مابعد الإتفاق ……السودان إلى أين ؟ جزء ٢١

ملحمة الثورة السودانية التى أبهرت العالم وأصبحت نبراساً لكل شعوب العالم الحر، وظهر فيها المعدن الأصيل للشعب السوداني من روح الإخاء، والإبداع، والتعاون، والتكاتف في مسار النضال اليومي الذي حول الشعارات إلى برامج عمل وتفاصيل حياة يومية هزمت العنصرية والتمييز وتحدت قوة البطش وأحالت الجماهير إلى أسرة ممتدة في كل أرجاء الوطن.

▪المجلس العسكرى وموقفه من الحراك السودانى

منذ سقوط البشير وظهور المجلس العسكري الانتقالي بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ومنذ اليوم الأوّل لوصوله إلى السلطة عبر انقلاب عسكري، كان يتصرّف كديكتاتور مُتعطّش للسّلطة باتّخاذه قرارات سياديّة استراتيجيّة، وبمعزلٍ عن الحِراك الشعبي السوداني، ويتحيّن الفُرص لوقف الاعتصامات بطريقةٍ أو بأخرى، غدر بالمُحتجّين وطعنهم في الظّهر،
ولهذا لم يكُن من قبيل المُفاجأة أن تُقدِم القوّات المُوالية لهذا المجلس على ارتكاب مجزرة دمويّة في حق المُعتصمين المُسالمين، واستخدام القوّة المُفرطة، والرّصاص الحيّ ضد المُعتصمين السلميين، ممّا أدّى إلى سُقوط 30 قتيلًا وعشَرات الجرحى ما انقلب الأمر وتعدد الغضب والسخط ضد المجلس العسكري ، الذى قدم صورة سالبة عن مؤسسة الجيش بغض النظر عما إن كان المجلس يمثل المؤسسة بالفعل أو لا يمثلها.
هذا المجلس الآن هو بالنسبة للمواطن يمثل واجهة القوات المسلحة التى لجأ إليها الشعب يوم ٦ إبريل وعاد لها مجدها المسلوب لسنوات طويلة
قد يكون المجلس العسكرى نجح فعلًا في فض الاعتصام الشعبي بالقوّة، ولكنّه قطعًا لن يقضي على الثّورة،بارتِكابه هذه المجازر بل سيزيدها اشتِعالًا
إن انقلاب المجلس العسكري على الحِراك الشعبي بهذه الصورة الدمويّة، أسّس، ويُؤسّس، لخسارته للشعب السوداني وثقته ودعمه،ولا يُمكن أن يكون أهل ثقة ويستحق التّحاور معه ،
الفريق البرهان ونائبه “حميدتي” يقودان البِلاد إلى حالةٍ من الفوضى وعدم الاستقرار، والتّأسيس لنظامٍ عسكريٍّ قمعيٍّ ديكتاتوريٍّ، وهذا يعني العودة بالبِلاد إلى المُربّع الأوّل، وسرقة كُل إنجازات الحِراك الشعبي، وتدميرها، وهذا تصرّفٌ لا يُمكن أن يقبله الشعب السوداني الصّابر الطيّب المثقف الواعي، ولهذا لن يُفرّط بحراكه السلميّ، وسيُصعّد حتى الإطاحة بالمجلس العسكري، وبناء الدولة الديمقراطيّة المدنيّة، التي قدّم الشّهداء للوصول إليها.
بالتّالي لا نستبعِد انقلابًا ثالثًا أو رابعًا، أو حُدوث انشقاقات وتمرّد في الجيش على قيادته، لأنّ الجيش السوداني الذي انحاز للحِراك ومَطالبه العادلة، لن يقبل بهذا الغدر وسفك دماء الشعب السوداني وثورته السلميّة الحضاريّة، ومطالبها العادِلة في الحريّة والمُساواة والعدالة الاجتماعيّة في إطار الدولة المدنيّة الديمقراطيّة..

▪ الحالة الاقتصادية فى السودان

يعتبر خبراء أن تحسن الوضع السياسي الحالي، هو كلمة السر لنمو الاقتصاد السوداني، مؤكدين أنه لا يمكن الفصل بين الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد.
فهناك توقف شبه كامل للحياة بسبب الظروف السياسية الاستثنائية التي يمر بها السودان”،
أسوء مرحلة يمكن أن يصل إليها المشهد السياسى فى أى بلد أن تسيطر حالة الجمود يتوقف الفعل و تتلون الأطراف الفاعلة و يرمى كل طرف الآخر بلائحة. طويلة من الاتهامات .المشهد السودانى الآن دخل هذه المرحلة مرحلة الجمود الاقتصادى
فقد عادت طوابير السودانيين أمام المخابز والبنوك ومحطات الوقود، ما يؤشر على أن اقتصاد البلاد قد يواجه خطر الانزلاق في مزيد من الفوضى إذا طالت حالة السجال أو المفاوضات بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى المعارضة.

إن كلمة السر في تحسن مؤشرات الاقتصاد السوداني تكمن في عملية التوافق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين، لو أن التوافق حدث لشهدنا تحسنا كبيرا جدا في الملف الاقتصادي

▪ الاتفاق بين المجلس العسكرى وقوى الحرية والتغيير المعارضة

تسود حالة من الترقّب القَلِق فى الشارع السوداني، بانتظار خروج اتفاق تقاسُم السلطة بين المجلس العسكري الحاكِم وقِوى إعلان الحرية والتغيير المُعارضة في شكله النهائي،

وينص الاتفاق، الذي تم التوصل إليه بين الجانبين من المفاوضات المُباشرة، على تشكيل هيئة مشتركة لقيادة المرحلة الانتقاليّة المقبلة، وإنشاء مجلس سيادي يشرف على تشكيل حكومة انتقالية لمدّة ثلاث سنوات، يتكون من 5 مدنيين و5 عسكريين وواحد مدني بخلفية عسكرية. وبينما كان مُنتظرًا توقيع الاتفاق في غضون 24 ساعة من تاريخ الإعلان عنه، لم تُنهِ لجنة إحكام الصياغة مهمتها في الوقت المنتظر.
وفي هذه الأثناء، ووسط تكتّم شديد، تُطرح العديد من الأسماء- المدنية والعسكرية على السواء- المُحتمل أن تقود المرحلة الانتقالية في السودان بهياكلها الثلاث:
المجلس السيادي (الذي يحِلّ محل رئيس الجمهورية)، والمجلس التشريعي (سيتولّى مهمة إصدار القوانين)، ومجلس الوزراء.
وذكر المصدر، أنه سيتم فرز الأسماء في قائمة تضم أكثر من 30 مُرشّحًا لاختيار 17 وزيرًا في حكومة التكنوقراط التي تم الاتفاق عليها بين المجلس العسكري والمُعارضة السودانية. وبحسب المصدر، تم ترشيح أكثر من شخص للمقاعد الوزارية، فيما يُنتظر عقد اجتماع حاسم في غضون 24 ساعة، لحسم الأسماء بشكل نهائي قبل توقيع الاتفاق والإعلان عنها، فيما تم إرجاء تشكيل المجلس التشريعي إلى ما بعد تشكيل مجلسيّ السيادة والوزراء، بحسب الاتفاق.
ويُتوقّع أن يُمثّل 6 أشخاص مدنيون في المجلس السيادي من “تجمع المهنيين، ونداء السودان، وقوى الإجماع الوطني، ومنظمات المجتمع المدني”، على أن يتم اختيار الشخص السادس من شرق السودان،
حسبما نقلت صحيفة “الحرة” الأمريكية عن مصدر قالت إنه مُقرّب من المحادثات.
وفي حين لم يتأكّد بعد أسماء مُرشّحي “الحرية والتغيير” الخمس لعضوية المجلس السيادي، إنه تم الاتفاق حتى الآن على 4 مُرشّحين مدنيين ، فيما لا تزال المشاورات جارية لاختيار المُرشّح الخامس.
وفيما يتعلّق بالـ5 مُرشّحين العسكريين لعضوية المجلس السيادي، إنه تم اعتماد أعضاء المجلس العسكري الثلاثة “الفريق شمس الدين كباشي، والفريق ياسر عبدالرحمن العطا، والفريق جمال عمر”، بجانب الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان والفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”. وبشأن العُضو الخامس، انحصرت التّرشيحات في الفريق أول عبد الماجد حامد خليل النائب الأول الأسبق للبشير، والفريق شرطة محجوب حسن سعد،

أما عن الأسماء المرشّحة لتولّي رئاسة الحكومة الانتقالية المُقبلة بالسودان، فيبدو أن موازين القِوى انقلبت لصالح مُرشّحين بعينهم، كان يُنظر إلى الخبير الاقتصادي الأممي عبدالله حمدوك (61 عامًا) على أنه المُرشّح الأوفر حظًا لتولّي منصب رئيس الوزراء، انطلاقًا من مؤهلاته العلمية وخبرته في مجالات إصلاح القطاع العام، والحوكمة، والاندماج الإقليمي، وإدارة الموارد، وإدارة الأنظمة الديموقراطية، والمساعدة الانتخابية. ووفق تقارير محلية، شغل حمدوك مناصب مهمة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية من بينها الأمين العام للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا، والمدير الإقليمي بالمعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية عن أفريقيا والشرق الأوسط. وبينما يمنع الاتفاق المُبرم حاملي الجنسيات المزدوجة من الترشح لأي منصب سيادي،
قالت صحيفة “الحرة” الأمريكية إن حمدوك بدأ بالفعل في إجراءات التخلي عن الجنسية البريطانية. لكن عادت الأوساط السياسية تتداول اسم رئيس حزب “المؤتمر” السوداني، المهندس عمر الدقير (57 عامًا)، رغم منصبه الحزبي الذي يتعارض مع نصوص الاتفاق الذي يشترط “حكومة كفاءات غير حزبية”. فإن الدقير يتمتّع بعلاقات واسعة في الوسط السياسي تؤهله لتحقيق التفاهم المطلوب، كما أن تولّية رئاسة الوزراء من شأنه أن يبعث برسالة تطمينية لمجموعة “نداء السودان” التي تُعد أحد مكونات تحالف الحرية والتغيير. ولا يُعرف ما إذا كان الدقير سيتخلى عن منصبه الحزبي حال تكليفه برئاسة الوزارة، أم سيتم التغاضي عن شرط الحزبية لصالح الكفاءة المهنية، . كان قد أُفرِج عن الدقير في مارس الماضي بعد شهرين من اعتقاله على خلفية التظاهرات التي اندلعت في نهاية ديسمبر الماضي تنديدًا برفع الأسعار وغلاء المعيشة، ثم تحوّلت لتُطالب بإسقاط نظام البشير.

هل تقود مجزرة المجلس العسكري الدمويّة إلى حالةٍ من الرفض فى الشارع السودانى ؟ولماذا لا نستبعِد انقلابًا على الانقِلاب؟

و هل سينجح الشعب السودانى فى التحول الى حياة مدنية وحكم مدنى كامل أم ستكون التجربة السودانية تجربة مكررة لدول عربية شقيقة ؟

وكيف نرى المُستقبل بالنّظر إلى الحالة الاقتصادية
هل سيتحمل الشعب السودانى التبعيات الاقتصادية الخطيرة القادمة؟

#نازك

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات