مايكل سامي يكتب: وسقطت العباءة

مايكل سامي

وسقطت العباءة التي طالما أخفينا بها كثير من الأكاذيب تجاه قضية الانتحار في مصر ،فسقوط هذا الشاب أسقط القناع الاخير تجاه بعض القناعات التي لابد أن نواجهها مواجهة حاسمة بلا تردد.

– أول المفاهيم دي أن المرض النفسي عار لازم نخبيه، أحسن حد يعرف إن فيه في عيلتنا حد بيروح لدكتور نفسي، أو زي ما بيقولوا مجنون!!.
ثقافة انك لو متدين كفاية مش هتبقى مريض نفسي، واننا بنخبي ده هو اللي مخلي أرقام الإحصائيات عندنا مش بتعكس الواقع إطلاقاً.

– الإكتئاب مش هو المرض الوحيد اللي بيسبب الانتحار، عندنا مثلاً الschizophrenia اللي فيها المريض بيسمع أصوات بتقوله يقتل نفسه، كمان إضطراب ثنائي القطب Bipolar Disorder أوقات المريض يشعر فيه إنه في أوقات High وأوقات Down جدا . المرض ده وأمراض تانية كتير زيه بتأدي لافكار انتحارية.

– الامراض اللي فاتت ومرض مهم زي الإكتئاب معظمهم بيصاحبها إضطراب في كيمياء المخ. لما عينك بتوجعك بتروح لدكتور رمد، ولما قلبك بيوجعك بتروح لدكتور باطنة وقلب، فالطبيعي لما يحصل إكتئاب واضطراب في كيمياء المخ انك تروح لطبيب نفسي مش رجل دين.

– “عارف إنت لو متدين كفاية ماكنتش هتقول اللي بتقوله ده أو تحس باليأس ده” …جبال من العبء النفسي والشعور بالذنب بنرميها على الشخص المكتئب لما بنقوله كدة. رسالة بتقول فيها لإنسان مريض إنت مش بس مكتئب إنت تدينك مزيف كمان.

– حقيقة أخرى لازم نواجهها أن عدد الذكور اللي قاموا بالانتحار من ثلاث لخمس أضعف الاناث؛ وده طبعاً بسب ثقافة مجتمعنا اللي بتحرم الرجل من أبسط حقوقه الانسانية إنه يظهر كضعيف، ويعبر عن مشاعره ويشارك بها ويبكي إن لازم الامر. مش قادر أنسى اني كنت في جنازة والد واحد صاحبي وكانوا بيقولوله في الجنازة: “متعيطش خليك راجل!!! ”

– من المؤسف ان ٢٢٪ من اللي حصلهم إغتصاب واضطراب ما بعض الصدمة PTSD بيعانوا من أفكار انتحارية. ومعظم اللي بيعانوا من أمراض صعبة زي الشلل وخلافه بيبقى في دماغهم فكرة بتلف وبتقول” “أنا حياتي عبء على اللي حواليا”..محتاجين نحط عنينا على الناس دي.

جميل انك تحط علامة “لو مكتئب أنا مستعد أساعدك” لكن بنحطها عشان متأثرين دلوقتي، لكن تلاقي حد حاطتها على الفيسبوك وفي كلامه التلقائي طول النهار “يا عم هي خربانة خربانة”، “يعني احنا اللي هنعدل المايلة”…..الكلام السلبي ده مش بس بيأثر على طاقتك، لكن ده كمان بيأثر في اللي حواليك ومنهم ناس ممكن تكون واقفة على شعرة.

محتاجين نحط عنينا على أهالي الاشخاص المنتحرين، لأن شعورالذنب جواهم وفكرة “أكيد احنا قصرنا واحنا السبب ” مش بتفارق دماغهم ليل ونهار.

أخيراً علينا العمل أكثر لعمل خط ساخن لحالات الافكار الانتحارية زي ما معظم دول أوروبا فيها دلوقتي.

انك تفضل تحسس ابنك بالمقارنة عمال على بطال، هو مشروع مكتئب صغير. كفاية اللي هو بيشوفه على الفيسبوك. كفاية وعظ لكل حد بتقابله وكأنك أحسن منه…خليه يتعلم من أفعالك يا واد يا مؤمن.

بلاش تتاجر بألام حد وتلعب دور المنقذ، لو اللي قدامك عنده أفكار انتحارية ساعده يروح لمتخصص.
ومتنساش إن الابتسامة وطاقة الحب والتشجيع اللي بتديها للي حواليك ممكن تنقذ حياة انسان.

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات