نيويورك تايمز : أجبار “أوبر وكريم “على نقل تحركات الركاب

كشفت صحيفة نيويورك تايمز ضغوطا من الحكومة المصرية للدخول على قاعدتي بيانات شركتي خدمات التوصيل عبر الإنترنت “أوبر” وكريم وتعقب مسار رحلات الركاب، لافتة إلى قانون محتمل لجعل ذلك “أمرا إلزاميا”.

التقرير جاء بعنوان “ورطة أوبر ومنافستها:مصر تطلب بيانات الركاب”.
وإلى النص الكامل لتقرير “نيويورك تايمز”، حسبما نشرته “مصر العربية”،

بينما تسعى شركة أوبر هذا العام إلى توسيع نطاق نشاطها في مصر، التي تمثل إحدى أقوى الأسواق التنافسية، واجه مسؤولوها التنفيذيون طلبا مثيرا للقلق من وزراء مصريين للدخول على قاعدة البيانات الداخلية للشركة التي اصطلح على تسميتها Heaven وتمنح معلومات حية عن الزبائن والسائقين والرحلات، أو بمعنى آخر، فإنها تتعقب أي رحلة تابعة لأوبر من خلال خريطة رقمية عملاقة.
مثل هذا البرنامج قد يمثل أداة قوية في أيدي أجهزة الأمن المصرية، التي كثفت في عهد السيسي من التجسس على المواطنين كجزء من خنق اي معارضة وترسيخ الرئيس في السلطة.
وبدافع معاناتها من اتهامات سابقة بارتكاب ممارسات بيزنس عدوانية مفرطة في الولايات المتحدة، رفضت أوبر الطلب المصري.
بيد أن شركة كريم، منافستها الرئيسية في الشرق الأوسط، التي تقع مقرها بدبي، وتمارس نشاطها في 55 مدينة، وتخدم حوالي 3 ملايين مصري، ولديها برنامج تعقب مشابه، ألقت نظرة أكثر قربا، وفقا لثلاثة من المسؤولين التنفيذيين.
وفي مقابلة مع الرئيس التنفيذي لكريم، مدثر شيخة، عرضت المخابرات الحربية على الشركة معاملة أكثر تفضيلا مقابل الدخول على قاعدة بيانات الزبائن والسائقين.
لكن وفقا لكريم، فقد ذهب العرض أدراج الرياح في نهاية المطاف.
بيد أن ذلك يعري نوايا الحكومة المصرية، التي قد تترجم قريبا إلى قانون، بموافقة أو رغم أنف كريم وأوبر.
وقريبا، ينظر البرلمان المصري في مشروع قانون يلزم شركات التوصيل بوضع السيرفرات داخل مصر وربطها بالهيئات الحكومية المعنية، مما يثير بعض القلق من عمليات تدخل ومراقبة كاسحة.
وتستطيع الأجهزة الأمنية بالفعل تعقب المصريين من خلال هواتفهم المحمولة، لكن أن يمتد الأمر إلى خدمات التوصيل بالسيارات من خلال الإنترنت، فإن ذلك يكشف بجلاء طموحات السيسي للرقابة الإلكترونية، في وقت سجنت فيه حكومته مواطنين جراء تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، وقرصنت على حسابات للنشطاء، وأغلقت تطبيقات رسائل مشفرة.
يأتي ذلك بينما تستعد الدولة للانتخابات الرئاسية العام المقبل.
كلير لوترباتش، من منظمة الخصوصية الدولية “برايفاسي إنترناشيونال”، التي يقع مقرها بلندن، قالت: “من الصعب تخيل سبب مشروع للحصول على هذا النوع من البيانات واسعة النطاق عن تحركات الأشخاص، إلا أن يكون ذلك جزءا من جهود رقابة أوسع نطاقا”.
واستطردت: “بالنظر إلى سجل مصر الحقوقي، لا يمثل ذلك علامة إيجابية”.
وفي ديسمبر، حظرت مصر تطبيق “سيجنال” للرسائل المشفرة، الذي كان يحظى بشعبية بين النشطاء، وهي المرة الأولى التي يتعرض فيها البرنامج للحظر في دولة بأكملها، بحسب الشركة المطورة له “أوبن ويسبير سيستيمز”، التي تحايلت على الحظر بعد أسبوع واحد من القرار.
وفي فبراير الماضي، قالت منظمات حقوقية بارزة إنها هوجمت بأكثر من 1000 هجمة تصيد، من خلال رسائل بريدية خادعة تستهدف إغواء الضحايا لتقديم كلمات السر الخاصة بهم.
منظمة “سيتيزين لاب” البحثية الكندية قالت إن الهجمات استهدفت بشكل رئيسي النشطاء المصريين، الذين يتعرضون بالفعل إلى عملية قمع حكومي ضد المساعدات.
وزادت الملاحقات القضائية بتهمة انتقاد السيسي على وسائل التواصل الاجتماعي.
ففي أبريل الماضي، أصدرت محكمة بالإسكندرية حكما بسجن محمد رمضان المحامي 100 سنوات باتهامات تتضمن إهانة الرئيس على فيسبوك.
وألقي القبض على رجل من القاهرة بعدها بأسابيع جراء تعليقات فيسبوك عن آية حجازي، عاملة الإغاثة الأمريكية المصرية التي أطلق سراحها بعد التماس شخصي قدمه ترامب للسيسي.
وتبرر الحكومة المصرية مثل هذه الإجراءات القاسية بالإشارة إلى التهديد الذي تواجهه من تنظيمات مسلحة مثل داعش، الذي قتل أكثر من 100 مسيحيا خلال الشهور الستة الماضية.
كما أن هناك فصائل منشقة عن جماعة الإخوان المسلمين تهاجم الشرطة من حين إلى آخر.
بيد أن معظم هجمات المراقبة تستهدف الشباب وأصحاب الكفاءة التكنولوجية، وهي ذات المجموعة الديموغرافية التي كانت وراء انتفاضة الربيع العربي عام 2011، التي أسقطت حسني مبارك.
خالد ، طالب في الثامن والعشرين من عمره، ألقي القبض عليه، وضرب، وصعق، وحقق معه وقتا طويلا في نوفمبر الماضي بسبب صفحته على فيسبوك.
وقال خالد في مقابلة هاتفية : “لقد أرادوا معرفة لماذا أضع تعليقات متعاطفة مع الأشخاص الذي يختفون بعد احتجازهم”.
وبعد أيام قليلة من المحادثة، ألقت الشرطة القبض على خالد للمرة الثانية، بتهمة تتعلق بتدوينة على فيسبوك أيضا.
وحققت حملة شنتها مجموعات ضد بيع أنظمة مراقبة إلكترونية إلى حكومات قمعية انتصارا في يناير عندما ألغت إيطاليا رخصة بيع نظام مراقبة إنترنت إلى مصر.
بيد أن المحادثات الأخيرة مع أوبر وكريم تمثل تغييرا عن نسق حملة السيسي للمراقبة.
كلتا الشركتين تشاركان معلومات العملاء مع سلطات تنفيذ القانون في العديد من الدول، ولكن عادة يتم ذلك على أساس فردي كرد فعل على طلب قانوني.
لكن خبراء يقولون إن الدخول على نظام heavenn أو اي برمجيات مشابهة قد يمنح السلطات الأمنية قدرات أوسع نطاقا لتعقب العديد من الأشخاص من نفس المجموعة، أو تحليل تاريخ تنقلات الركاب.
طلب مصر من أوبر المعلومات أواخر العام الماضي نبه إدارة الشركة التي يقع مقرها بمدينة سان فرانسيسكو.
وكانت أوبر قد تعرضت لانتقادات شديدة عام 20144 لاستخدامها برنامج “جود فيو” الاسم السابق لـ “هيفن”، لإقناع الأصدقاء في الحفلات، وكذلك في مراقبة تحركات أحد العاملين في مجال الصحافة.
وفي الشهور الأخيرة، واجه ترافيس كالانيك الرئيس التنفيذي لأوبر اتهامات بارتكاب سلوكيات بيزنس غير أخلاقية مما أثار ردود فعل عنيفة، ومطالبات بمحاسبة الشركة التي تقدر قيمتها السوقية بنحو 70 مليار دولار.
لكن مصر دولة لا تستطيع شركات التوصيل بالسيارات عبر الإنترنت تجاهلها.
وبعد محاولة فاشلة للحصول على موطئ قدم بالصين، تحولت أوبر إلى أمريكا الجنوبية، وأجزاء أخرى من آسيا، والشرق الأوسط الهام للنمو السوقي.
مصر، البالغ تعداد سكانها 92 مليون نسمة، وصاحبة معدل منخفض من امتلاك السيارات تمثل هدفا ثمينا.
وأصبحت القاهرة ثالث أكبر مدينة بالنسبة لاوبر في عدد الرحلات بعد لندن وباريس في منطقتي أوروبا والشرق الأوسط.
المنافسة مع كريم عنيفة: وتبلغ تكلفة رحلة تقطع مسافة 4 أميال في القاهرة أقل من دولار.
وأكدت أوبر من خلال متحدث رسمي أن مسألة مشاركة البيانات جاءت عبر وزراء مصريين اثناء مشاورات حديثة بشان القانون الجديد.
مات كالمان المتحدث باسم أوبر قال: “لا نمنح أي حكومة الوصول الحي (في الوقت الحقيقي)لبيانات الركاب”.
الحسابات كانت مختلفة بالنسبة لكريم التي يطلق عليها البعض “أوبر الشرق الأوسط”.
ومع استثمارات بقيمة 3500 مليون دولار بقيادة شركة التجارة الإلكترونية اليابانية العملاقة “راكوتين” في ديسمبر، تجاوزت قيمة كريم السوقية مليار دولار.
السوق المصري يمثل نحو نصف زبائن كريم.
الإشارة الاولى لنهج كريم جاءت في أكتوبر، عندما أشار وائل الفخراني، مديرها في مصر آنذاك في مقابلة تلفزيونية إنه ربما يشارك بيانات الشركة مع وزارة الداخلية.
وبعدها بأسابيع، عقد الفخراني المقابلة الأولى من اثنتين داخل مقر المخابرات الحربية في مدينة نصر، مع رؤية لترتيبات محتملة.
ووفقا لمسؤول بشركة توصيل على معرفة بالاجتماع المذكور، فقد عرض الجنرال علاء عطوة من المخابرات المصرية صفقة مع الشركة مفادها أن تأخذ شركة يسيطر عليها الجيش MSA Dahab حصة 5 % من فرع كريم في مصر وتستضيف السيرفرات الخاصة به، على أن تساعد الأخيرة كريم في “التفاوض مع الهيئات الحكومية”.
شيخة، رئيس كريم حضر المقابلة الثانية في 19 يناير.
وأردف المسؤول: “لقد قال الجنرال إن المعلومات قوة، ونحن نريدها”.
ولدعم روايته، قدم المسؤول مذكرة داخلية لكريم توضح شروط المشروع المقترح.
وطلب المسؤول عدم الكشف عن هويته خوفا من انتقام القوات الأمنية المصرية.
وفي مقابلة، لم ينكر شيخة حدوث الاجتماع، لكنه وصفه بأنه جزء من ضغط مؤسسي معتاد.
وفسر ذلك قائلا: “المخابرات الحربية أصحاب مصلحة في هذا الأمر لأن الحكومة تريد أن تتم إدارة الخدمة بطريقة آمنة”.
شيخة نفى أن تكون الشركة قد طلب منها تقديم بيانات حية “في وقتها الحقيقي” وأردف: “أسمع ذلك منك الآن”.
ورفض متحدث باسم المخابرات الحربية الإجابة على تساءلات الصحيفة، وكذلك امتنع وائل الفخراني الذي ترك منصبه في فبراير الماضي عن التعليق.
كلتا الشركتين “أوبر وكريم” تضغطان على الحكومة لتعديل مشروع القانون، الذي يخضع حاليا للمراجعة القانونية.
وقالت أوبر إن الصياغة الغامضة للقانون بشأن “مشاركة المعلومات” قد تعرقل استثمارها الأجنبي في مصر.
ولا يرجح أن يقابل مشروع القانون بالكثير من المقاومة في البرلمان المكتظ بمؤيدي الرئيس السيسي، والذي يخضع لتأثير أجهزة المخابرات.
إذا جرى تمرير مشروع القانون بشكله الحالي، فإنه قد يترك الشركتين أمام خيارين صارخين: أما الانصياع للقوانين التي تمثل اعتداء على خصوصية العملاء، أو مغادرة سوق مزدهر وتركه لمنافسين.

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات