كمال زاخر يكتب الكنيسة صراع أم مخاض ميلاد

الكنيسة صراع أم مخاض ميلاد
22 ـ الخروج إلى النهـــــــــــــــار ::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: التاريخ : 10 مايو 1973 م. المناسبة : زيارة قداسة البابا شنودة الثالث للفاتيكان. من هنا نبدأ عندما يكون الطرح متعلقاً بسعى التقارب الحثيث بين الكنائس لما للحدث من وقع تاريخى، فهى زيارة تأتى بعد قطيعة ممتدة لقرون هذا عددها، ويبادر بها شخصية لها ثقلها، وانتجت بياناً مشتركاً مازال يبحث عمن يستوعبه ويفعّله وينطلق منه ويراكم عليه، وربما يرد من يرقصون على طبول الفرقة والكراهية بعقل بارد وقلب منزوعة مسيحيته إلى رشدهم، ويجردهم من اسلحة الدمار التى يشهرونها فى وجه كل من يسعى للبعث الآبائى، اللافت الصورة التى اعتمدتها الكنيسة لترافق البيان والتى لا تقل أهمية عنه، فهى تجمع بين البابا السكندرى وبابا روما، يجلسان أمام مذبح كنيسة القديس بطرس، بروما، بملابس الكهنوت البيضاء فى اشارة محملة بالدلالات، وعلى مسافة متساوية، وكراسى تعلن الندية الأخوية، يعود منها قداسة البابا شنودة الثالث ومعه بعض من رفات القديس أثناسيوس الرسولى، حامى الإيمان المسيحى، بغير منازع، والذى يمثل القاعدة اللاهوتية التى تنطلق منها الكنيستان، لاهوت التجسد، وتدبير الخلاص، وشغف قلب المسيح “أن نصير واحداً فيه”. وقال البابا بولس السادس فى هذه المناسبة : “ما أنسب ما تعكسه ليتورجية هذا اليوم الذى نحتفل فيه بالذكرى المجيدة للقديس أثناسيوس حامى الإيمان الباسل والشجاع! إن القديس أثناسيوس هو أب ومعلم للكنيسة الجامعة ولذلك يستحق أن نشترك فى تذكاره… يعلن القديس أثناسيوس “أن كلمة الله أتى بنفسه حتى وبكونه هو صورة الآب يستطيع أن يعيد خلقة الإنسان على صورة الله.” وفى كلمة البابا شنودة الثالث فى ذات المناسبة يقول : “كما حارب القديس أثناسيوس الأريوسية، هكذا جاهد القديس كيرلس من أجل الدفاع عن الإيمان فى مواجهة النسطورية، وأعلن إيمان العالم المسيحى الغربى والشرقى منه على السواء. وكما كان الأمر بالنسبة إلى أثناسيوس، فقد صار نقطة إتفاق، ليس فى ما يتعلق بالإيمان فحسب، بل فى طريقة التعبير المستقيمة والمحددة للإيمان التى تمثل بوضوح كلمة الحق بدقة وفاعلية. إن اللاهوت التقليدى المشترك لأثناسيوس وكيرلس يشكل قاعدة صلبة للحوار الذى نوكله إلى عدد كبير من اللاهوتيين ليسلكوا فيه بروح محبة صادقة.” ::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: وبنهاية الزيارة يصدر بياناً مشتركا تقول سطوره : بولس السادس اسقف روما وبابا الكنيسة الكاثوليكية، وشنوده الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، يقدمان الشكر لله فى الروح القدس، إذ أنه بعد الحدث العظيم لعودة رفات القديس مرقس إلى مصر، قد تقدمت العلاقات بين كنيستى روما والإسكندرية، حتى أمكن الآن أن يصير بينهما لقاء شخصى. وفى ختام اجتماعاتهما ومحادثاتهما يودان أن يعلنا معاً ما يلى: لقد تقابلنا معاً تحدونا الرغبة فى تعميق العلاقات بين كنيستينا، وإيجاد وسائط واضحة المعالم وفعالة للتغلب على العقبات التى تقف عائقاً فى سبيل تعاون حقيقى بيننا فى خدمة ربنا يسوع المسيح الذى أعطانا خدمة المصالحة لنصالح العالم فيه (كورنثوس الثانية 5: 18- 20(. وطبقاً لتقاليدنا الرسولية المسلّمة لكنيستينا والمحفوظة فيهما، ووفقاً للمجامع المسكونية الثلاثة الأولى، نعترف بإيمان واحد بالإله الواحد مثلث الأقانيم، وبلاهوت ابن الله الوحيد، الأقنوم الثانى للثالوث القدوس، كلمة الله وشعاع مجده ورسم جوهره، الذى تجسد من أجلنا، متخذاً لنفسه جسداً حقيقياً بروح عاقلة، وشاركنا فى إنسانيتنا ولكن بغير خطيئة. ونعترف أن ربنا وإلهنا ومخلصنا وملكنا كلنا يسوع المسيح، إله كامل من حيث لاهوته، وإنسان كامل من حيث ناسوته. وفيه اتحد لاهوته بناسوته اتحاداً حقيقياً كاملاً بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تشويش ولا تغيير ولا تقسيم ولا افتراق. فلاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين. وأنه وهو الإله الأزلى الأبدى غير المنظور صار منظورًا فى الجسد، واتخذ صورة عبد. وفيه قد حفظت كل خواص اللاهوت وكل خواص الناسوت معاً فى اتحاد حقيقى وتام غير منقسم وغير مفترق. إن الحياة الإلهية تمنح لنا وتنمو فينا وتتغذى بواسطة أسرار المسيح السبعة فى كنيسته وهى: المعمودية، والميرون (التثبيت)، والإفخارستيا، والتوبة، ومسحة المرضى، والزيجة، والكهنوت. ونحن نكرم العذراء مريم، أم النور الحقيقى، ونعترف أنها دائمة البتولية، وأنها والدة الإله، وأنها تشفع فينا وأنها بصفتها والدة الإله (ثيئوتوكوس) تفوق فى كرامتها جميع الطغمات الملائكية. وأن لنا، إلى درجة كبيرة، نفس المفهوم عن الكنيسة، المؤسسة على الرسل، والدور الهام الذى للمجامع المسكونية والمحلية. وتعبّر طقوسنا وليتورجية القداس خير تعبير عن روحانيتنا، فالقداس هو مركز وجوهر عبادتنا الجماعية وهو قمة اتحادنا وشركتنا فى المسيح فى كنيسته. ونحن نحفظ الأصوام والأعياد الخاصة بإيماننا. ونكرم ذخائر القديسين ونتشفع بالملائكة والقديسين الأحياء منهم والمنتقلين. هؤلاء يؤلفون سحابة من الشهود فى الكنيسة. وهم ونحن ننتظر- فى رجاء- المجئ الثانى لربنا عند استعلان مجده ليدين الأحياء والأموات. ونحن نعترف، بكل إتضاع، أن كنائسنا غير قادرة على أن تشهد للحياة الجديدة فى المسيح، بصورة أكمل، بسبب الانقسامات القائمة بينها والتى تحمل وراءها تاريخاً مثقلاً بالصعوبات لعدة قرون مضت. والواقع أنه منذ عام451 م، قد نشبت خلافات لاهوتية امتدت واتسعت وبرزت بسبب عوامل غير لاهوتية. وهذه الاختلافات لا يمكن تجاهلها، ولكن بالرغم من وجودها، فإننا نعيد اكتشاف أنفسنا فنجد أن لكنيستينا تراثاً مشتركاً، ونحن نسعى بعزم وثقة فى الرب أن نحقق كمال تلك الوحدة وتمامها التى هى هبة من الرب. ولكى نتمكن من إنجاز هذه المهمة، نشكل لجنة مشتركة من ممثلين للكنيستين، مهمتها توجيه دراسات مشتركة فى ميادين: التقليد الكنسى وعلم آباء الكنيسة والليتورجيات واللاهوت والتاريخ والمشاكل العلمية، حتى إنه يمكن السعى بالتعاون المشترك لحل الخلافات القائمة ب

 

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات