مريم عدلي تكتب فنكوش الأحزاب السياسية

بقلم : مريم عدلى
لاشك أن أغلب الأحزاب السياسية في مصر تعاني مشاكل مختلفة ، ما بين الضعف التنظيمي والمؤسسي، وضبابية الرؤية السياسية ، وافتقاد الديمقراطية الداخلية ، وتمحور بعضها حول شخصنة مؤسسيها ، فضلاعن ضعف تواصلها مع الجماهير، بالأضافة الى قلة التمويل .. فالتجربة الحزبية بعد ثورتين تجربة مريضة تعاني خلل فى البنية الاساسية ، وعيوب هيكلية فادحة ، فضلاً عن معانتها من تكلُّس قيادتها , بالأضافة الى ظاهرة خلط العمل الحزبي بالعمل الاجتماعي، ممن يستغلون حاجة المواطنين. ويجب أن نعترف بأن هذا التردى فى الحياة الحزبية غير المسبوق بعد ثورتين ، قد ألقى بظلاله على الأداء البرلمانى، الذى تراجع هو الآخر لدرجة غيرمسبوقة ، فالأداء البرلمانى كان ينطلق من قوة الأحزاب السياسية ، لكن مازالت هذه الأحزاب تفتقد تأثيرها فى الحياة السياسية مما يعكس عدم جدوى هذا الكم من الأحزاب، التى لا قيمة ولا وزن سياسى حقيقى لها ، مما يستدعى مراجعة حالها وكيفية تقويتها أو دمجها, هذا الأمر الذى جعل الرئيس عبد الفتاح السيسى يجدد دعوته للأحزاب بالاندماج فى ١٠ أو ١٥ حزباً، وتشكيل كيانات قوية تضيف للحياة السياسية ، فى رسالة واضحة منه بأن الوضع الحالى لايستقيم …حيث وصل عدد الأحزاب السياسية بعد الثوريتن إلى حوالي 109 حزباً حصلت على الترخيص الرسمي ، بالإضافة إلى قرابة 100 حزب لازالت في قائمة الانتظار، فلم يعد بمقدور أى مواطن أوحتى مهتم بالشأن السياسى، الإلمام بكم هذه الأحزاب، أو أسمائها، أو قادتها، وعلى أى أساس تم إشهارها ، فلا يوجد حزب يلفت النظرإلى برنامجه أو الهدف من توجده على الساحة السياسية …. فهذه التوليفة الحزبية القائمة لم تول أى اهتماما بالشارع ، وأغفلت حضورها به ، ولم تعبأ بهذه المسألة اصلا ، ووضعت على عاتقها تحقيق المكاسب الشخصية…. فالأحزاب السياسية فى مصر تفتقد للقاعدة الجماهيرية , وتعانى الوهن والضعف وبالتالى هى “احزاب كرتونية وفنكوش” وعلى الرغم من مضى أكثر من 110سنة على ممارسة الحياة الحزبية فى مصر، الأ انها تزداد ضعف ووهن على كثرتها ، فالأمرليس بكثرة الاحزاب وإنما بجدية الممارسة وتحقيق برامجها لصالح الوطن والمواطن , فالدعوة للإندماج بين أحزاب متقاربة غير متنافرة , أعتقد أنها دعوة، تتعلق بترشيد السيولة والفوضى الحزبية ، فهى جاءت فى وقتها الأمر الذى يوجب التعامل معها بجدية لأجل الصالح العام ، وكى تكون بداية إصلاح حقيقى للمنظومة الحزبية فى مصر ومن ثم اصلاح برلمانى والذى سينعكس على الأداء الحكومى، وهوما نأمله جميعا. ورغم أن الثورات اخرجت الحياة السياسية من حالة الانسداد ، وفتحت باب المشاركة السياسية أمام ملايين المصريين، للدخول الى مرحلة التحول الديمقراطي، والانتقال إلى النظام التعددي ، القائم على المشاركة، والمنافسة الديمقراطية ، الأ أننا نرى تغير الخريطة الحزبية من حيث الكم ولكنها احتفظت بنفس الأمراض السابقة ، الأمر الذي أعاقها عن إحداث أى تحول نوعي في خريطة المشهد السياسي , حيث شهدت الاحزاب انفراط عقدها بعد الثورات ، فلا يوجد حزب يحمل في ذاته عوامل التماسك , لكنى أتسائل كيف يكون للمعارضة دور فعال في النقد البناء فى ظل هذه الأنفراطة؟ وكيف تنجح هذه الأحزاب في توفيربديل للقادة فيما بعد؟ فالأحزاب فى الدول الدايمقراطية الكبرى بدأت بفكرة الجماعة التى تدافع عن مصالح العمال ، فكانت فكرتى “الماجناكارتا البريطانية” (أول وثيقة دستورية في التاريخ تُعدُّ معلمًا بارزًا من معالم تطوّر الحكومة الدستوريّة في بريطانيا) , و” العقد الاجتماعى” بين الشعب وبين السلطة كانت الطريق الذى أفرز فكرة الأحزاب، فكانت الأحزاب تتشكل من خلال القاعدة الجماهيرية التفافاً حول برنامج سياسى يعبرعنها ويضع الحلول لمشاكلها ، كما أن عدد الاحزاب يتجاوز أصابع اليد فى هذه الدول , فضلاعن اطلاق بعض الدول لحرية تكوين الأحزاب فى إطار القانون والدستور لكن بشرط حصولها على عدد معين من المقاعد بالبرلمان الأمر الذى يجبر تلك الأحزاب الى تقليص اعدادها إلى ما لا يزيد على 10الى 15 حزبا اذا لم يكن لها تواجد تحت قبة البرلمان. وبإختصار أرى أن قيام حياة حزبية سليمة سيستغرق وقت، ريثما تتبلور خريطة حزبية واضحة المعالم ، تتكون من أحزاب حقيقية ، تعبر عن مختلف الشرائح الفكرية والاجتماعية للمجتمع المصري الأمر الذى يستلزم إجراء حوار حقيقي، بين مختلف القوى السياسية ، بهدف خلق توافق وطني حول المبادئ الأساسية التي تمثل أرضية مشتركة ، ووضع ضوابط محدة للعمل الحزبي والسياسي ، وأنه بمرور الوقت ، ستتكفّل الممارسة العملية ، بفرز الغث من السمين ، وبنضوج التجربة الحزبية ، يكون لدينا تعددية حقيقية ، تتنافس فيها أحزاب قوية ، تمتلك كافة المقومات الفكرية ، والقدرات التنظيمية ، والإمكانات المالية ، والقواعد الجماهيرية، لتلعب دورها الأساسى كوسيط بين الشعب والنظام الحاكم ولتقوم بإحصاء مطالب الشعب واحتياجاته وتصوغها في إطاربرنامج سياسي , ولا تكون مجرد صالونات نخبوية ، فالتعددية الحزبية الناضجة شرط أساسي لانطلاق التجربة الديمقراطية وفى النهاية , أؤكد أن التجارب الحزبية فى الدول الديمقراطية أثبتت أنه “لا ديمقراطية دون أحزاب ولا أحزاب دون تعددية”، ولن تكون ديمقراطية ولا تعددية ولامشاركة سياسية حقيقية بغير حياة حزبية صحيحة وسليمة , ولذلك يجب تقنين تراخيص الممارسة الحزبية وذلك لترشيد السيولة والفوضى , وعمل “مشروع قانون” يمنح الدولة الحق فى شطب الأحزاب غير المجدية.

 

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات