القاع

لا تندهش يا عزيزي إن وجدت بشر ينتمون لموطنك، يجاورونك السكن، ويتشاركون معك في الهواء الذي تتنفسه.. يتعاطفون مع مجرم ارتكب جريمته بدم بارد على مرأى ومسمع من الناس وكاميرات المراقبة، معترف بجريمته، متعمد مع سبق الإصرار.. ومن ثم يجمعون له تبرعات في محاولة لإنقاذه
لا تندهش فهذا يتسق تمامًا مع القاع. لا تندهش يا عزيزي إن وجدت سيدة ترى في نفسها وأقرانها من النساء أنهن لسن إلا جواري لإمتاع الرجل
تنهش في عرض المجني عليها وأهلها، وتسبهم بأبشع الألفاظ والتهديدات لصالح الجاني الذي تراه مجني عليه.. فهذا يتسق تمامًا مع القاع. لا تندهش إن سمعت جيران الجاني يمدحون خُلقه وتفوقه وتدينُه
حيث أنه لا يُسمع صوته إلا حين يضرب أمه وأخوته البنات.. فالناس في بلدي يرون أن ضرب الأم والأخوات ليس إلا مجرد ضجيج يصدُر من شاب ذو خُلق.. فهذا يتسق تمامًا مع القاع.
لا تندهش حين يتطوع القادرون لتوكيل أكبر محام في مصر للدفاع عن الجاني، رغم مرضه واعتزاله.. إلا أن بضعة ملايين قد تضاف لرصيده الضخم، قادرة على تأجيل قرار الاعتزال.. فهذا يتسق تمامًا مع القاع. لا تندهش حين يخرج شيخ عالم نجم يلمع في سماء الإعلام.. مبررًا الجريمة، حيث أن الضحية ليست (قُفة).. فهذه الصورة هي ما يريدها فضيلة الشيخ في كل أنثى.. لحمايتها من القتل .. وبهذا فكل من لا تقبل أن تصير (قفة) فهي هالكة ومشاركة في الجريمة فهذا يتسق تمامًا مع القاع.
لا تندهش حين يسمح رئيس إحدى الجامعات المصرية بتعليق صورة الضحية بقصد تكريمها.. بعد أن غطوها بطرحة (فوتوشوبية) وكأن كل انثى بلا طرحة عارية.. فهذا يتسق تمامًا مع شيخ (القفة)، وجماهير العقل الجمعي الذين يقودون الأمة.. وهو بالفعل يتسق تمامًا مع القاع.
لا تندهش يا عزيزي حين تختزل جريمة مكتملة الأركان في طرحة الضحية.. ويختزل انتصار رياضي عالمي غير مسبوق، في ملابس البطلة.. ويختزل التدين في (قفة).. فهذا يتسق تمامًا مع القاع.
لا تندهش حين يتسابق الناس في مشاركة الجاني في جريمته، ويتبارون في مواصلة عملية القتل، ويتفاخرون كونهم لازالوا يطعنون شابة لاقت وجه ربها ودُفنت منذ بضعة أيام.. فالرحمة والعدل والضمير والإنسانية والتدين الحقيقي لا يتسق مع ما وصلنا له من القاع. لا تندهش.. فالقاع يليق بنا.
فيليب فكري

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات