«منى فؤاد» تكتب: أيوه إحنا كفرة

الكاتبة منى فؤاد - أرشيفية
«منى فؤاد» تكتب: أيوه إحنا كفرة
 
طول عمرنا نظرتنا للكافر زي ما طبعته في أذهاننا الدراما المصرية، واﻷفلام العربي.
زي شخصية أبو لهب في فيلم فجر اﻹسلام.
 
نراه يعبد اﻷصنام؛ وجهه أشعس دميم يميل لوجه الشيطان؛ صوته غليظ كأنكر اﻷصوات؛ قلبه ميت.
 
ﻻ أحساس له وﻻ مشاعر؛ يضع أمامه الخروف بأكمله ويلتهمه بوحشية، وحوله الجواري تتمايل عليه وتتراقص له لترضيه؛ يضحك بهمجية غير مبالى وكأنه يملك العالم.
 
أتذكر وانا طفلة كلما رأيته في الفيلم أشتم رائحة قذرة؛ وﻻ أعلم حتى اﻷن لماذا كنت أشم هذه الرائحة الكريهة.
 

هكذا عرفنا الكافر منذ نعومة أظافرنا.

 
أصعب حاجة في الدنيا إنك تتظلم ويتقال عليك ما ليس فيك.
 
ﻷننا أجدع شعب نقال للكﻻم من الدرجة اﻷولى؛ يعني يسمع الجملة وينقلها وهو مقتنع بها، ومصدقها، وكأنه على علم تام بأنها حقيقة ﻻ ريب فيها.
 
ومهما تحاول تقول وتشرح وتوضح؛ إن ده مجرد كﻻم ليس له أساس من الصحة، وأن من قال هذا له مصالح شخصية فيقولك: أقسم بالله العلي العظيم ده اللي حصل، ودي الحقيقة.
 
طيب يا عم استفتي قلبك؛ يقولك: من غير ما استفتيه؛ هو كدة طالما موﻻنا قال: يبقى صح.
 

شخص ما قالك: المسيحيون أقلية كافرة.

 
أنكرها قليلون ،ورددها البعض، وصدقها أخرون، ومارسها الكثيرون؛ دون الرجوع لمعرفة صحتها، وكأنه فجأة اكتشف: ان المسيحيين أصبحوا أبو لهب؛ يلتهموا الخروف بوحشية، وكانه منتظر أن يسمعها ليصدق عليها وينشرها.
 
طب ياعم المؤمن: كتر خيرك.
 
أيوة إحنا كفرة، ولكن بأي شئ كفرنا؟!
 
كفرنا بسطحيتكم وجهلكم وتعنتكم وتعصبكم اﻷعمى؛ ﻹنكم بتصدقوا اللي بيتقال؛ متناسين تاريخ ومواقف وعشرة طيبة، وجيرة وصداقة، وحياة بأكملها بينكم وبين هؤﻻء اﻷقلية الكافرة.
 
هم فعﻻ كفرة ﻷنهم أحبوكم، وﻷنهم تسامحوا في اﻹساءة الﻻ متناهية لهم؛ مستندين على كتابهم ووصاياه؛ هم صحيح كفرة: ﻹنهم مرفعوش قضية إزدراء واحدة على من أهانهم، وأهان ما يؤمنون به.
 
البعض يسموها ضعف وقلة حيلة، ولكن هذا هو دينهم.
 
ﻻ يدينوا كي ﻻ يدانوا، وﻻ يردوا اﻹساءة بإساءة مثلها.
 
هل هذا ﻷنهم أقلية كافرة؟!
 
بنصدق شخص يقول فتاوي ليأخذ من ورائها بعض الدوﻻرات من دول لها مصالح في شق الصف الواحد؛ لمجرد أن هذا الشخص يرتدي جلباب أبيض قصير.
 
ويطلق لحيته حتى تصل الى قلبه اﻷسود، ويجلس أمام ميكرفون وكاميرا وشاشة؛ هم في اﻷصل من اختراع هؤﻻء الكفرة؛ ليسبهم ويكفرهم ويقول فيهم: ما لذ وطاب على قلبه.
 
تهنئة الكفرة بأعيادهم حرام؛ الترحم على أمواتهم حرام؛ الرد على سﻻمهم حرام.
الغريب في اﻷمر؛ أن البعض يقوم بتنفيذ أوامره الغير منطقية دون تشغيل أي فص من فصوص المخ اللي خلقه ربنا للتفكير؛ هل هذا يعقل ام ﻻ؟
 
يقول شيخ آخر؛ ﻻ تصافحوهم؛ فهم يمارسون الفحشاء في دور عبادتهم، ويشربون الخمر، ويعبدون ثﻻثة ألهة؛ ويأكلون لحم الخنزير، ونسائهم متبرجات كاسيات عاريات.
 
ثم نجد هذا الشيخ يجمع التبرعات تحت مسمى فعل الخير، ويهرب بها، يركب السيارات الفارهة، وعندما يمرض؛ يسافر للعﻻج في البﻻد الكافرة، وعلى أيدي الكفرة؛ دون أن يحاسبه أحد.
 
أيوة إحنا كفرة ياعم الشيخ ﻷننا: أحببنا أعدائنا، وباركنا ﻻعنينا، وصلينا ﻷجل اللذين يسيؤن إلينا.
 
نرى بأعيننا حرق إنجيلنا والتبول عليه، وﻻ نعبأ بما فعلوه؛ ساخرين من فعلتهم، ونقول: شكرا يابا الحاج.
 
العيب ليس على هؤﻻء؛ أي شيوخ الفتاوي الجهنمية، ولكن العيب كل العيب؛ على من ينساق وراء سمومهم، وزرع الفتنة والفرقة والبغضة بيننا.
 
نتحسر على اﻷيام الخوالي؛ اللي كنا فيها شعب واحد؛ ﻻ فرق بين دين ودين.
نتشارك في افراحنا وأتراحنا.
 
إلى أن أتت لنا رياح مسمومة، وتسربت بيننا كالمرض الخبيث؛ لتفرق دون أن نفهم إنها لعبة سياسة وليس دين؛ فالدين براء من هؤﻻء اﻷبالسة.
 

ربنا لاتؤاخذنا بما فعل السفهاء منا؛ ربنا إنك غفور رحيم.

 

بس برضه على فكرة؛ أيوة إحنا كفرة.

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات