علاقات مصر والسودان أزلية وشاملة جزء ١٦

تتسم العلاقات بين مصر والسودان بأنها أزلية، ذات إرث تاريخي بينهم صلة نسب ومصاهرة تتجاوز العلاقات السياسية بين البلدين مهما اختلفت وتغيرت الأنظمة الحاكمة فهي علاقة أزلية تربط بين شعبي وادي النيل في مصر والسودان، ويزكي هذه العلاقات ويدعمها أن البلدين يجري فيهما شريان واحد، يمد كل منهما بالحياة متمثلاً في نهر النيل.. الذي يمثل لهما مرتكزا وأساسا قويا للعديد من مشروعات التعامل، وتحرص مصر دومًا على إقامة علاقات تدعم أواصر التعاون في شتي المجالات بالنظر إلي ما يربط البلدان من وحدة الأهداف والمصير
ولم يكن استقلال السودان مصدر إزعاج وقلق بالنسبة لمصر بل كانت العلاقات السياسية بين البلدين دائما تتسم بالاستقرار وظلت القاهرة دائما حريصة على استقرار الخرطوم وأمنه لارتباط ذلك بصورة مباشرة بأمنها القومي على الرغم مما شهده هذا البلد من تطورات على المستوى السياسي لاسيما على مستوى تغيير الأنظمة الحاكمة أو على مستوى أزمات الجنوب وأزمات دارفور وغيرها هي الأزمات التي حرصت مصر على التعامل الإيجابي معها حتى لا تؤثر بالسلب على أمنها واستقرارها.
وتحرص السياسة المصرية في هذه المرحلة الجديدة الفارقة علي إقامة علاقات تتميز بالخصوصية والتفاهم العميق مع السودان الشقيق، وتطوير علاقاتنا الاقتصادية المشتركة وإحداث نقلة نوعية فيها تتماشى مع ما تطمح إليه شعوب المنطقتين.
وتحرص الدولتان على تقوية ودعم العلاقات بينهما فى شتى المجالات، فالسودان يعد الدولة الوحيدة التى لديها قنصلية فى محافظة أسوان مما يدل على نمو حجم التبادل التجارى. وتلك القنصلية لا يتوقف دورها عند تقوية العلاقات التجارية والاقتصادية بين الدولتين بل يمتد هذا الدور ليشمل العلاقات فى المجالات المختلفة.

العلاقات الاقتصاية
حرصت مصر على مواصلة سياستها
إلى تعزير علاقات التكامل مع السودان في كافة المجالات ولا سيما المجال الاقتصادي والذي تزايدت أهميته في ظل الأزمة المالية العالمية وأزمة الغذاء العالمى ويتمثل ذلك الحرص في توقيع عدد من مواثيق التكامل الاقتصادي بين البلدين ومن أهمها:
– الرئيسان المصري والسوداني عام 1974 منهاج للتكامل السياسي والاقتصادي بين مصر والسودان ليقنن العلاقات الخاصة بين البلدين
وقع رئيس الدولتين في أكتوبر 1982 ميثاقًا للتكامل استهدف بتوقيعه توطيد العلاقات بكافة أشكالها خاصة المجالات الاقتصادية والمالية بهدف إقامة وحدة إقتصادية كاملة تقوم على استراتيجية يتم تنفيذها تدريجيًا وفقًا لجدول زمني بما يكفل تحقيق تنسيق السياسات الاقتصادية والتجارية والمالية والنقدبية بين البلدين مع وضع ترتيبات عملية تستهدف إلغاء جميع القيود بما في ذلك الرسوم الجمركية التي تعوق حرية انتقال الأشخاص ورؤوس الأموال والأرباح وحرية تبادل البضائع والمنتجات الوطنية وحرية الإقامة والعمل والتملك والاستخدام وممارسات النشاط الاقتصادي وحرية النقل والترنزيت
ويأتي المجلس الأعلى للتكامل على رأس كافة السلطات في ممارسة الاختصاصات المقررة وفقًا لأحكام الميثاق، وعليه إصدار القرارات واللوائح والتوجيهات اللازمة لتنفيذ أهداف الميثاق، وقد أصدر المجلس الأعلى لتكامل القرار 21 لسنة 1983 بشأن تنظيم ترتيبات التجارة والدفع بين مصر والسودان بما تستهدف العمل على تحقيق أهداف التكامل الاقتصادي والمالي بين البلدين متضمنًا عدة تيسيرات في مجال القيود الجمركية والإدارية ، وفي مجال تجارة الجمال ، وفي مجال تجارة الحدود وفي مجال ترتيبات الدفع.

▪أهم الاتفاقات التجارية

– اتفاقية الكوميسا التي تتم حاليًا في إطارها المعاملات التجارية بين البلدين.
– اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري وبرنامجها التنفيذي لإقامة منطقة تجارة حرة عربية كبرى.
– بروتوكول للتبادل التجاري بين البلدين ( مارس 1993) ويتضمن أهم بنوده أن تتم المعاملات التجارية بالعملات الحرة القابلة للدفع وبنظام الصفقات المتكافئة.
– تم خلال عام 2003 توقيع اتفاقية بين الجانبين يقوم بمقتضاه الجانب المصري باستيراد اللحوم السودانية المبردة من السودان.
– اتفاقية لتسيير تجارة الجمال السودانية بين الجانبين بشكل متدفق ومستمر.
– الاتفاق على إنشاء منطقة حرة بمدينة جوبا.

▪التبادل التجاري والاستثمارات

شهدت العلاقات السودانية المصرية تقدماً خلال السنوات القليلة الماضية في الجوانب الاقتصادية والاستثمارية وتزايد تدفق رجال الأعمال بين البلدين الأمر الذي نتجت عنه زيادة التبادل التجاري و ضاعف عدد الشركات المصرية في السودان والعكس.
بلغ حجم التبادل التجاري خلال 2008 بين البلدين نحو‏500مليون دولار ومازال يميل إلى مصلحة مصر وبالمقارنة بالأعوام الماضية حدثت قفزات كبيرة‏,‏ خاصة في السنوات الثلاث الأخيرة.
فيما يتعلق بالصادرات المصرية إلى السودان فإن هناك عددًا من الصادرات المصرية شهدت، ولا تزال تشهد، ارتفاعًا في قيمتها خلال عام 2008م، وفي مقدمتها حديد التسليح والأثاث المعدني والسلع الغذائية ومصنوعات اللدائن والمنتجات البترولية والأدوية ومصنوعات من النحاس.
فيما يتعلق بحركة الواردات المصرية من السودان فقد سجلت ما قيمته 31.6 مليون دولار خلال عام 2008م مقابل 40.3 مليون دولار خلال عام 2007م، بانخفاض قدره 8.7 مليون دولار، وتتركز واردات مصر من السودان في القطن الخام والسمسم والبذور الزيتية.
أما عن قيمة الاستثمارات المصرية في السودان فقد بلغت في نهاية عام 2008 2.5 مليار دولار، بعد أن كانت لا تتجاوز 82 مليون دولار في نهاية ديسمبر 2002م، بما يعني زيادتها 30 ضعفاً خلال 6 سنوات فقط، وتستأثر مصر بالمركز الثالث بين أهم الدول العربية المستثمرة في السودان، بينما يحتل السودان المركز 13 بين أهم الدول العربية المستثمرة في مصر بما قيمته 197.2 مليون دولار في 30 يونيو 2008م.
تمثلت الاستثمارات المصرية في السودان في مجالات الصناعة (بنسبة 70.5%) والخدمات (بنسبة 28.4%) والقطاع الزراعي السوداني في المرتبة الثالثة بنسبة 1.1% . – المشاريع المشتركة بين البلدين في مجالات النقل والطرق والري:
ومن أهمها:

بناء الطريق الساحلى بين مصر والسودان بطول 280 كيلو متر داخل

مشروع طريق قسطل وادى حلفا بطول 34 كم داخل الأراضى المصرية ، و 27 كم داخل الأراضى السودانية

طريق أسوان – وادى حلفا – دنقلة.

تطوير وإعادة هيكلة خطوط السكك الحديدية لتسهيل حركة نقل البضائع والأفراد

مد الشبكة الكهربائية إلى شمال السودان

استمرار التعاون في مجال الموارد المائية والرى ، بما في ذلك إحياء مشروع قناة جونجلى

تطهير الجزء الجنوبى من النيل

تطوير شبكة الرى والصرف في السودان

العلاقات المائية
يشكل السودان بالنسبة لمصر أهمية خاصة‏ فيما يتعلق بهذه النقطة,‏ حيث إنه ملتقي روافد نهر النيل القادمة من اثيوبيا عبر النيلين الأبيض والأزرق لتعبره في اتجاه مصر ،وقد حظيت العلاقة المائية بين البلدين باهتمام خاص لاعتبارات الجغرافيا والتاريخ والدين واللغة والمصاهرة‏,‏ فضلا عن الموقع السياسي للسودان بالنسبة لمصر‏,‏ يضاف إلي ذلك كونهما دولتي مصب‏. ‏ وقد التزمت الدولتان بكل بنود التعاون طبقا لما أقرته اتفاقات‏1959,1929‏ بتنظيم استغلال مياه نهر النيل بما يحقق صالح كل من مصر والسودان في حدود الحصص المقررة لكل دولة‏.‏
كما حرصت كل من مصر والسودان على التنسيق المائي فيما بينهما وقد انعكس ذلك علي ترابط الدولتين خلال الأزمة التي نشأت خلال عام 2009 حول الاتفاق الإطاري للتعاون القانوني والمؤسسي لاتفاقية حوض النيل لإعادة تقسيم المياه, وإنشاء مفوضية لدول حوض النيل,والذي أعدته دول المنبع ورفضت مصر التوقيع عليه ، مستندة إلى المطالبة بالمحافظة على الحقوق التاريخية والامتيازات القانونية الخاصة بحصة مصر والإخطار المسبق.
ولم يقتصر التنسيق فيما بين الدولتين حول مياه النيل عند مجرد اتخاذ مواقف مشتركة إزاء كل ما يمس هذا المورد الهام للمياه ، بل تعداه إلى القيام بمشاريع مشتركة للمحافظة على هذا المورد وتنميته ومن أهم هذه المشاريع مشروع قناة ” جونجلي ” التي تم حفر 80% منها والذي تتقاسم عوائده المائية كل من مصر والسودان‏.
وكان أهم ثمار اللقاء الذي تم بين الرئيس مبارك السابق ورئيس حكومة الجنوب ونائب الرئيس السوداني سيلفاكير في القاهرة في 26 / 10 / 2009 هو تشكيل لجان مشتركة تحصر كافة المشكلات الجانبية التي يمكن أن تترتب علي استخدام قناة جونجلي وتناقش حلولها الممكنة في إطار بعض التعديلات الجزئية التي يمكن أن تمس مسار القناة قبل أن يبدأ العمل من جديد في استئناف حفر العشرين في المائة الباقية من القناة‏.

▪العلاقات الثقافية

تلعب الجامعات في البلدين دورا فعالا في دعم العلاقات الثنائية بين البلدين وذلك من خلال تبادل الزيارات بين أساتذة الجامعات المصرية والسودانية بهدف تبادل الخبرات ، وتبادل المؤلفات والبحوث بين الجامعات في الدولتين، والسماح لطلاب الجامعات المتفوقين بزيارة جامعات الدولة الأخرى وتقديم منح دراسية لاستكمال الدراسات العليا
العلاقات التاريخية التى تربط بين مصر والسودان الشقيق، وخاصة فى مجالي التعليم العالي والبحث العلمي، حرص مصر على تقديم الدعم الكامل للأشقاء السودانيين في كافة المجالات، أن الملتقي يأتي تنفيذًا لسياسة التكامل والشراكة بين البلدين الشقيقين في شتى المجالات ولا سيما مجال التعليم والبحوث والتكنولوجيا.

تحقيق التقدم والنهضة والرخاء يبقى غاية سامية نسعى إليها معًا وليس أفضل من العلم وسيلةً لتحقيقها من خلال التواصل والتعاون بين المؤسسات الأكاديمية بين البلدين لتشمل كافة مجالات العمل الأكاديمي التعليمية والبحثية والتدريبية والتطبيقية وهو ما يتم من خلال تنظيم الفعاليات المشتركة
ومن بينها الملتقى الذي نشهد انطلاق فعالياته، والذي يناقش توفير فرص عقد اتفاقيات مشتركة بين جامعات البلدين وتبادل زيارات أعضاء هيئة التدريس والتبادل الطلابي، وعقد البرامج التعليمية المشتركة، وتنفيذ المشروعات البحثية ذات الاهتمام المشترك، ولا سيما في المجالات التي تحتاجها عملية التنمية في المجتمعين المصري والسودانى.
أن الملتقى يحمل بعدين،
أولهما هو البعد العربي الذي تحرص عليه مصر، وتسعى بكامل طاقتها لدعم وتعزيز ثقافة العمل العربي المشترك،
والآخر هو البعد الأفريقي الذي توليه الدولة المصرية بمختلف مؤسساتها أهمية خاصة، مصر تعيش حدثًا مهمًا هو رئاستها للاتحاد الأفريقي وهي المهمة التي تصر الدولة المصرية في أعلى مستوياتها على إنجاحها لتحقق أحلام قارتنا السمراء وشعوبها في التقدم والازدهار والرخاء.
تبادل الخبرات والتعرف عن قرب على ملامح خطط وبرامج التطوير والتحديث في كلا البلدين ومشاركة التجارب البحثية والتقنية الناجحة ودعم دور البحث العلمي والتكنولوجيا في خدمة المجتمع، وتحقيق مزيد من الربط بين مخرجات البحث العلمي ومتطلبات العمل والإنتاج.
و دعم العلاقات التعليمية بين البلدين، مشقات التعاون المتميزة بين الجامعات المصرية والسودانية، ضرورة عقد المزيد من الاتفاقيات الثنائية بين الجانبين وخاصة فى البرامج التعليمية وتشجيع تبادل الأساتذة والطلاب بهدف تبادل الخبرات، وإتاحة فرص تدريبية، فضلاً عن تشجيع الإشراف المشترك لطلاب الدراسات العليا، فتح المجال لعقد مزيد من اتفاقات التعاون بين المراكز البحثية المصرية التابعة للوزارة، وهيئة البحث العلمي والابتكار بالسودان خاصة فى المجالات ذات الاهتمام المشترك مثل (الزراعة، والمياه ، والطاقة، والطاقة الذرية، والطب، والعلوم الاجتماعية والإنسانية).
وأعلن الوزير السودانى أننا نسعى لإنشاء صندوق بحثى مشترك يهتم بقضايا البحث العلمى المشتركة بين مصر والسودان وخاصة فى مجالات الصحة، والمياه، والطاقة الجديدة والمتجددة، فضلاً عن الاستشارات العلمية فى القضايا ذات الاهتمام المشترك، وربط الجامعات بسوق العمل بما يعود بالنفع على البلدين، مشيراً إلى قيام مركز أبحاث وادى النيل بتقديم الاستشارات والرؤى العلمية والإستراتيجية وخاصة فى قضايا المياه والطاقة، لافتاً إلى ضرورة تنظيم مهرجان دولى لطلاب وادى النيل يشتمل على العديد من الأنشطة الثقافية والعلمية والرياضية، واكتشاف قدراتهم وميولهم، وتعزيز القيم الاجتماعية الهادفة بين الطلاب كالتعاون والتسامح وخدمة الآخرين.
وفى كلمة جامعة عين شمس التى ألقاها د. عبد الناصر سنجاب نائب رئيس جامعة عين شمس نيابة عن د. عبد الوهاب عزت رئيس الجامعة ، أكد على عمق العلاقات التاريخية المتميزة التى تربط بين مصر والسودان الشقيق، مشيراً إلى أن الملتقى يأتى تتويجاً لرئاسة مصر للاتحاد الإفريقى هذا العام، وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين خاصة فى مجالى التعليم العالى والبحث العلمى والمشروعات ذات الاهتمام المشترك، مضيفاً أن الملتقى يؤكد على التوجه نحو التنسيق بين الجامعات المصرية والسودانية، والتبادل الثقافى بما يتناسب مع المصالح المشتركة للبلدين.
وعلى هامش فعاليات الملتقى قام الوزيران بافتتاح معرض الجامعات المصرية السودانية.
كما قام د. خالد عبد الغفار ود. عبد الوهاب عزت بتكريم وزير التعليم العالى والبحث العلمى السودانى.
وخلال فعاليات الملتقى شهد الوزيران بعض الفقرات الفنية التى تعكس ثقافة الشعبين المصرى والسوادنى.
شهد فعاليات الملتقى عدد من السادة رؤساء الجامعات المصرية والسودانية، ونوابهم

ما يربط مصر والسودان حوار جغرافي واتصال صنعه مجرى النيل وأواصر قرابة ومودة ومشتركات دينية وثقافية ولغوية تتخطى الحدود نشأت منذ الأزل مع نشأة النيل العظيم ومستمرة إلى الأبد، وصنعت وحدة طبيعية، وأن تاريخنا وحاضرنا المشترك هو بوابة نعبرها معًا نحو مصير مشترك.

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات