لازال الحنين ..

أمل فرج

بقلم/ أمل فرج 

كل يوم يمضي يثبت أنه لن يبقى معك ألا ما تقدمه أنت لنفسك .. 
كن لنفسك أخا وصديقا وحبيبا ، كن لنفسك كل ما تحتاج ، اصنع لنفسك عالما يؤنسك فيه ذكر الله ، وهمس الروح ،ونسائم الذكريات ،وأغنية المساء .. 
استضف كل يوم قراءة جديدة تبحر بك لأقصى العالم أو أدناه، وفي يوم جديد اجعل في صحبتك قلما حرا بلا قيود ، تتحرر به من كل سخافات المجتمع وجهله ،وكل العادات البالية والحماقات الرثة .. 
اصنع لنفسك حلما تفرضه على أرض الواقع، أو فلتصنع لنفسك عالما تعيش فيه الأحلام التي استعصى على الواقع أن يتحملها على أرضه .. 
اجعل لكل صباح حديث ، ُتحادث فيه الشروق ، وتناجي أسراب الطيور .. فحديثهم أصدق كثيرا من حديث البشر .. 
واجعل لكل مساء سهرة تسامر فيها القمر ، وتتغنى بأوتار الليل ؛ فأمسية تتغزل فيها بالنجوم أكثر براءة من حوارات البشر ..
أشكر عالم الطبيعةالثابت الذي لا يتبدل أو يتلون كما هم جميع البشر ، ما أروع أوراق الشجر التي تظل تظلني بظلالها حتى تتساقط ! ،ما أشد وفاء الشمس التي وعدتني بالضوء كل يوم! ، وهكذا ظلت دون أن تمل أو تتغير يوما .. 
شكرا لكل شربة ماء ظلت ترويني حتى اليوم ، وشكرا لكل ثمرة لم يتغير طعمها منذ لقائي بها .. 
أما عن البشر فهم عالم كل قبيح ، عالم الغدر والكذب والنفاق و الأنانية وغلظة الطباع ، ليس تشاؤما ، ولكن واقعا .. أصبح تعامل البشر بحاجة لكثير من الجهد النفسي والذهني ..
هذا العالم المعقد يزداد تعقيدا وتلوثا يوما بعد يوم ، ليس حزنا ، ولكن واقعا .. 
كيف تستطيع الأرض أن تتحمل حجم الحقد والحسد والقسوة والخيانة والكذب في نفوس البشر ؟! 
لماذا لم تنفجر الأرض حتى الآن ؟! كيف تستطيع الطبيعة بكل براءتها وروعتها تحمل هذا المخلوق الأسود ؟! 
ليس غضبا ، ولكن واقعا .. المخلوق الوحيد الذي كرمه ربه ، وخلق كل شيئ طوعا له ، هو الوحيد مصدر الإزعاج لهذا العالم .. 
ليس تصورا ، ولكن واقعا .. قد يكون مشاهدة مسرح الأشخاص من بعيد أفضل بكثير ـ إن كنت تحرص على صحتك النفسية ـ 
أعتقد أننا بحاجة للحرص على أنفسنا من بعضنا البعض أكثر مما نحن عليه ..
في مثل هذا العالم و في ظل وجود مثل هذا النمط من الإنسانية علينا أن نكون أكثر تحفظا واستغناء .. ليس أمرا ولكن واقعا يفرض قسوته .. ولم يبق من ذكريات الإنسانية غير الحنين للإنسان ..

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات