دكتور صادق روؤف عبيد يكتب عن الحسين إبن منصور الحلاج

الحسين إبن منصور الحلاج .
“””””””””””””””””””””””””

من أصعب المواضيع التي أكتب عنها هي التي تتعلق

بالحسين إبن منصور الحلاج.

فالمستشرقون قد نهلوا من فكره و فلسفته وترجموا العديد من أعماله.

و في المشرق العربي ما زال التطرق الي أفكاره أو أشعاره محفوفاً بالمخاطر.

ولن أنكر أني ترددت كثيراً

قبل أن أكتب عنه هذه المقالة السريعة

حتي سمعت حديثاً لفضيلة الشيخ الجليل

الأستاذ الدكتور علي جمعة

مفتي الديار المصرية الأسبق

الذي قال فيها بهدوء و بساطة قولاً جميلاً عنه.

و أنا أتعلم الكثير من فضيلة مفتي الديار المصرية

الأسبق فضيلة الشيخ الأزهري الجليل

علي جمعة حفظه الله.

و فضيلته تساءل بنفسه حرفياً

قائلاً أكان الحجاج مبتدعاً أم صوفياً؟

فأجاب بإعتدال و بلاغة

إنه يشعر أنه كان صوفياً

خانته بعض الكلمات أو الألفاظ أو المعاني.

و لن أتطرق في هذا المقال

الي تفاصيل و لن أبدي حتي برأي.

فكيف أقول رأياً

و قد أفتي فضيلة المفتي الجليل

بالرأي السليم والحكم القويم؟

و لغير المتابعين لفكر و أشعار الحلاج

أوضح أن الحلاج هو من دون شك

من أكثر شعراء العرب

بلاغة وحديثاً

ومن كتبوا أعمق الأشعار عن حب الله.

ولست هنا أكتب لأنصف الحلاج

أو أدينه

أو حتي أفكر هل الحلاج في الجنة أو النار؟

فلو كان في النار فما فائدة مقال يكتب عنه.

ولو كان في الجنة فهل إدانتي له ستخرجه منها؟

و هل لعبد مثلي أن يشير بالرأي

علي قاضي القضاة في أعلي سماه؟

وحده تعالي إن أدان فليس لبشر أن يبرر.

ولو برر الله فليس لعبد أن يدين أو يشتكي.

و المشاكل في حياة الحجاج و سيرته كثيرة.

أما فيما كتب فهناك مشكلتان

إثنتان محددتان.

أولهم:

إنه مزج مزجاً غير مسبوق بين العشق للمحبوب

و بين المحبة المتبادلة بين المخلوق و الخالق.

ولعل أول من سبقه الي ذلك هو سيدنا سليمان الحكيم عليه السلام.

فصار الأمر محسوماً عند قوم موسي.

وأيضاً أقول عن خبرة و دراية أن هذا الفكر أيضاً هو جوهر الرهبنة المسيحية

في الإيمان المشترك عند الطوائف الأرثوذكسية

و الكاثولوكية علي السواء.

و قد سمعت هذه المعاني

بنفسي من رهبان في الصحراء المصرية.

وأيضا من راهبة كاثولوكية فاضلة

علمتني الكثير رحمها الله

هي الأخت أسنتا فوندوران.

والجميع متفقون علي إن ما يدعوا الشاب أو الشاب

الي الرهبنة هو عشق لله

بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني و أبعاد.

و الآباء الموارنة يكتبون كثيراً عن الرهبان

المتوحدين إنهم “سكري ” في حب الله.

فلن أجد حرج اليوم أن أقول أن من أجمل القصائد الروحية الي قلبي

حتي يومنا هذا هي

قصيدة الشيرازي التي أنشدهاأيضاً الشيخ أحمد الحويلي في نفس هذا الحفل.:

“ألا أيها الساقي أدر كأسا و ناولني”.

وقد وضعتها علي هذه الصفحة مرتين.

و لعل هذا أيضاً يفسر السبب الذي من أجله

إستضافت الجامعة اليسوعية بلبنان

الشيخ أحمد الحويلي

ليحي أمسية صوفية في لبنان

كانت في راي من أجمل ما سمعت من ألحان ومعاني.

قصائد أسمعها بشكل منتظم

كلما أضطرنتي ظروف عملي

أن قيادة السيارة لأحضر إجتماعاً خارج العاصمة فينكس.

فصحراء أريزونا قاحلة.

و طرقها طويلة لا يعينني فيها إلا مثل هذا القصائد الروحية.

ومازلت أوكد علي أن قصائد الحلاج و الشيرازي

التي أنشدها ببراعة الشيخ أحمد الحويلي

هي في سفري زادي وزوادي.

أما المشكلة الأخطرالتي من أجلها أعدم الحجاج

هي ما وردت في هذه القصيدة.

وهي أنه قد تعمق في شرح الحب الذي يجمع بين المحبين حتي يصيرا واحداً.

وهنا إختلط الأمر إما علي الحلاج نفسه أو علي قضاته.

فقال الناس أن الحلاج قد إدعي الإلوهية

وهو ما أنكره الرجل بوضوح في محاكمته قائلا حاشا بالله

و نظر الي قاضيه شاعراً ظلم القاضي فقال له :

“يا حلال الدماء” فغضب القاضي

و كان مشهوداً له بالظلم و القسوة فحكم عليه بالموت.

و مما يروي عن الحجاج إنه كان شجاعاً في تقبله عذابات لا يتحملها أي بشر.

فما بالنا بشيخ ضعيف البدن متقدم في العمر.

ويروي عنه إن طلب الغفران لقاتليه قبل أن يلقي ربه.

لا يختلف إثنان علي أن الحجاج سواء

أكان مبتدعاً مخبولاً أو صوفياً

إنه كان محباً للناس

وإن صح التعبير

“عاشقاً لله”

و سكران بحب خالقه.

أهو في الجنة أم في النار لن أفتي برأي.

و لكني شعرت أنه أشعاره هي نور روحاني جميل.

قد لا أتطابق مع الحسين بن منصور الحجاج

في العقيدة أو المذهب.

ولكني أشاركه بصدق مشاعره

و أستعذب منه

طيب الكلمات وعمق المعاني.

وكذلك الحال بالنسبة

للمنشد الشيخ أحمد الحويلي.

الذي إستطاع بصوته الصادق و أداؤه الرائع

أن يجعل رحلتي في الصحراء رحلة شيقة جميلة.

ولست أتحدث هنا عن صحراء أريزونا

بل عن صحراء الحياة و غربة العمر.

فقد علمني أبي رؤوف عبيد رحمه الله

أن الله نور
“””””””””””

وأن من يسعي الي النور
“””””””””””””””””””””

لا يعنيه من يحمل الشمعة.
“””””””””””””””””””””””

 

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات