الوقوف على أسباب انهيار العقار المنكوب بالإسكندرية ..

عقار الإسكندرية

شهدت الإسكندرية خلال السنوات القليلة الماضية عشرات الحوادث لانهيار عقارات قديمة وجديدة كبيرة وصغيرة في مناطق متفرقة من المدينة والتفسير التقليدي دائما يرجع سبب تلك الانهيارات إلى انفجار مواسير مياه أو صرف صحي بدون أن يفكر المهندسون والمسؤولون في أسباب أخرى لتلك الظاهرة المميتة والتي تؤدي إلى مقتل وتشريد المواطنين

وفي استطلاع لآراء عدد من المختصين حول ظاهرة سقوط عقارات الإسكندرية بلا توقف.

الدكتور أحمد محمد عبده الخبير الجيولوجي يقول: إن مشكلة الإسكندرية تكمن في شبكات الصرف الصحي المتهالكة وما تحدثه في تربة الأرض إلى جانب البناء العشوائي الذي يتم على التربة الطينية والتي تتواجد في منطقة شرق الإسكندرية وتتأثر بمياه الصرف الصحي الحمضية وتؤدي إلى زيادة حجمها وبدورها وتضغط على المباني التي تعلوها، وعند انكماشها تؤدي إلى هبوط التربة، أما التربة الجيرية التي تتواجد في منطقة العجمي وكوم الدكة ومينا البصل فهي قابلة للإذابة بفعل مياه الصرف الصحي ومياه الشرب، واكد أن التربة الرملية والتي تتواجد في منطقة شرق الإسكندرية هي أفضل مكان للبناء ولكنها أيضا تتأثر بتسرب المياه.

كتل خرسانية بلا جدوى

ويضيف الدكتور ياسر الوكيل أستاذ علوم البحار أن أعمال حماية الشواطئ منذ عام 2005 وهو ما تسبب في تلف الأعمال السابقة في حماية الشاطئ والتي تكلفت 4.5 مليون جنيه رغم تحذيرات الخبراء عن خطورة الوضع الراهن على الطريق وعلى المباني لعدم استكمال أعمال الحماية، فضلًا عن عدم جدوى الكتل الإسمنتية التي تقوم المحافظة بوضعها على الشاطئ. مؤكدا أن الإهمال جاء منذ حكومة نظيف وتقاعست عن إتمام الأعمال المكلفة بها ما يؤدي إلى ضياع ملايين الجنيهات دون تحقيق استفادة فعلية، ناهيك عن تعريض حياة عشرات الآلاف من المواطنين السكندريين للغرق بسبب خطورة الوضع الراهن على شاطئ الكورنيش.

700مليون جنيه لحماية الشاطئ

وطالب الوكيل بسرعة إنهاء الموافقات الحكومية حول الاعتمادات المالية الخاصة بحماية الشواطئ، مشيرًا إلى أن شواطئ الإسكندرية تتعرض لخطر كبير خلال الفترة الحالية، لافتا إلى أن شاطئ كورنيش الإسكندرية يحتاج إلى اعتماد مالي يصل إلى 700 مليون جنيه لإنقاذ الشاطئ عن طريق أعمال حماية بطول 25 كيلومترًا تبدأ من المنتزه وحتى منطقة رأس التين عن طريق الحواجز الغاطسة.

وأشار أستاذ علوم البحار إلى أن تأمين الشواطئ عن طريق الحواجز الغاطسة أحد الحلول المجربة فعليًا والتي أثبتت نجاحًا كبيرًا، خاصة مع قلة التكلفة في مقابل وسائل حماية أخرى ليست بنفس القدر من الكفاءة مشددا على أن هناك أبحاث علمية حذرت من تصاعد الانهيارات الأرضية بشارع- الكورنيش- بالإسكندرية في الأماكن التي تحتوي على كهوف مائية أسفل الطريق.

يكشف محمد فاروق أستاذ علوم البيئة عن قيام البنك الدولي بإجراء دراسة حديثة عن الدول النامية، لفتت الانتباه إلى حساسية هذه السواحل، وورد بها تقديرٌ للنسبة المئوية للعواقب المنتظرة لارتفاع مستوى سطح البحر في دول من المنطقة، خاصة الإسكندرية وبرغم أن ارتفاعًا في مستوى سطح البحر لأكثر من متر واحد هو سيناريو بعيد الاحتمال، إلى أبعد حد، وذلك من وجهة نظر عدد من الباحثين، فمن المفيد جدًا أن تؤخذ بعين الاعتبار مقارنة النسب المئوية لعواقبه في دول محددة، وعبر قطاعات المنطقة، عند وضع المخططات، وتُظهرُ دراسة البنك الدولي، بجلاء، أن مصر، ستكون الأكثر تأثرًا من حيث النسب المئوية للضرر الواقع بالناتج الإجمالي المحلي، والإنتاج الزراعي. فمما لا شــك فيه أن دلتا نهر النيل، ومدن: الإسكندرية ورشيد وبورسعيد، وما في محيطها، هي الأكثر تعرضًا للغرق في منطقة شمال أفريقيا؛ فالدلتا معرّضة بصورة مباشرة لغرق مساحات الأراضي المنخفضة، والمناطق الساحلية الواقعة– أصلًا– تحت مستوى سطح البحر.

 

الماء المالح يتخلل الأراضي الزراعية

ولفت أستاذ علوم البيئة إلى أنها معرّضة لأن يتخلل الماءُ المالحُ الأراضي الزراعية، فترتفع درجة ملوحتها. ويقدّرُ عددُ سكان هذه المنطقة بما يزيدُ على 6 ملايين نسمة، قد يُضطرون إلى مبارحتها والهجرة منها. فإن أخذنا في الاعتبار أن منطقة دلتا النيل تنتج 60% من الإنتاج الزراعي المصري، وأن 50% من الأنشطة الصناعية والاقتصادية في مصر مركَّـزَة بالمدن السابق ذكرُها، فالمتوقعُ أن تكون الخسائرُ المصرية فادحة، إن لم تتخذ إجراءات بشأنها.

وحذر فاروق من النحر الساحلي واصفا إياه بأحد المشاكل الساحلية الأكثر أهمية؛ والمتوقّع له أن يتغير، ترتيبًا على التبدلات الطارئة على نظام الدوران الساحلي بالمنطقة، بسبب التغيرات المناخية. مؤكدا أن معدلات النحر الساحلي في موقع النتوء الخليجي لرشيد تتجاوز 50 مترا في السنة، وذلك لغياب الطمي، بعد بناء السد العالي في أسوان. والمنتظر لهذه المعدلات أن ترتفع بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر. يضاف إلى ذلك عواقب سالبة تمسُّ مختلفَ نواحي حركة التجارة بالمنطقة، مثل التصدير، وإيرادات قناة السويس، وتهجير التجمعات السكانية الفقيرة، وتعقيدات اجتماعية اقتصادية أخرى متوقعة.

 

البحث عن الآثار

ويرجع أحد العاملين بالصرف الصحي الذي رفض ذكر اسمه أسباب أغلب الانهيارات التي وقعت مؤخرا إلى تهالك شبكة المياه والتي أدت إلى الانهيار حيث تترك مواسير المياه لمدة تزيد على ثلاثة أيام بدون إصلاح وهو ما يؤدي إلى الانهيار الأرضي، مؤكدا أن شركة الصرف الصحي تتابع أي بلاغات تقدم عن وجود انهيارات، وتتعامل معها بجدية من خلال تحويل الخط إلى أقرب موقع آخر وإصلاح المواسير المتسببة وردم المنطقة المتضررة بالرمال.

وأشار إلى أن الحفر بحثا عن الآثار يعد أبرز الأسباب وراء الانهيار، كما هو الحال في موقعين بمنطقة مينا البصل، نافيا أن يكون سبب الهبوط مواسير الصرف الصحي، بسبب هشاشة التربة وضغطها على مواسير الصرف الصحي ما يتسبب في كسرها نظرا لأنها مصنوعة من مادة أشبه بالفخار وليست بلاستيكية كمواسير الماء أو الكهرباء.

وأكد أن هيئة الصرف الصحي تقوم بكل ما يلزم من أجل التأكد من سلامة جميع المناطق في المحافظة، والعمل من أجل راحة الجميع، كما أنها أقل الشركات التي يشتكي منها- على حد وصفه.

كهوف في بطن عروس المتوسط

ويلفت الأثري جمال صديق إلى أن الإسكندرية بنيت منذ عام 334 ق.م وكانت عاصمة مصر لقرن من الزمن وشهدت بناء المدينة في العصر البطلمى ثم عصر الرومان وأخيرًا بعد الفتوحات الإسلامية وفي كل عصر كانت تبنى فيه البلد فوق آثار وصهاريج مياه وقد تتحرك المياه الجوفية أو تنفجر ماسورة صرف فتتحرك الأتربة أو الطبقات الرقيقة من التربة وتدخل في فتحات السراديب والكهوف الموجودة في باطن الأرض ومع كثرة هذه المواد تتم زحزحة في الطبقات السفلية ما يؤثر على الطبقة السطحية فتحدث ظاهرت الهبوط.

ونبه صديق إلى أن الإسكندرية تعاني من فساد الأحياء والتي تسمح بالبناء المخالف وكذلك تعطيل قرارات الإزالة الصادرة للعقارات الآيلة للسقوط مؤكدا أن أمثلة الفساد التي كشفت عنها الرقابة الإدارية بالإسكندرية كبيرة جدا، الأمر الذي ينذر بكارثة حيث ان هناك آلاف قرارات الإزالة لعقارات مخالفة وآيلة للسقوط لم تنفذ بالمدينة.

فالآن ليس هناك وقت لتبادل الاتهامات بين المسؤولين ولكن الإسكندرية تنتظر دراسات حقيقية مبنية على علم حقيقي لإنقاذها من الانهيارات الأرضية وانهيار العقارات.

 

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات