دكتور عادل رياض يرد على تهكمات عبدالله رشدى على العقيدة المسيحية

إسمح لى يا أستاذ عبدلله رشدى الذى دائما ما تتهكم على الديانة المسيحية علنا وبكل غطرسة وجهل ..أنا لا أتهمكم بإذدراء الدين المسيحى ..أبدا .بل أتهمكم بإذدراء الدين الإسلامى الذى أنت تنتمى له بهذا الدليل الواضح والبين …سبق أن حذرتك بالآية القرانية ” ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن ” وانت لا تملك أى شئ أحسن بجهلك بالقران وباياته السمحة ..وإليك بالدليل والبرهان :-

اولا : النصاري 
1 – النصاري الذين عضدهم القران
البقرة

62 ان الذين امنوا و الذين هادوا و النصاري و الصابئين من امن بالله و اليوم الاخر و عمل صالحا فلهم اجرهم عند ربهم و لاخوف عليهم و لا هم يحزنون
المائدة

69 ان الذين امنوا و الذين هادوا و الصابئون و النصاري من امن بالله و اليوم الاخر و عمل صالحا فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون
82 لتجدن اشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود و الذين اشركوا و لتجدن اقربهم مودة للذين امنواالذين قالوا انا نصاري ذلك بان منهم قسيسين و رهبانا و انهم لا يستكبرون
و هنا اشاد القران بان هذه الفئة من النصاري مؤمنين بالله و اليوم الاخر و انهم يعملون اعمالا صالحة فلا خوف عليهم اي انهم في الطريق الصحيح لان لهم اجرهم عند ربهم فهنا يعرض لنا القران ان النصاري لهم الايمان السليم الذي لا يتعارض مع القران و هو الايمان المبرهن بالاعمال التي وصفها القران انها صالحة اي تتفق مع الشريعة القرانية و لا يلزم هذا الايمان اي تصحيح لانه قال لاخوف عليهم
2 – النصاري الذين هاجمهم القران
البقرة
111 و قالوا لن يدخل الجنة الا من كانوا هودا او نصاري تلك امانيهم قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين 112 بل من اسلم وجهه لله و هو محسن فله اجره عند ربه و لا خوف عليهم و لا هم يحزنون
و هذه آية تنتقد فئة من مذهب النصاري ادعوا ان الجنة لهم و لطائفة اخري يقال لهم هودا و نلاحظ ان هذه الفئة من النصاري قد ساوت بين ايمانها و ايمان اتباع نبي سماه القران هود و شتان الفرق لان المسيحيين الحقيقيين يقبلون الانجيل بينما الباقي يرفضونه تماما و نحن لا نعرف شيئا عن المدعوين هود و هم ليسوا اليهود لان القران في مواضع اخري كما سنري سمي اليهود باسمهم فالاسم هود يختلف عن الاسم يهود و قد بادر القران بان عـرّف الايمان الصحيح المقبول بانه “من اسلم وجهه لله و هو محسن” مدللا بذلك ان الايمان القلبي في التسليم لله هو الذي يُحسب و ليس المظهر الخارجي للديانة او اسم الطائفة الدينية التي ينتمي اليها الانسان فالنقد في هذه الاية موجه الي فئة من النصاري مرتبطة عقائدهم بعقائد طائفة اخري لا تنتمي الي الايمان المسيحي السليم الذي لا يتفاخر علي الاخرين
113 و قالت اليهود ليست النصاري علي شئ و قالت النصاري ليست اليهود علي شئ و هم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون
و هنا يعرض القران للاتهامات المتبادلة بين طائفة من اليهود و طائفة من الذين يدعون نصاري و قد اتهم كل منهم الاخر بانه ليس علي شئ أي ليس لتعليمهم اساس و يتهمهم انهم يقولون هذا بالرغم من انهم يقرءون نفس الكتاب و ساواهم القران في هذا بالذين لا يعلمون و هي طائفة من أتباع الفلسفة اللا أدرية و لم يوجه القران اليهم اي تهديد او نقد اخر بل قال ان الله سيحكم بينهم يوم القيامة و نلاحظ هنا ان القران قد ساوي كتاب النصاري بكتاب اليهود اي انهم يقراون نفس الكتاب و ليس كتبا مختلفة و نستطيع ان نقول ان هاتين الطائفتين بينهما شئ من الاختلاط العقائدي لاشتراكهم في قراءة نفس الكتاب بينما انجيل المسيحية الحقيقية او العهد الجديد كما تسميه الكنيسة لا يقبله و لا يقرأه اليهود فطائفة النصاري التي ينتقدها القران هنا ليست هي طائفة المسيحيون الحقيقيون التي ترفضها اليهودية تماما
120 و لن ترضي عنك اليهود و لا النصاري حتي تتبع ملتهم قل ان هدي الله هو الهدي و لئن اتبعت اهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي و لا نصير
يعود القران هنا و يساوي بين ملة اليهود و ملة الطائفة التي تدعي نصاري فيقول تتبع ملتهم و ليس مللهم اي ان لهم ملة واحدة و هذا يؤكد ان فئة النصاري المذكورة تختلف عن المسيحيين الذين لا يجمعهم مع اليهود ايمان واحد من جهة عيسي المسيح و يربأ القران بالناس عن اتباع ملة البشر قائلا ان هدي الله هو الهدي اي ان الايمان هو عمل الله في الناس و ليس اقناع او ارغام فئة لاخري باتباع دينها او ملتها و سمي القران عملهم و قولهم هذا أهواء اي ليس ايمانا قلبيا و هذا دليل قاطع علي انهم اي هؤلاء النصاري ليسوا مسيحيين علي الاطلاق حيث تنادي المسيحية الحقيقية بالايمان القلبي الذي هو هدي الله
135 و قالوا كونوا هودا او نصاري تهتدوا قل بل ملة ابراهيم حنيفا و ما كان من المشركين
و هنا يساوي القران ايضا بين من سماهم نصاري و بين من سماهم هودا و انتقد فكرهم القائل ان الانضمام اليهم هو الهدي و دعا الي اتّباع ايمان ابراهيم الحنيف اي السليم و هذا هو اساس ايمان المسيحية السليمة ايمان ابراهيم اما اختلاط طائفة الهود بطائفة النصاري فهو شئ يختلف عن المسيحية الصحيحة
140 ام تقولون ان ابراهيم و اسماعيل و اسحاق و يعقوب و الاسباط كانوا هودا او نصاري قل انتم اعلم ام الله و من اظلم ممن كتم شهادة عنده من الله و ما الله بغافل عما تعلمون
و هنا يستنكر القران علي البعض قولهم عن ابراهيم و سلالته انهم كانوا نصاري او هود و يقول ان الله اعلم بايمان ابراهيم و ذريته من بعده بل و اتهم القران هؤلاء القوم بكتمانهم لشهادة الله عن ايمان ابراهيم و هكذا فان النصاري هنا هي طائفة قائمة بذاتها منفصلة عن ايمان ابراهيم بينما المسيحية الحقيقية تستمد موضوع ايمانها من موضوعية ايمان ابراهيم بالله الذي افتدي ابنه بذبح عظيم و لا تكتم هذا الايمان
المائدة
14 و من الذين قالوا انا نصاري اخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فاغرينا بينهم العداوة و البغضاء الي يوم القيامة و سوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون
و هنا قوم من طائفة النصاري يتهمهم القران بانهم نسوا كلام الله لهم و لذلك فرق الله بينهم و وصارت بينهم عداوة اي انقسم النصاري علي بعضهم البعض و اكد القران ان الله سوف يواجههم بذلك يوم القيامة و هذا الكلام لا ينطبق علي المسيحية المحافظة علي كل كلام الله الموحي به الذي محوره صحة انجيل المسيح الذي تُجمِـع عليه جميع الطوائف المسيحية كما هي اليوم فلا يجوز الخلط بين مسيحية اليوم و نصاري الجزيرة العربية ايام النبي محمد
18 و قالت اليهود و النصاري نحن ابناؤ الله و احباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل انتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء و يعذب من يشاء و لله ملك السماوات و الارض و ما بينهما و اليه المصير
تظهر هذه الاية اتفاق اليهود مع طائفة النصاري علي قول او عقيدة واحدة مفادها انهم وحدهم او بالاحري مذهبهم الديني هو الطريق بادعائهم انهم ابناء الله و احباؤه من دون بقية البشر و بصرف النظر عن تعنيف القران لهم فان الاية تظهر ان المذهبان اليهودي و النصراني متحالفان بل و متطابقان و هذا ليس الواقع بين اليهودية و المسيحية حيث تختلف عقيدتيهما اختلافا مبينا فاليهودية قائمة علي اساس الحصول علي رضي الله باتمام وصايا الناموس الموسوي و تعاليمه بينما المسيحية الحقيقية تنادي بقبول غفران الله الممنوح مجانيا للبشر بسبب موت المسيح علي الصليب من اجل التكفير عن ذنوب البشرية جمعاء لكل من يقبل تلك البشارة و ذلك لاظهار و اعلان محبة الله للبشر و شتان بين المذهبين ان يجتمعا
51 يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا اليهود و النصاري اولياء بعضهم اولياء بعض و من يتولهم منكم فانه منهم ان الله لا يهدي القوم الظالمين
جمع القران بين اليهود وطائفة النصاري بان بعضهم اولياء بعض اي ان كلا من الطائفتين تقبل ان تكون تحت قيادة ايا من كان من الطائفة الاخري فلا فرق و حيث ان كلا من الطائفتين دينيتان فان هذا يعني ائتلاف الطائفتين في ديانة واحدة كلاهما تقبل قيادة الاخري لها و هذا لا ينطبق علي اليهود و المسيحيين
التوبة
30 و قالت اليهود عزيز ابن الله و قالت النصاري المسيح ابن الله ذلك قولهم بافواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله اني يؤفكون 31 اتخذوا احبارهم و رهبانهم اربابا من دون الله و المسيح ابن مريم و ما امروا الا ليعبدوا الاها واحدا لا اله الا هو سبحانه عما يشركون
و في هاتين الايتين نجد ان قوما من الذين يدعوهم القران نصاري يحاورون اليهود لاقناعهم ان المسيح ابن الله بينما هم انفسهم النصاري يتخذون احبارهم و رهبانهم اربابا من دون الله و المسيح عيسي ابن مريم اي ان القران يوبخهم فانهم بالرغم من اعترافهم بان المسيح ابن الله فهم لم يعبدوه الاها واحدا في الله بل اتخذوا من دونه احبارهم و رهبانهم و هذا ما لا تفعله المسيحية الحقيقية التي تعبد الله في المسيح بالروح القدس الاها واحدا بحسب النص القراني في هذه الاية التي تنص صراحة علي ان الله و المسيح ابن مريم الاها واحدا فهؤلاء النصاري ليسوا مسحيين بحسب قانون الايمان المسيحي السليم

مما تقدم يتضح ان طائفة النصاري التي يتكلم عنها القران سواء ايجابيا او سلبيا ليسوا هم المسيحيون الحقيقيون المعاصرون لوقت النبي محمد و من بعده في ايام الفتوحات الاسلامية و حتي الي عصرنا الحديث هذا و يذلك لا يجوز ان تطبق الايات القرانية التي ذكرناها علي المسيحيين علي الاقل في عصرنا الحاضر و لا يجوز ان يُدعي المسيحيون نصاري بالمفهوم التي جاءت به كلمة نصاري في القران كما اوضحنا سالفا

ثانيا : اهل الكتاب 
1 – اهل الكتاب الذين عضدهم القران
ال عمران
75 و من اهل الكتاب من ائتمنته بقنطار يؤده اليك و منهم من ائتمنته بدينار لا يؤده اليك الا ما دمت عليه قائما ذلك بانهم قالوا ليس علينا في الاميين سبيل و يقولون علي الله الكذب و هم يعلمون
113 ليسوا سواء من اهل الكتاب امة قائمة يتلون ايات الله اناء الليل و هم يسجدون 113 يؤمنون بالله و اليوم الاخر و يامرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يسارعون في الخيرات و اؤلئك من الصالحين
199 و ان من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله و ما انزل اليكم و ما انزل اليهم خاشعين لله لا يشترون بايات الله ثمنا قليلا اولئك لهم اجرهم عند ربهم ان الله سريع الحساب

اهل الكتاب هنا ايضا طائفة غير مُعرّفة من هم و ما هي معتقداتهم فالقران يصف بعضا منهم بالامانة المطلقة بينما يصف البعض الاخر منهم بسوء النية في تادية الامانة بل و يتهمهم انهم ينسبون الي الله اقوالا كاذبة و يصف القران ايضا طائفة من اهل الكتاب انهم امة قائمة يتلون ايات الله و لهم فضائل الامر بالمعروف و النهي عن المنكر كما ان منهم طائفة يؤمنون بما اُنزل اليهم و بما اُنزل الي النبي محمد و هم لا يتزعزعون عن ايمانهم و لكن لم يذكر لنا القران عما اذا كانت هذه الطائفة من اتباع عيسي او من اتباع اي نبي او مذهب ديني اخر

2 ـ اهل الكتاب الذين هاجمهم القران
البقرة
105 ما يود الذين كفروا من اهل الكتاب و لا المشركين ان ينزل عليكم من خير من ربكم و الله يختص برحمته من يشاء و الله ذو الفضل العظيم
109 و د كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسنا من عند انفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا و اصفحوا حتي ياتي الله بامره ان الله علي كل شئ قدير
و يعرض القران لطائفة من اهل الكتاب دعاهم بالكفرة و ساواهم بالمشركين و بيّن رغبتهم الا ينزل علي المسلمين خير من الله و الكثرة منهم ايضا يودون ان يردوا المسلمين عن الايمان بالله و قد امر القران المسلمين بالصفح عن هذه الفئة الكافرة و واضح من مساواة القران لهذه الفئة بالمشركين و وصمهم بانهم الذين كفروا انه لا يمكن ان يكونوا المسيحيين الذين اعلنوا ايمانهم للعالم اجمع قبل الاسلام بثلاثة قرون قائلين نؤمن باله واحد و هم ليسوا كفرة علي الاطلاق
ال عمران
69 ودت طائفة من اهل الكتاب لو يضلونكم و ما يضلون الا انفسهم و مما يشعرون
70 يا اهل الكتاب لم تكفرون بايات الله و انتم تشهدون
و هذه طائفة اخري من اهل الكتاب يودون ان يضلوا المؤمنين بل و هم انفسهم يكفروا بايات الله و واضح جدا من هذا انه ليس للمسيحية شئ منها اذ تدعو المسيحية للايمان بالله و اليوم الاخر و لا تصد عن الايمان و لا يكفر المسيحيون بايات الله
71 يا اهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل و تكتمون الحق و انتم تعلمون
72 وقالت طائفة من اهل الكتاب امنوا بالذي انزل علي الذين امنوا وجه النهار و اكفروا اخره لعلهم يرجعون
و هذه طائفة اخري من اهل الكتاب يتهمها القران باخفاء الحق و كتمانه بل و تحريفه الي باطل ثم يدعون الناس الي الايمان نهارا ثم انكاره ليلا اي التظاهر و الرياء و هذه ليست من الشيم المسيحية الاصلية في شئ بل لقد قدمت الكنيسة المسيحية ملايين الشهداء قبل الاسلام بسبب المجاهرة بايمانها نهارا و ليلا فلا يمكن ان تكون هذه الطائفة هي من ضمن المسيحيين و خاصة الكنيسة المسيحية المصرية التي ثبتت علي ايمانها في السر و العلن علي مدي العصور الي الان ولاقت في سبيل ذلك الايمان انواع رهيبة من الاضطهاد
98 قل يا اهل الكتاب لم تكفرون بايات الله و الله شهيد علي ما تعملون
99 قل يا اهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من امن تبغونها عوجا و انتم شهداء و ما الله بغافل عما تعملون
و هنا ايضا طائفة من اهل الكتاب يكفرون بايات الله و يصدون من يريد ان يؤمن بها و يتبع سبيل الله و لابد ان هذا يثير العجب من هذه الطوائف و الجماعات التي كانت موجودة ايام النبي محمد و لا يمكن ان ينسب هذا السلوك الي الكنيسة المسيحية التي تسعي الي تثبيت ارادة الله المعلنة في الكتاب المقدس و هي ان الله يريد ان الجميع يخلصون و الي معرفة الحق يقبلون
110 كنتم خير امة اخرجت للناس تامرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و لو امن اهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون و اكثرهم الفاسقون 111 لن يضروكم الا اذي و ان يقاتلوكم يولوكم الادبار ثم لا ينصرون 112 ضربت عليهم الذلة اين ما ثقفوا الا بحبل من الله و حبل من الناس وياء و بغضب من الله و ضربت عليهم المسكنة ذلك بانهم كانوا يكفرون بايات الله و يقتلون الانبياء بغير حق ذلك بما عصوا و كانوا يعتدون
و هنا في هذه الايات يتبين خلط اهل الكتاب باليهود اذ قال القران عنهم انهم يقتلون الانبياء بغير حق و هذا الاتهام وجهه القران لليهود في سورة النساء 155 ثم يقول عن اهل الكتاب هنا انه قد ضربت عليهم الذلة و هذا واضح كل الوضوح اختلاط فئة مع اليهود سماهم القران اهل الكتاب و بالتاكيد ليس بينهم المسيحيين كما ان عقيدتهم التي ينتقدها القران مخالفة تمتما للعقيدة المسيحية السليمة لان القران وصف اكثرهم بانهم فاسقون
ثالثا : عقائد و شيع اخري هادنها او هاجمها الاسلام
فالي جانب اليهود و الهود و الصابئين و الكفار و المشركين و اصحاب الملل الاخري التي لم تُذكر صراحة نستطيع ان نتبين ان الكنيسة المسيحية و الايمان المسيحي السليم لم يوجه له القران اي انتقاد او معارضة الي جانب طوائف اخري لم يات ذكرها الا قليلا و حَصرِها بعيد عن مجال هذا البحث الا ان الغرض من ذكر ذلك هو ان يتنبه الاخوة المسلمون الي انه كان هناك في زمن القران عقائد مختلفة و متداخلة البعض امتدحها القران و البعض عارضها و من المؤكد انه ليس من ايها ما يتفق تماما مع المسيحية الكتابية الاصلية كما نراها و نعرفها اليوم و التي قال المسيح عنها من ثمارهم تعرفونهم و ايضا فيري الناس اعمالكم الصالحة و يمجدوا اباكم الذي في السموات

تعليم القران عن الله و المسيح
هاجم القران عديد من العقائد التي كانت منتشرة بين طوائف النصاري في الجزيرة العربية عن شخصية عيسي ابن مريم و ما ادعوه عليه (طوائف الهراطقة التي رفضتهم الكنيسة) و التي تظهر في الايات التالية :
“اذ قال الله يا عيسي ابن مريم ْأنت قلت للناس اتخذوني و امي الهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي ان اقول ما ليس لي”المائدة 116
“لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم” المائدة 17
و نلاحظ في الاية الاولي الكلمات “اتخذوني و امي الهين من دون الله” و هي تاتي في صيغة سؤال من الله الي عيسي ابن مريم عن ما علمه عيسي للناس و هنا يظهر القران ان الله يحاسب و يسائل المسيح عن رسالته و ان بها اخطاء في التعليم نسبها اليه اتباعه و يقوم المسيح بنفي هذا التعليم قاطعا انه ليس تعليمه. و يلاحظ ان هذا التعليم الخاطئ قد جعل من العذراء مريم جزءا من اللاهوت و انه قد علّم ان المسيح و امه يُعبدان كإلهين من دون الله اي الابتعاد عن عبادة الله و الدعوة الي عبادة الَهين هما المسيح و امه . و بدون اي شرح مستفيض فانه يظهر جليا ان التعاليم التي ينتقدها القران هنا لا تمس المسيحية الحقيقية و التوحيد المسيحي و لكن هذا يدل علي وجود طائفة لم يُعرّفها القران هل هم من النصاري ام من اهل الكتاب وُجدت في الجزيرة العربية في عصر نبوة النبي محمد كانوا يتبعون هذا التعليم الذي عارضه القران و اتهمهم بالكفر. و المسيحية الكتابية ايضا لا تقبل هذا التعليم و لم يذكر التاريخ انها قد تعرضت و قاومت هذا التعليم في اي عصر سابق لظهور دعوة النبي محمد علي مستوي موسع مما يدل علي ان هذا التعليم الخاطئ كان منحصرا في منطقة الجزيرة العربية. و بناء عليه فان هذا التعليم غير سليم و الكنيسة المسيحية الحالية بريئة منه.

اما الاية الثانية فقد كفّرت قوم ادعوا ان الله هو المسيح ابن مريم و رغم ماقد يظهر في الاية من تعارض صريح و مباشر لعقيدة المسيحيين في المسيح و يثبت للمسلمين فهمهم للاية ان المسيح مجرد انسان عادي لذلك يلزم شرح الاية للطرفين :
بالنسبة للمسيحيين اقول ان نص الاية هو “الله هو المسيح عيسي ابن مريم” و العقيدة المسيحية عن الله هو انه الاب و الابن و الروح القدس لذلك فان النص الذي انتقده القران “الله هو المسيح” يدل علي عقيدة خطأ من حيث اختصاص المسيح وحده بشخصية الله و بالتالي يلغي هذا المعتقد الفاسد الذي يهاجمه القران اقنومي الاب و الروح القدس و يجعل المسيح في حد ذاته الاها و هذا يناقض قانون الايمان المسيحي الذي يقول عن المسيح “انه مولود من الآب قبل كل الدهور اله حق من اله حق” و ايضا فان هذه العقيدة اي “الله هو المسيح” تلغي عقيدة ولادة الابن و تلغي عقيدة و جود الله و تبدله بالمسيح و هذا اعتقاد فاسد ما زالت تعتقده بعض الطوائف التي تعبد الله تحت عقيدة منطقها “يسوع وحده” لهذا فنري ان القران لا يهاجم عقيدة مسيحية قانونية بل هرطقة ترفضها الكنيسة
و بالنسبة للمسلمين اقول ان العقيدة المسيحية السليمة لا تنسب الالوهية الي شخص عيسي المسيح بل تعتقد ان الله قد اظهر ذاته للبشر في شخص عيسي المسيح و من حيث ان شخص عيسي المسيح كان هو الانسان الوحيد الكامل الذي لم ينسب اليه القران او الحديث او الكتاب المقدس اي خطا فان هذا دليل علي ان الله حالل فيه و بما ان عيسي يجوع و يعطش و يموت و يحيا الا انه الوحيد من بني البشر الذي لم يمسسه الشيطان فهو قد بُعث و مهمته الاساسية هي اظهار الله الحال فيه للبشر و العقيدة المسيحية السليمة عنه هي انه صورة الله غير المنظور و يؤيد هذا قول القران في سورة التوبة 31 “اتخذوا احبارهم و رهبانهم اربابا من دون الله و المسيح ابن مريم و ما امروا الا ليعبدوا الاها واحدا لا اله الا هو سبحانه عما يشركون” و هنا يوبخ القران بعضا من شيع النصاري الذين كبّروا احبارهم و رهبانهم الي درجة التاليه من دون الله و المسيح ابن مريم فقد وضع القران المسيح ابن مريم مع الله في العبادة و هذا ليس شِركا بل اعترافا من القران بان المسيح ابن مريم عبادته مع الله هي الجائزة قائلا ايضا و مثبتا وحدانية الله و المسيح بلا انفصال ولا تجزئة “و ما امروا الا ليعبدوا الاها واحدا لا اله الا هو” فالله و المسيح ابن مريم بحسب النص القراني الاها واحدا و ليسا اثنين لان المسيحيين يعبدون اله واحد و سافصل لكم هذا في الفقرة التالية

بالحقيقة نؤمن بإ له واحد 
كان هذا هو اعلان الكنيسة حوالي عام 325 ميلادية في صدارة قانون الايمان المسيحي الصادر عن مجمع اساقفة الكنيسة العامة لصد البدع و العقائد التي واجهتها الكنيسة نتيجة اختلاط الثقافات الوثنية و الانحرافات العقائدية و نستطيع باستعراض ايات القران ان نري وحدانية الله في ثالوث ذاته و كيانه و نفسه الواحد و القصة الاقرب الي توضيح ذلك من نصوص القران هي قصة ولادة المسيح عيسي ابن مريم و لننظر في الايات التالية:
آل عمران 45 إذ قالت الملائكة يامريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسي ابن مريم وجيها في الدنيا و الاخرة و من المقربين
المسيح هنا هو كلمة الله و الكلمة يجب ان تكون فكرا في الله قبل ان ينطق الله بها و حيث ان الله ازلي ففكره ازلي و يختلف المسيح عن ادم و ذريته فرغم ان ادم كان في فكر الله الا ان الله خلقه و لم يلقه كما القي عيسي ابن مريم و القي هنا معناها نطق فانت تلقي السلام علي من تمر به و تقول الاية ان الله بشّر مريم بكلمة منه و ليس بغلام دليل علي اختلاف طبع المولود منها عن سائر البشر و ان كان منهم
النساء 171 يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم و لا تقولوا علي الله الا الحق انما المسيح عيسي ابن مريم رسول الله و كلمته القاها الي مريم و روح منه فامنوا بالله و رسله و لا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم انما الله اله واحد سبحانه ان يكون له ولد له ما في السماوات و ما في الارض و كفي بالله وكيلا
و المسيح ليس فقط كلمة الله و انما ايضا روحا منه اي من جوهر الله و ذاته و الاية تنص و تنهي “ولا تقولوا ثلاثة” اي ان الله و المسيح و روحه المذكورين هنا في النص ليسوا ثلاثة “انما الله اله واحد” اي الله و المسيح و روحه ليسوا ثلاثة بل واحد فيشدد القران علي عقيدة التثليث الصحيحة و يقاوم العقائد الاخري الفاسدة التي ادعت بوجود ثلاثة الهة او ان الله ثلاثة ثم يقول النص “سبحانه ان يكون له ولد له ما في السماوات و ما في الارض وهذا صحيح ” فالسماوات مخلوقة و الارض مخلوقة و حاشا ان يتخذ الله ولدا من مخلوقاته لان عيسي المسيح هذا هو كلمته من ذاته و روحه و ليس من سماواته و لا من ارضه التي هي مخلوقاته
مريم 20 – 21 قالت اني يكون لي غلام و لم يمسسني بشر و لم أك بغيا قال كذلك قال ريي هو علي هين و لنجعله اية للناس و رحمة منا و كان امرا مقضيا
و عن تساؤل مريم عن كيفية حملها اتاها الجواب “هو علي هين” اي ان حملها سر الاهي لا تدركه عقول البشر و صعب علي مريم جدا ان تفهمه اي ان تَحمَل دون ان يمسسها بشر لكنه علي الله “هين” اي ليس لبشر و لا لخليقة دخل فيه بل علي الله وحده الامر
مريم 34 – 35 ذلك عيسي ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ما كان لله ان يتخذ من ولد سبحانه اذا قضي امرا فانما يقول له كن فيكون
لقد فرقت الاية هنا بين ما يدعيه بعض هراطقة النصاري ايام النبي محمد من ان الله اتخذ لنفسه ولدا ففرق بين بني البشر و بين عيسي ابن مريم فوصفه انه “قول الحق” تميزا له انه ليس ضمن الخليقة التي قال الله فيها “كن فيكون” و لننظر الي الاية التالية التي توضح بدء ارسال عيسي الي العالم
التحريم 12 و مريم بنت عمران التي احصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا و صدقت بكلمات ريها و كتبه و كانت من القانتين
جميع خليقة الله كانت بكلمته “كن فيكون” الا عيسي ابن مريم “فنفخنا فيه من روحنا” اي حلول ذات روح الله في مريم بنفخة من ذات الله و لما حدث هذا لمريم “صدقت بكلمات ربها” اي بالرسالة التي ارسلها لها الله و بالبشري التي حملها اليها الملاك “ان الله يبشرك بكلمة منه” و ليس بغلام او بصبي منه اي ليس انسانا عاديا بل جسدا هيأه الله لنفسه لكي يحل فيه و اودعه جسد مريم لعفتها و طهارتها لتلده في هيئة انسان لكنه هو صورة الله المنزه عن كل طبائع الانسان
الاخلاص 1 قل هو الله احد 2 الله الصمد 3 لم يلد و لم يولد 4 و لم يكن له كفوا احد
ان كلمة احد اضعف من كلمة واحد فانها في جميع المواضع التي ذكرت في القران جاءت بمعني احد من كل او احد من بعض فاذا كان الله احد فلا بد ان يكون في كينونة ذاته الالهية جمعا و ليس فردا و الا كان اللفظ احد اشراكا لله مع اخرين و هذا هو الشرك بعينه و عليه يجب ان تكون كلمة الصمد هي جمع علي وزن العرب و مفردها صمدي علي وزن عربي و قد ذُكرت هذه الكلمة مرة واحدة في القران في هذه الاية فقط و لذلك يجب ان تُقرا الاية هكذا “الله احد الله الصمد” موصولة غير مفصولة (لان فصل الايات بارقامها ليس معتبرا اسلاميا من ضمن الوحي القراني) فالله الصمد هو الجمع الذي الله احد فيه و لا يجوز القول بان الله احد دون تكملة الله الصمد و الا اصبحت الجملة الله احد تعني (بحسب استخدام كلمة احد في القران) ان الله احد الالهة و هذا شرك و كفر بالله و يلاحظ ان الاية ذكرت” لم يلد و لم يولد” فلماذا وُضع الفعل يلد قبل الفعل يولد لانه من الناحية المنطقية لترتيب الحوادث يجب ان يولد الكائن الحي قبل ان يلد لكن الاختلاف في الترتيب للفعلين في هذه الاية لانها مرتبطة بالصفات الالهية التي قبلها فالله الصمد لم يلد و الله احد لم يولد لان الله احد هو في الله الصمد و باستعلاء هذه الطبيعة الجامعة لله عن الكون المخلوق فلم يكن له كفوا احد و هذا الفكر لا يناقض الفكر المسيحي عن المسيح انه مولود من الاب لان الفكر المسيحي يعتبر دخول المسيح الي العالم هو بشبه الولادة لان ولادة الجسد المنظور الذي حل فيه المسيح جاءت من مريم بعمل الله و حلول روحه في مريم كما أوضحنا سابقامن الايات القرانية لذلك فلا تتعارض هذه الاية مع العقيدة المسيحية لان كلمة ولادة التي يعنيها القران هنا لا تعني كلمة ولادة التي يصوغها قانون الايمان المسيحي عن المسيح انه مولود من الاب لان ولادة المسيح من مريم تمت في زمن محدد اما الله احد فلم يولد من الله الصمد الذي لم يلد اي ان الله الاحد الصمد ازلي موجود دائما و لم يكن هناك اي وقت لم يكن فيه الاحد غير موجود و بالتالي تثبت هذه السورة القرانية وحدانية الله الجامعة و ليس الوحدانية المطلقة كما يدّعي البعض
الانجيل هو صلب و موت و قيامة و ظهور و صعود عيسي المسيح
وردت كلمة الانجيل في القران حوالي اثنا عشر مرة و قد وصفه القران انه مُنزل من عند الله آل عمران 3 “و انزل التوراة و الانجيل” و وصفه بان فيه هدي و نور -المائدة 46 “و آتيناه الانجيل فيه هدي و نور”- و ان الانجيل فيه الحق – المائدة 68 “لستم علي شئ حتي تقيموا التوراة و الانجيل” – فما هو هذا الانجيل الذي تحدث عنه القران و اضفي عليه كل هذه الاهمية ؟ فلندرس اذا تعريف الانجيل.
الانجيل بحسب التعريف الكتابي السليم هو ما ورد في رسالة الرسول بولس الاولي الي اهل كورينثوس و الاصحاح الخامس عشر و نصه “… أن المسيح مات من اجل خطايانا حسب الكتب و انه دفن و انه قام في اليوم الثالث حسب الكتب و انه ظهر …”
و هذا يؤكد ان موت المسيح لم يتم بسبب مؤامرة دبرها اليهود بل كان امرا مُخبرا عنه في الكتب اي كتب اليهود و نبواتهم التي تدعوها الكنيسة كتب العهد القديم مثل ما جاء في اشعياء النبي الذي تنبأ عن المسيح قائلا” محتقر و مخذول من الناس رجل أوجاع و مختبر الحزن … محتقر فلم نعتد به … لكن أحزاننا حملها و أوجاعنا تحملها و نحن حسبناه مصابا مضروبا من الله و مذلولا و هو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلي طريقه و الرب وضع علية إثم جميعنا ظلم أما هو فتذلل و لم يفتح فاه كشاة تساق إلي الذبح و كنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه … أنه ضُرب من أجل ذنب شعبي … و عبدي البار بمعرفته يبرر كثيرين و آثامهم هو يحملها … هو حمل خطية كثيرين و شفع في المذنبين”
و مثل ما تنبأ داوود النبي في المزامير قائلا”لانه قد احاطت بي كلاب . جماعة من الاشرار اكتنفتني . ثقبوا يدي و رجلي . احصي كل عظامي . و هم ينظرون و يتفرسون في . يقسمون ثيابي بينهم و علي لباسي يقترعون”

الانجيل في القران
فهذه كلها كانت نبوات واضحة عن صلب المسيح و موته تحققت و وردت و قائعها في الانجيل كما سرده اربعة من التلاميذ الاول فهل ينفي القران تلك الواقعة ام يثبتها تعالوا ننظر الي الاية القرانية التي يرتكن اليها المسلمون في نفي واقعة الصلب و نفحصها بالتفصيل و نربطها بجميع الايات القرانية الخاصة بهذا الامر و سنجد ان ارتكاز المسلمين علي نص الاية الواردة في “وماقتلوه و ماصلبوه …..” لا تشكل المعني الذي يردده مفسروا القران بعدم صلب المسيح و شرح ذلك كلاتي:

“فبما نقضهم ميثاقهم و كفرهم بايات الله و قتلهم الانبياء بغير حق و قولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا و بكفرهم و قولهم علي مريم بهتانا عظيما و قولهم انا قتلنا المسيح عيسي ابن مريم و ما قتلوه و ما صلبوه و لكن شبه لهم و ان الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم الا اتباع الظن و ما قتلوه يقينا بل رفعه الله اليه و كان الله عزيزا حكيما و ان من اهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته و يوم القيامة يكون عليهم شهيدا”

واضح ان الايه هنا تناقض فكر اليهود و ادعاءهم و ليس فكر الحواريين و لا اتباع عيسي و القران هنا يُسفّه هذا الفكر لان اليهود كانوا يتجبرون و يتفاخرون علي المسيحيين ان مسيحهم هذا ضعيف و يتباهون انهم قتلوه و صلبوه و لكن الواقع ان القران يدحض و يفضح كبرياءهم لانه رغم تامرهم علي قتل المسيح الا ان تنفيذ ذلك الفكر لم يكن في استطاعتهم و لا في سلطانهم و ذلك بسبب عجزهم عن تنفيذه لانهم كانوا تحت الاحتلال الروماني و لم تكن امور و زمام دولتهم بايديهم فحتي محاكمتهم للمسيح كان يلزم المصادقة عليها من الوالي الروماني و تنفيذ الاحكام لم يكن بسلطتهم لانهم كانوا مستعبدين للجيش الروماني المحتل فهم قد تامروا علي المسيح لكن الفاعل لعملية القتل و الصلب هم الرومان و ليس اليهود و الرومان وجدوا فرصة التشهير باليهود و اذلالهم اذ اخذوا عليه تهمة الصقها اليهود به انه قال انا ملك اليهود فاخذه الرومان علي هذه التهمة و صلبوه نكاية في اليهود و علقوا علي صليبه يافطة تقول هذا هو ملك اليهود فاغتاظ اليهود جدا و اشاعوا بين الناس و في تاريخهم المزيف انهم هم الذين صلبوه و جهلوا و تجاهلوا رفع الله لعيسي بعد ان بعثه حيا و اقامته من الاموات بعد دفنه فوبخهم القران علي صلفهم و كفرهم فالذين شُبه لهم و الذين اختلفوا فيه و الذين في شك منه هم اليهود و ليس الحواريين و لا اتباع عيسي الذين ذكر القران ان الله قال عنهم “و جاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا الي يوم القيامة” و الذي نفاه القران هو يقينية اليهود من قتل المسيح “وما قتلوه يقينا”
و النص يقول “و ما قتلوه و ما صلبوه و لكن شبه لهم” و لم يقل النص ولكنه شبه لهم و بغياب حرف الهاء التي كان ينبغي ان تعود علي شخص المسيح فيكون ما شُبه لهم اي لليهود هنا هو حادثة قتل المسيح المقصود بها انهاء حياته لان المسيح بعد ان توفاه الله قام من الاموات أي بعثه الله حيا و هو حي الان فقتلِه مشبّه لهم أي لليهود و ليس لاتباع عيسي و لم يكن قتله امرا مقضيا كما ظنوا و يظنون الي الان فانه اذا كان شخص المسيح هو الذي شُبه لهم لكان القران قد قال ولكنه شبه لهم و بغياب الهاء من لكن فلا يمكن ان تعود شُبه علي شخص بل علي الحدث لان اليهود قتلوه و ما قتلوه لانهم دفعوه الي الرومان الذين صلبوه اما اليهود فما صلبوه و علي الصليب استودع المسيح روحه في يدي الله فتوفاه الله و لما دفن في القبر بعثه الله حيا و بعد ايام من بعثه حيا رفعه الله اليه و هذه هي سلسلة الاحداث التي تطابق ايات القران عن موت و قيامة و صعود المسيح حيا الي الله
كما ان الفعل شُبه لهم مبني للمجهول أي ان فاعله مجهول مما يدل علي ان الله لم يفعل التشبيه سواء كان لحدث او لشخص و كذلك لم يفعله عيسي فيكون اليهود هم الذين شبهوا لانفسهم قتل عيسي و لايمكن ان يُنسب الفعل الي الله دون استدلال علي ذلك و من حيث ان التشبيه هو من فعل الخداع و التضليل فلا يمكن لله ان يُضلل المؤمنين بعيسي و لا يُضل الله الا القوم الفاسقين و بالتاكيد ليس اهل الكتاب و لا الحواريين و لا اتباع عيسي
و تقول الاية “و ان من اهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته” و هذا معناه ان اهل الكتاب شهدوا موته و ان ايمانهم به هو ايمانهم بما اخبرهم به قبل موته و هذه هي الايات التي اخبر فيها عيسي اهل الكتاب عن موته قبل ان يحدث “اذ قال الله يا عيسي اني متوفيك و رافعك الي و مطهرك من الذين كفروا و جاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا الي يوم القيامة ثم الي مرجعكم فاحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون”
و هذه الاية تحوي ثلاث احداث يعملها الله لعيسي يتوفاه و يرفعه و يطهره فاذا كان الرومان قتلوه لكن المسيح استودع روحه في يدي الله فتوفاه لان القتل بفعل الانسان اما التوفي فبيد الله وحده و الرفع هنا بعد التوفي و لا يرفع الله امواتا بل احياء فيكون ان الله توفاه ثم احياه اي بعثه حيا كما قال هو و بحسب النص القراني انه يبعث حيا ثم رفعه اليه و هذا هو العمل و الدليل علي اتمام فعل مُطهّـرك من الذين كفروا لان الصليب به عار حسب الديانة اليهودية لكن ببعثه حيا بالقيامة و الرفع يُظهَر رضوان الله علي المسيح و تطهيره بتلك القيامة من العار الذي حاول الذين كفروا الصاقه به
و في الاية “ماقلت لهم الا ما امرتني به ان اعبدوا الله ربي و ربكم و كنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت انت الرقيب عليهم و انت علي كل شئ شهيد” و هنا حديث عيسي الي الله بعد بعثه حيا و قبل رفعه اذ يقول بصيغة الماضي فلما توفيتني و الحديث هنا مثبت بسمع الحواريين و نقله عنهم اثباتا لموت المسيح و قيامته اي ان المسيح تكلم بهذا الحديث الي الله امام تلاميذه بعد اقامته من الموت ببعثه حيا و قبل اصعاده الي السماوات اي قبل رفعه الي الله
و قد تكلم المسيح عن موته و قيامته قائلا و سلام علي يوم ولدت و يوم اموت و يوم ابعث حيا مما يدل علي انه كما في ولادته و في بعثه حيا سلام فكذلك في موته ايضا سلام و ان بعثه حيا يسبق رفعه فلا يمكن ان يموت مرة اخري مَن رُفع الي الله حيا بعد بعثه فبحسب القران و الانجيل فقد مات المسيح مصلوبا ثم بعث حيا و ظهر و تكلم مع الحواريين ثم رفعه الله اليه و هو الان حي في السماء امام الله و هذا هو الانجيل الذي اقر به القران و يؤمن به المسيحيون ايضا
و خلاصة الامر ان صلب المسيح و قيامته هي عقيدة لا تتعارض مع العقيدة الاسلامية و معتنقوها لا يجوز اعتبارهم كفارا و ان الايمان الذي يتبع انجيل المسيح بحسب الكتاب المقدس لا يتعارض مع الاسلام بل يثبّته القران كما جاء في آل عمران 3 “نزل عليك الكتاب (اي علي النبي محمد) بالحق مصدقا لما بين يديه (أي بين يدي المسيح عيسي و هو التوراة و الانجيل) و انزل التوراة و الانجيل” و ايضا في سورة النساء 47 “يا ايها الذين اوتوا الكتاب امنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم” و في المائدة 48″ و انزلنا اليك (أي للنبي محمد) الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه (أي بين يدي عيسي ابن مريم) من الكتب” فلا يجوز تكفير من لم يكفّره القران و ان المسيحيين ليسوا كفّارا بل هم المسلمون الحنيفيون المدققون في الدين كما ان تكفير المسيحيين هو كفر بالقران و اياته و عصيان علي النبي محمد و عليه ايضا فان كنائس المسيحيين هي مساجد الله فلا يجوز مهاجمتها او هدمها او حرقها و ان من يعمرها فانما يعمر مساجد الله من آمن بالله و اليوم الاخر

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات