بابا المحبة يلتقي بابا السلام كلمة قداسة البابا فرنسيس

البابا فرنسيس الثاني، بابا الفاتيكان
نادية فرج المسيح قام حقًا قام قداسة البابا، أيها الأخ الحبيب للغاية لقد احتفلنا مؤخرًا بعيد القيامة المجيد، محور الحياة المسيحية، وحظينا هذه السنة بنعمة الاحتفال به في نفس اليوم. فقمنا هكذا وبتآلف بإعلان بشارة القيامة، إذ عشنا، بشكل ما تجربة التلاميذ الأولين، الذين معًا في ذلك اليوم “ابتهجوا لرؤية الرب” (يو20:20) وقد اغتنى هذا الفرح الفصحي اليوم بنعمة السجود سويًا للرب القائم من بين الأموات بالصلاة، وبتبادل قبلة المحبة المقدسة وعناق السلام مجددًا، باسمه. وإنى ممتن للغاية لهذا: فبمجيئي إلى هنا كزائر كنت على يقين من أني سأحصل على بركة أخ ينتظرنى.

عظيمًا كان التطلع إلى أن نلتقى مجددًا. في الواقع إني أحتفظ في قلبي بذكرى حية لزيارة قداستكم إلى روما. بعد فترة وجيزة من انتخابي يوم 10 مايو 2013م، هذا التاريخ الذي أصبح، على نحو سعيد، مناسبة نحتفل فيها كل عام بيوم الصداقة القبطية الكاثوليكية. فى فرح الاستمرار بأخوة فى مسيرتنا المسكونية، أود أن أتذكر وقبل كل شئ تلك العلامة الفارقة في تاريخ العلاقات بين كرسي القديس بطرس وكرسي القديس مرقس، أي “البيان المشترك” الذى وقعه أسلافنا قبل أكثر من 40 عامًا، فى 10 مايو 1973 ففي ذلك اليوم، بعد “قرون عصيبة من التاريخ” حيث ظهرت اختلافات لاهوتية، غذتها وألهبتها عوامل ذات طابع غير لاهوتي.

وكذلك غياب عام للثقة في التعامل، فقد حان الوقت، بمعونة الله لاعترافنا معًا بأن المسيح هو “إله حق نسبةً لألوهيته” و”إنسان حق نسبةً لبشريته” (البيان المشترك الموقع من قداسة البابا بولس السادس وقداسة البابا الأنبا شنودة الثالث 10 مايو 1973)، وليست أقل أهمية وملاءمة لزمننا الحالي، الكلمات التي تسبق هذا الإقرار مباشرة، أي تلك التي من خلالها اعترفنا بربنا وإلهنا ومخلصنا وملكنا كلنا يسوع المسيح. بهذه العبارات أعلن الكرسي المرقسي والكرسي البطرسي ربوبية يسوع، واعترفنا معًا بأننا ننتمى إلى يسوع، وبأنه كل شئ بالنسبة لينا. علاوة على ذلك، أدركنا أننا ولكوننا ملكًا له، لا يمكننا بعد الآن أن يسير كل منا فى طريقه، لأننا هكذا نخون إرادته: بأن يكونوا “جميعًا (….) شيءً واحدًا (…..) كى يؤمن العالم” (يو21:17).

فأمام عيني الرب الذي يريدنا “كاملين في الوحدة” (آية 23). لم يعد بإمكاننا الاختباء وراء ذرائع وجود اختلافات فى التفسير، ولا حتى خلف قرون التاريخ والتقاليد التى جعلتنا غرباء. فكما قال هنا قداسة البابا يوحنا بولس الثاني: “لم يعد لدينا وقت نضيعه في هذا الصدد! وحدتنا في الرب يسوع المسيح الواحد، وفي الروح القدس الواحد، وفي المعمودية الواحدة، تمثل بالفعل واقعًا عميقًا وأساسيًا” (حيث أثناء اللقاء المسكونى، 25 فبراير 2000). لا وجود بهذا المعنى لمسكونية قائمة على الأفعال والكلمات والالتزام وحسب، بل هناك مسكونية قائمة بالفعل، تنمو يوميًا في العلاقة الحية مع ربنا يسوع، وتتجدر في الإيمان المعلن، وتقوم فعليًا على سر معموديتنا، أي على كوننا في المسيح “خليقة جديدة” (را2 ، كور17:5) باختصار، “رب واحد، إيمان واحد، معمودية واحدة” (أف 5:4). من هنا ننطلق دائمًا لاستعجال ذلك اليوم المنشود للغاية، والذي فيه سنكون في وحدة مرئية وكاملة على مذبح الرب. فنحن لسنا وحدنا، فى هذه المسيرة المشوقة والتي – على مثال الحياة – ليست دائمًا سهلة وواضحة، والتى من خلالها يحثنا الرب للمضي قدمًا. ترافقنا جوقة هائلة من القديسين والشهداء – المتحدين فيما بينهم اتحادًا تامًا – وتدفعنا لأن نكون منذ الآن صورة حية “لأورشليم السمائية” (غل26:4). ومن بين هؤلاء يفرح اليوم بشكل خاص بلقائنا القديسان بطرس ومرقس. فالرباط الذي يجمعهما هو عظيم. يكفي أن نفكر في أن القديس مرقس قد وضع في قلب إنجيله فعل إيمان بطرس “أنت هو المسيح!”. والتي كانت إجابته على سؤال يسوع – سؤال مازال حاليًا – “وأنتم من تقولون أني أنا؟” (مر29:8) ومازال هناك اليوم أيضًا الكثير من الأشخاص الذين لا يعرفون الإجابة على هذا السؤال، بل وقل أيضًا حتى من يطرح هذا السؤال، وخصوصًا من يقدم، من خلال إجابته فرح معرفة يسوع، هذا الفرح الذي حظينا بنعمة إعلانه سويًا.

نحن مدعوون إذًا لأن نشهد للمسيح معًا، وأن نحمل للعالم إيماننا، قبل كل شيء بأسلوب الإيمان الخاص: أي بعيشه، لأن حضور يسوع ينتقل عبر الحياة ويتكلم لغة المحبة المجانية والملموسة. فبإمكاننا دائمًا، أقباطًا أرثوذكسيين وكاثوليك أن نتكلم معًا أكثر فأكثر لغة المحبة المشتركة هذه ومن الجميل أن نسأل أنفسنا قبل القيام بمبادرة خير، إن كان بإمكاننا أن نقوم بها مع إخوتنا وأخواتنا الذين يتشاركون معنا بالإيمان بيسوع. هكذا ببنائنا الشركة عبر الواقع اليومي الملموس لشهادتنا المعاشة، لن يتوانى الروح في جعل العناية الإلهية تفتح أمامنا دروبها بطرق غير متوقعة. 

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات