس عند الغروب” وعلى المركب أن تختار 12 بوابة فى النهار، و12 بوابة فى الليل ومن هنا تم تقسيم اليوم إلى 24 ساعة.

وكان هناك بعض أنواع أخرى من المراكب استعملها المصرى القديم، ومنها المراكب الدينية وهو نوع رمزى من المراكب كان خاصا بالإله فقط وتوضع هذه المراكب غالبا بقدس الأقداس “مكان وضع تمثال الإله فى المعابد”، وكان الكهنة يحملون المراكب وبداخلها تمثال الإله كى يزور المعابد الأخرى، والنوع الثانى من المراكب هى المراكب الجنائزية وكان يستخدم هذا النوع من المراكب فى نقل مومياء الملك لزيارة الأمكان المقدسة الخاصة بالآلهة المتنوعة، وكان يستخدم أيضا هذا النوع فى نقل جثمان الملك من قصره الذى يقيم فيه إلى الجبانة حيث يوجد هرمه

أما النوع الثالث من المراكب فهى المراكب الدنيوية وكانت تستخدم فى النيل لنقل الجرانيت من محاجر أسوان أو لنقل المسلات إلى المعابد وكانت تستخدم فى السفر إلى الجنوب، أما النوع الرابع من المراكب فهى المراكب الحربية والتى استخدمت فى الدولة الحديثة والمصورة على جدران معابدها، أما النوع الخامس من المراكب فهى مراكب النزهة وهى التى استعملها المصريون القدماء للنزهة فى النيل وتوجد ممثلة على جدران المقابر بالإضافة إلى المراكب الشمسية الخاصة بالإله رع كى يبحر بها وتجدف له النجوم وتستعمل المجاديف وأسنانها المدببة لقتل الحيوانات والأرواح الشريرة الموجودة فى العالم الآخر.

وقد استطاع المرمم “أحمد يوسف” عبقرى الترميم أن يعزف أجمل الألحان بيديه الزهبية ليعيد المركب إلى حالتها الأولى ويُضيف إلى أثارنا قطعة جديدة رائعة، وقد أُقيم متحفا لهذه المركب فى موقع اكتشافها وتم إفتتاح المتحف عام 1982 ميلادية، وهذا المتحف هو المتحف الوحيد فى العالم الذى يضم قطعة أثرية واحدة وهى مركب خوفو،

وقد أُقيم المتحف على شكل المركب ويضم المتحف بعض القطع الحجرية التى كانت تغطى الحفرة، والمتحف يضم أيضا بعض الماكتات الخشبية للمركب وبعض الصور للمركب أثناء العمل بها واكتشافها والحبل المستخدم فى رفع الكتل الحجرية ، وبعض الأدوات الظرانية والخشبية التى كان يستخدمها المصرى القديم ويضم المتحف صورا للمرمم أحمد يوسف أثناء ترميم المركب والأدوات المستخدمة فى عملية الترميم، كما يضم المتحف مكتبة للمراجع والكتب بعدة لغات خاصة بالحضارة المصرية القديمة بصفة عامة، ويضم أيضا ركنا للتحف والهدايا.

نقلا عن الأهرام الكندى

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات