إنها حقا عائلة محترمة

كتب ابراهيم ادوارد المحامى
لمن لم يعرف من هم عائلة ساويرس قصة حياة أشهر سيدة مصرية لم تتقاعس يومًا عن مُساعدة المُحتاجين، وملء حياتهم بالبهجة والسعادة، دون أن تبحث عن الأضواء، أو تنتظر كلمة ثناء. وهبت يسرية لوزة حياتها للعمل التطوعى الذى منحها الكثير من السعادة وراحة البال، وحصلت على جوائز عدَّة تكريمًا لجهودها على المستوى العالمى، منها جائزة «الريادة النسائية العالمية، وكلينتون العالمية للمبادرة»، كما اُختيرت بين القيادات النسائية العالمية الـ21، إضافة إلى حصولها على درجة الدكتوراه الفخرية فى الفلسفة من الجامعة الأمريكية، فهى مثال للأم والمرأة المصرية الناجحة، والمكافحة، فكانت السَّند لزوجها أنسى ساويرس، وأكبر داعمة ومُلهمة عند تعرُّضه لمحنة قاسية فى بداية حياته. هى عميد أسرة ساويرس من كبرى العائلات فى مصر، ساندت شريك عُمرها أنسى ساويرس عندما بدأ من الصفر فى منتصف خمسينات القرن الماضى، ثم واجهته ظروف بالغة القسوة حين تم تأميم أعماله فى بداية الستينات، واضطر وقتها للسفر إلى ليبيا، وظل فى الغربة سنوات فيما بقيت زوجته يسرية فى مصر تُربِّى أولادها الثلاثة، وكرَّست حياتها للاهتمام بهم، حتى نجحوا فى دراستهم، ثم أعمالهم، فأصبحوا من أهم رجال الأعمال الوطنيين، وبعد أن أتمَّت عطاءها كزوجة وأم، قرَّرت أن تنقل جُهدها إلى الأعمال التطوعية، واستحقَّت أن تُلقَّب بسيدة الأعمال الخيرية. بدأت الرحلة مع زوجها الذى ينتمى لصعيد مصر، وتحديدًا محافظة سوهاج، فى الخمسينات، ومرَّا معًا بلحظات عاتية، فتمسَّكا بحلمهما أكثر، وانشغل الزوج بالعمل والمشاريع، بينما صنعت هى الراحة والاستقرار للأسرة، ونقلت لأبنائها صفات والدهم المُثابر العنيد، المُحب لله، وعقب نجاحات العائلة، أصرَّت يسرية لوزة على إطلاق اسم عائلة زوجها على جوائز مؤسَّستها الخيرية، فكانت جوائز ساويرس الأشهر والأنجح خلال السنوات الماضية. رغم انشغالها بالأعمال الخيرية، ووجودها الدائم بين المُحتاجين، تحرص على مُمارسة دورها كزوجة وأم، مثل السيدات المصريات الناجحات، وتقول إنها حلقة الوصل بين الأبناء الثلاثة عند وجود أى خلافات فى وجهات النظر، وتحرص على تناول وجبة إفطارها معهم رغم انشغالهم الدائم. الإيمان بالله من أبرز الركائز فى وجدان «يسرية»؛ فهى ترى أن الله واحد، ويمكن الوصول إليه بمختلف الطرق، ولا خلاف بين العقائد طالما كان غرضها الوصول إلى الخالق، وقد نقلت لأبنائها وأحفادها هذا المفهوم، وبأنه مهما بلغت قوتهم فالله موجود وفوق الجميع، وهو دائمًا المتحكم فى مصائرهم. تحرص على حضور قداسات الأحد والأعياد بالكنيسة بشكل دائم، فتخترق صفوف الكنيسة بهدوء دون حراسة أو إحداث أى جلبة، وتجلس بين المُصلِّين وترفض تخصيص مكان مميز لها، حيث تأتى بهدوء، وترحل بهدوء، فإذا التفت إليها جموع المُصلِّين غادرت، لأنها ترى أن مكان العبادة لا يستحقُّ أن تُلفت فيه الأنظار إلا لله وحده. لا تُفرِّق فى أعمالها الخيرية بين مسلم ومسيحى.. وتقول إن الإنسانية أسمى من أى تصنيفات العمل الخيرى هو الجانب الثَّرى فى حياة يسرية لوزة، ويعرفه المقربون لأنها لا تُفضِّل الإعلان عن مشاريعها المتنوِّعة للفقراء والمرضى، أو تسليط الضوء عليها إعلاميًّا، فما يُمنح لوجه الله يجب أن يبقى سرًّا بين العبد وربِّه فقط. الحديث عن أعمالها التطوعية يحتاج لصفحات طوال لذكرها، ففى مدينتها الساحرة «الجونة» حرصت على بناء كنيسة العذراء مريم، ومسجد الجونة، واشترطت أن يكونا على قدم المساواة، وبنفس التكلفة.. وفى شهر رمضان تُعَدُّ أبرز الدَّاعمين لإقامة حفل الإفطار السنوى الذى يُدعى إليه نحو 30 ألفًا من أهالى الجونة، حتى أصبحت خيمة «الريحانة» أبرز ما يميز رمضان هناك. أسَّست يسرية لوزة جمعية حماية البيئة ومؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، والهدف من المؤسستين هو تدريب الفتيات والنساء فى منطقة الزبالين بالقاهرة على عدَّة مهارات مهنية، واستكمال تعليمهنَّ وتقديم الخدمات العلاجية لهنَّ، كما أنشأت مدرسة لتعليم أطفالهنَّ، ومستشفى بالمنطقة نفسها فى طرة، وقدَّمت علاجًا لفيروس «سى» لنحو 20 ألف مريض، إضافة إلى خلق فُرص عمل للشباب وتدريبهم على المبادرات وإنشاء المشروعات والحصول على قروض صغيرة ومُيسَّرة. ساهمت أيضًا فى إنشاء مستشفى مجدى يعقوب للأطفال بأسوان، وهى الرَّاعى الرئيسى لمؤسسة «أنا المصرى» التى أنشأت أول مدرسة مجتمعية داخلية لتنشئة وتعليم الأطفال بلا مأوى، وتبرَّعت بـ100 ألف جنيه، من خلال مؤسسة «ساويرس لتنمية المجتمع»، لكل مريض فقير يحتاج لزراعة كبد فى مركز جراحة الجهاز الهضمى بجامعة المنصورة، ولثقتها فى المستشفى، وصل حجم تبرعاتها له خلال السنوات الماضية لنحو 25 مليون جنيه، كما تمتلك مطاعم يأكل فيها الفقراء مجانًا.

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات