حمادة إمام يسأل : من يجهض ثورات الفلسطينين ؟

كلما انتفض الفلسطينيون وامتلأت شوارع القدس وتصدرت صور غضبهم الصحف والفضائيات يسأل الناس لماذا لا يتدخل حكام العرب ويساندوهم ويمدوا لهم يد المعاونة حتى ولو بالكلام وهو اضعف الايمان لكن هذا التساؤل سرعان ما يتبدد عندما ينبش فالناس فى التاريخ ويقلبوا صفحاته وليتكشفوا ان موقف بعض حكام العرب من القضية الفلسطينية ليس بجديد فما يحدث اليوم سيبق وان تكرر قبل ذلك مرات منذ بدأت بريطانيا مخططها لزرع الصهاينة فى الأراضي الفلسطينية
ولعل موقفهم من ثورة البراق التي وقعت احداثها عام “1929” هو خير دليل على هذا الكلام.
فالبراق عبارة عن حائط بحي الحرم الشريف ويقال أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد عرج منه إلى السماء في ليلة الإسراء وأن البراق ربط في تلك الليلة في الغرفة التي يدخل جزء منها وسط الحائط الغربي ويسمى هذا الحائط البراق، والمسلمون وهم يملكون الحرم الشريف يملكون أيضاً الحائط الغربي منذ أكثر من ألف وثلاثمائة عام والرصيف الملاصق لهذا الحائط والذي يقف عليه اليهود عند قيامهم بفروض الصلاة وقف إسلامي مؤيد لدى متولي الوقف وقد عنى به المسلمون على مختلف الأزمان عناية خاصة.
وحائط البراق هو في الوقت نفسه حائط المبكي وآخر آثار الهيكل اليهودي الذي هدمه الرومان يؤمه اليهود ويبكون مجدهم الغابر، وقد سمح لهم المسلمون منذ القرون الوسطى بزيارة هذا الحائط على أن يكتفوا بالزيارة وفي يوم الصيام المعتاد المعروف باسم تسعة “آب” والذي يحتفل فيه بذكرى آخر هيكل لليهود
جرت العادة عند اليهود ممن يكونون بالقدس أو بالقرب منه ويستطيعون زيارة الحائط أن يقوموا بهذه الزيارة بشرط احترام قدسية المكان الإسلامي. ولكن ومنذ انتهاء الحرب العالمية أخذ اليهود يفكرون في تثبيت حقوق واسعة لهم في هذا المكان عن طريق الحال الذي كان موجوداً قبل الاحتلال، وبدأوا خطواتهم الأولى عام 1919 بما قدموا من عرائض رسمية نشروها في مقالات عديدة، لدرجة نشر صورة هيكل جديد مكان مسجد قبة الصخرة ونشروا الصور يعلوها العلم الصهيوني. وفي عام 1929 وعقب انتهاء المؤتمر الصهيوني السادس عشر الذي عقد بزيورخ في شهر يوليو وتقرر فيه طلب فتح باب الهجرة على مصراعيه، عقد أول اجتماع تأسيسي للوكالة اليهودية خلال الفترة من 28 يوليو إلى 11 أغسطس وأرسلت الوكالة رسالة إلى حاكم مدينة القدس أكدت فيها على ان عدداً من الشباب اليهودي يريدون زيارة حائط المبكي، وقد وافق حاكم القدس بشرط عدم الهتاف أو رفع الأعلام والتظاهر احتراما لمشاعر المسلمين.
ولكن وبمجرد وصول موكب اليهود إلى حائط المبكي ارتفعت الأعلام وحاولوا عمل ستائر حول حائط البراق وأخذوا ينشدون نشيد هاتيكفا وهو النشيد اليهودي وأخذوا يرددون قولهم الحائط حائطنا عار على الذين يدنسون أماكننا المقدسة، عار على الحكومة. الأمر الذي أثار المسلمين وهبوا للدفاع عن المسجد الأقصى، وبدلا من منع اليهود قامت الشرطة البريطانية بضرب المسلمين وإلقاء القنابل على المسجد الأقصى.
وقد كان من المتوقع ان يتدخل ملوك العرب في ذلك الوقت الانهم اكتفوا برسالة الى ملكة بريطانيا تضمنت الاثر السيئ الذى احدثه تدخل القوات البريطانية لصالح
ولعل ما حدث عام “1936” هو أخطر دور لعبه حكام العرب في خدمة اليهود، وهذا العام هو الذي شهد قيام أول ثورة فلسطينية حقيقية بعد أن تأكد الفلسطينيون أن عدوهم الأول هو بريطانيا. وقد اشتعلت الثورة ولاقت تأييداً من كافة دول العالم الإسلامي، وأصبحت بريطانيا في موقف لا تحسد عليه لدرجة أنها بدأت تعيد حساباتها بشأن وضع فلسطين بعد أن بدأت رياح التمرد تظهر بين المسلمين وتؤيد الثورة,هنا لجأت بريطانيا إلى الملك عبد العزيز ال سعود لتهدئة الوضع
فقام يوم 13 يوليه 1936 بإرسال رسالة إلى عبد الله بن الشريف حسين أمير الأردن يقترح فيها التقدم لتوجيه نداء عام يشترك فيه سموكم وجلالة الأخوين الملك غازي والإمام يحيى ندعو فيه أهل فلسطين لتوقف الاضطرابات ليفسحوا للحكومة البريطانية المجال لإنصافهم في جو هادئ، فإن مثل هذا النداء إذا قبل ووقفت الحركة، بعده يكون لنا جميعا وجه عند الحكومة في رجائها بقبول مطالب أهل فلسطين وإنصافهم. وفي يوم 12 أغسطس من نفس العام أرسل إلى اللجنة العربية نداء داء فيه أن الواقع في بلاد فلسطين قد آلمنا كما آلم كل مسلم وعربي ومن أجل ذلك توالت المراجعات والمداولات منذ مدة بيننا وبين جلالة الملك يحيى والملك غازي. وبريطانيا على استعداد لنظر قضية فلسطين بعين العطف بعد أن تهدأ الحالة.
واستجابت اللجنة العربية وأهل فلسطين لنداء بابا الإسلام وتوقفت المظاهرات وهدأت إلى الحالة التي استطاعت فيها بريطانيا توسيع قبضتها وإحكام سيطرتها على البلاد وانتظر أهل فلسطين نظر بريطانيا إليهم بعين العطف حول مطالبهم.
وكان رد بريطانيا حول مطالب أهل فلسطين هو ما قيل تحت قبة مجلس العموم في 4 نوفمبر 1936 والذي أعلنه وزير المستعمرات البريطاني والذي جاء فيه: لم تتقدم حكومة صاحبة الجلالة بأي طلب على الإطلاق إلى أن من الحكام العرب للمساعدة أو المشورة فيما يتعلق بفلسطين وأن الحكام العرب قد أبدوا تلقائيا وبالطرق السلمية رغبتهم في استخدام نفوذهم لدى عرب فلسطين لصالح السلام، وقد أخبروا رداً على استفساراتهم بشأن موقف حكومة صاحبة الجلالة من القضية أن الحكومة ليس لديها اعتراض على أن يوجه الحكام العرب نداء إلى عرب فلسطين بإيقاف الاضطرابات وحملات العنف شريطة أن يكون غير مشروط، ولم تقدم حكومة صاحبة الجلالة أية تعهدات أو دعوة صريحة أو ضمنية، كما أنه كان واضحا تمام الوضوح للحكام المعنيين أن حكومة صاحبة الجلالة غير مستعدة للدخول في أي نوع من التعهدات على الإطلاق.
المصادر
العلاقات السعودية البريطانية..فوزى اسعد
فى قبضة الاخطبوط ..دونالد كودادر
المخابرات الاسرائيلية..مجدى نصيف
الوعد الثانى لبنى اسرائيل …جلال عبد الفتاح
الموساد والاخفاقات الاخيرة ..مروان توفيق
المخابرات الامريكية من التأسيس الى العهد ..ابى ضاهر
اوراق الموساد المفقودة ..جاك تيلور
الخداع عن طريق الخداع ..فيكتور اوستروفسكى
الجاسوس 288….عبد الله يسرى
الجمعيات السرية…نورمان ماكنزى
اطول الحروب..جاكو بوتيمرمان
الامن القومى…عميد محمد عبد الكريم نافع
نقلا عن الأهرام الكندى

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات