فى الذكرى ال “41”لاغتيال السادات الانفتاح الاقتصادي وتخلى الأمريكان أسباب عجلت بقتله

حمادة إمام

نجحت السعودية فى نوفمبر 1979 تحويل بواعث ودوافع مقاومة الافغان للغزو الروسي من طرد محتل الى حرب لتحرير أرض مسلمين من يد كفار، وتحولت المقاومة إلى نوع من الجهاد ضد المشركين. مستغله فى ذلك منابر المقدسات الاسلامية الموجود على ارضها ونفوذها المعنوى فى كافة البلاد الإسلامية وكذلك سيطرتها على المراكز الإسلامية والجمعيات الخيرية المنتشرة فى كافة بلاد العالم ولعب التنظيم الدولى لجماعة الإخوان دور رأس الحربة فى حشد المجاهدين من كافة دول العالم

اجتماع الإخوان بالقاهرة

فى القاهرة عقد مكتب الإرشاد الإخوانى بمقره بالتوفيقية اجتماعًا حضره كل من الشيخ عمر التلمسانى وحسن عبد الباقى وأحمد الملط وفريد عبد الخالق.

وكان الاجتماع يهدف إلى مناقشة سبل دعم التنظيم العالمى للإخوان المجاهدين الأفغان.

السمة الغالبة على لغة الخطاب فى الحوار داخل مكتب الإرشاد كانت تهدف إلى أهمية سيطرة الإخوان على حركة المقاومة الأفغانية.

باعتبار أن نجاح الجهاد الأفغانى وتركيز قيادة حركة المجاهدين الأفغان فى يد عناصر إخوانية قد يصل فى المستقبل فى حالة خروج الروس أن تكون أفغانستان أول دولة يسيطر عليها حركة الإخوان.

واهتدى تفكير الحاضرين إلى السبيل الأوحد لإمكانية سيطرة الإخوان على حركة المجاهدين وهو تركيز تمويل الحركة فى يد أحد العناصر المنتمين إلى الإخوان المسلمون ، واتفق مكتب الإرشاد على دعم الأفغان “عبد الرؤوف سياف” باعتباره إخوانيًا وسبق وأن قدم البيعة وأعلن ولاءه لحركة الإخوان

وكان الدافع وراء اختيار “عبد الرؤوف سياف” عدم وجود جبهة سياسية موحدة بين جماعات المقاومة مع استحالة القيام بترتيبات سياسية داخلية على طول البلاد ومع وجود فراغ فى الزعامة لم يكن هناك قوة واحدة تستطيع توحيد جبهة المقاومة سوى الدين، خاصة أن حركة المقاومة الأفغانية

ومنذ سيطرة الشيوعيين على الحكم كانت محصورة بين الأحزاب الإسلامية التقليدية والأحزاب الإسلامية الثورية والعلمانيين.

وعلى مدار عمر حركة المقاومة فشلت التقسيمات الثلاث حتى فى إحداث نوع من الوحدة تحت قيادة زعامة أى رئيس من رؤساء الأحزاب الثلاثة حتى ولو على أساس دورى وأصبحت حركة المقاومة تتحرك دون وجود زعيم يجمع شتات الحركة.

اختيار الإخوان لعبد الرؤوف سياف

حتى وقع اختيار قادة الإخوان على عبد الرؤوف سياف كمرشح إخوانى لتولى الزعامة والذى قد خرج لتوه من السجن.

وأضاف الدعم والتمويل الإخوانى الذى كان يجمع من الدول العربية وإرساله إلى “سياف” ميزة تختلف عن باقى زعماء المقاومة المنتمين إلى الأحزاب الأخرى.

واستطاع سياف أن يشكل جماعة شبه سرية قامت بتنفيذ العديد من الهجمات الناجحة ضد الروس وقدمت “سياف” كزعيم دينى يملك المال والعتاد.

وحقق للإخوان أحد أهدافهم نحو إقامة دولة إخوانية.

بمجرد دخول الروس أفغانستان، أعلنت الولايات المتحدة أن تمسكها بالوفاق الأمريكى الروسى قد نقض حيث كان هناك اتفاق أمريكى روسى على بقاء أفغانستان دولة محايدة غير منحازة فى مجال النفوذ لأى من القوتين.

وبالتحرك الروسى ناحية التوسع فى الأراضى الأفغانية اعتبرت الولايات المتحدة أن هذا حادث له متضمناته الإقليمية والعالمية المؤثرة على مصالح الولايات المتحدة فى منطقة بالغة الحساسية.

ولكن هذه الحساسية لا بد وأن تضع فى الاعتبار أن رد الفعل العسكرى مستحيل حتى على مستوى الدول المجاورة لأفغانستان، بالإضافة إلى أن هناك اتفاقًا غير مكتوب بين الروس والأمريكان يتعلق بنوعيات الأسلحة التى يدخلها كل طرف للآخر فى منطقة نفوذه.

تمويل المقاومة الأفغانية

فكان الحل الوحيد هو تمويل المقاومة الأفغانية على مستوى العمل الداخلى وعلى المستوى الخارجى فإن التحرك الأمريكى سيكون مجاله الدبلوماسية الأمريكية ويتمثل فى إصدار البيانات وعقد المؤتمرات للتنديد بالغزو الروسى وتكاليف هذا الجزء من الناحية المالية والبشرية.

بحيث يصبح الغزو الروسى قضية ماثلة أمام العالم كله.

ويجب أن تشارك فى تلك المقاومة جميع الدول التى ترى تهديد روسيا لها من غزو أفغانستان.

بالإضافة إلى ذلك فإن دخول الولايات المتحدة بشكل علنى فى دعم المقاومة يكسب الولايات المتحدة ميزة هامة فى التعامل مع الدول الإسلامية يحقق مزيدًا من النفوذ الأمريكى فى المنطقة.

كان وراء مخاوف السادات من الغزو الروسى لأفغانستان عاملان أساسيان:

الأول داخلى والثانى خارجي.. وكل من العاملين أكد له أن السياسات الاقتصادية التى تبناها بما فيها الانفتاح الاقتصادى وحرب أكتوبر لم تستطع أن تقضى على الوجود الشيوعى والناصرى فى الشارع المصري.

وعجز السادات أن يجد له مكانًا وسط القوى السياسية وبجانب السياسة الخارجية المصرية فى تلك الفترة كانت قد أصيبت بعدة هزائم أمام التعنت الإسرائيلى فى تقديم أى تنازلات ناحية اتفاقية السلاح.

حتى أصبح السادات معزولا عن العالم العربى وعن الوطن المصري.

وكانت الأجواء وقتها تكشف أن صدامًا ما على وشك الوقوع بين السادات والقوى اليسارية بكافة درجاتها.

ففى داخل المؤسسة الدينية التى يمثلها الأزهر وقع صدام بين شيخ الأزهر والشيوعيين.

شيخ الأزهر والتخلص من 48 من اعضاء هيئة التدريس

فقد تقدم شيخ الأزهر بطلب التخلص من “48” من أعضاء هيئة التدريس والمعيدين وذلك بحجة أنهم موفدون من بلاد اشتراكية ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد. بعد أن قام الإمام بعرض قائمة الأسماء غير المرغوب فيها على الجماعات الأخرى لتختار منها ما تشاء.

وبدأت أولى المصادمات باستدعاء الحاصلين على الدرجات العلمية للمثول أمامه وإعلان توبتهم ثم أقدم على خطوة غاية فى الجرأة وذلك بإنهاء عقود أساتذة اللغة الألمانية فى كلية اللغات وذلك بحجة أنهم حاصلون على درجاتهم العلمية من ألمانيا الشرقية، بالإضافة إلى إصدار قرار مكتوب بوقف إيفاد أى بعثات علمية إلى دول الاشتراكية، بلغ الأمر ذروته بطلب شيخ الأزهر ضرورة كتابة كل عضو من أعضاء هيئة التدريس جنسيته وديانة زوجته.

هذه كانت الصورة داخل المؤسسة الدينية أما عن الصورة داخل المؤسسة التشريعية فكانت أكثر وضوحًا فى التأكيد على حتمية الصدام بين اليسار بكل درجاته ومسمياته والسادات.

فتحت قبة مجلس الشعب وقف ممثل حزب الوسط وهو الحزب الذى كان يرأسه السادات.

السيد محمود أبو وافية سكرتير الحزب والرجل الثانى فى الحزب يتهم اليساريين المصريين بالعمالة والخيانة.

وأن ولاء الماركسيين المصريين للاتحاد السوفيتى وليس مصر.

وفى السياق ذاته قاد الشيخ صلاح أبو إسماعيل وعلوى حافظ هجومًا عنيفًا على عبد الناصر وعصره.

وكان هجوم الاثنين معًا يعد تعبيرًا عن وجهة نظر السادات خاصة وأن العضو الأول ممثل لجنة الشئون الدينية.

والثانى يشغل منصب السكرتير المساعد.

استمرار الخلافات حتى1977

واستمرت الأجواء الخلافية تأخذ الشكل الطبيعى فى التصاعد حتى جاء يوم 18 يناير سنة 1977 كان الرئيس السادات فى مقره الشتوى بأسوان يقضى الشتاء كعادته وفى الوقت ذاته كان يستعد لاستقبال الرئيس اليوغسلافى تيتو وقبل وصول الريس تيتو كان السادات يجلس فى شرفة الاستراحة ومعه صحفية لبنانية تجرى معه حوارًا.

وأثناء الحوار توقف السادات فجأة عندما شاهد أعمدة الإنارة تعلوها الأدخنة فسأل الصحفية ما هذا؟ فأجابته ربما تكون مظاهرات القاهرة قد وصلت هنا، ولم ينتبه السادات إلا مع دخول محافظ أسوان مذعورًا طالبًا منه مغادرة الاستراحة لأن المظاهرات فى طريقها إليه فهرب السادات تاركا كل شيء وركب طائرته.

وفى الطائرة بدأ يستعيد الذاكرة ويستذكر الدوافع والعوامل التى أدت إلى قيام المظاهرات مسترشدًا فى ذلك بالشعارات التى كانت ترددها الجماهير والتى لم تخرج عن شعارات الفقر والجوع.

المصادر: خريف الغضب ..هيكل

عرفت السادات : محمود جامع

اغتيال فرعون : حسنى ابو اليزيد

الاخوان وانا : فؤاد علام

نقلا عن الأهرام الكندية

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات