شهد ميخائيل تكتب فارس النغم بليغ حمدي

شهد ميخائيل

إن كان المغنون الشباب وأصحاب المواهب، والذين يطرقون بالآلاف أبواب برامج اكتشاف المواهب الغنائية التي تعج بها شاشات المحطات الفضائية العربية، يقصدون أغاني نجوم الطرب الكبار الراحلين التي تغنت بها (أم كلثوم: حب إيه، أنساك، سيرة الحب، بعيد عنك، الحب كله) أو (عبد الحليم حافظ: التوبة، سواح، الهوى هوايا، زي الهوا، حاول تفتكرني) أو (وردة الجزائرية: العيون السود، خليك هنا، اسمعوني) أو (صباح: عاشقة وغلبانة، يانا يانا، زي العسل) أو (شادية: قولوا لعين الشمس ما تحماشي) و(ميادة الحناوي: فاتت سنة، أنا بعشقك، الحب الي كان، حبينا واتحبينا)، لإبهار أعضاء لجان تحكيم هذه البرامج وجمهورها فقط، بأصواتهم وإقناعهم بأنهم “لم ولن” يتخلوا عن الطرب الأصيل في ما سيقدمونه من غناء، لنيل قصب الشهرة والتواجد بين الجمهور في ما بعد، فهؤلاء قد لا يعلمون أن جميع هذه الأغاني وسواها من الأغنيات التي تُعد أرشيفاً مهماً في تاريخ الأغنية العربية، هي لملحن عبقري واحد اسمه: بليغ حمدي.


وما يفعله هؤلاء الشباب اليوم، أمام جمهور هذه البرامج، فعله نجوم حاليون كثر، في حفلاتهم وسهراتهم الغنائية، فمعظم نجوم الصف الأول اليوم، اتكأوا على أغنيات عمالقة الطرب العربي في تسويق أصواتهم للجمهور العربي، والذي يحن لأغنيات عمالقة الطرب، فلم تخرج أغنيات جورج وسوف وفضل شاكر ووائل جسار وشيرين عبد الوهاب ونوال الزغبي ونانسي عجرم من عباءة ألحان بليغ حمدي، والذي سبق عصره بألحانه، ويفتقده كبار المطربين في هذا العصر، واللافت أن معظم ألحان بليغ التي قدمها كبار المطربين العمالقة، هي الأبرز من بين جميع أغنياتهم، وهي التي يترنم على دوزانها جمهور الطرب حتى اليوم.
وبليغ المولود في عام 19311، جرب بداية حياته أن يكون مطرباً، حيث سجل للإذاعة أربع أغنيات، لكنه وجد نفسه ملحناً أكثر، بعد أن نجح مع فايدة كمال وفايز أحمد، قبل أن يمنحه الفنان محمد فوزي من خلال شركة “مصر فون” التي كان يملكها، فرصة أن يلتقي كبار نجوم الأغنية العربية في ذلك الوقت، حتى قدم في عام 1957 أول لحن ل عبد حليم كان تخنوه

السر الذي أعجب المطربين في ألحان أغنيات بليغ، كتب بعض أغانيه بنفسه، أنه يجمع ما بين الإيقاعات الشعبية والقالب الرومانسي في ألحانه، إذ يقدّم مع العمق الموسيقي لفكرة اللحن البساطة التي جعلت من موسيقى أغنياته ماركة مسجلة باسمه، تجعل حتى المستمع العادي يميز ألحان بليغ حمدي عن سواها.
ذكاء وحنكة وحرفية بليغ حمدي، جعلت من ألحانه وموسيقاه، سلعة نادرة، استطاع أن يقولب بها أصوات المطربين الذين تعامل معهم، حيث أخذ من صوت كل مطرب قوته وإحساسه وقدراته ودمجها بموسيقى خاصة به، فنجحت معظم أغنياته، وفي كل تجربة لبليغ حمدي مع مطرب كان يترك نكهته الخاصة وسحره الفني، فمن يطلع على أغنيات العمالقة سيجد بليغ حمدي بها من دون تشابه، فهو قدم 12 أغنية لأم كلثوم و30 لعبد الحليم حافظ، و26 لوردة الجزائرية و20 لشادية و16 لنجاة الصغيرة و8 لصباح و26 لسميرة سعيد و10 لميادة الحناوي و2 لعزيزة جلال و15 لهاني شاكر، فضلاً عن تعاونه أكثر من مرة مع فايزة أحمد وعفاف راضي وأصالة نصري وهدى سلطان ومحرم فؤاد ونوال غشام ولطيفة التونسية، عدا مشاركاته في المسرحيات الاستعراضية والأوبريتات الوطنية.

لم تكن وفاة بليغ حمدي في 12 من سبتمبر من عام 19933 خسارة لمصر والعالم العربي بوفاة مواطن شبراوي، بقدر ما فقدت الأغنية العربية أحد المجددين بها، واليوم بعد 22 عاماً من رحيله عن عمر 62 عاماً، ما زالت ألحانه تطرب الجمهور، وكأن مطربيها غنوها هذه الأيام.

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات