توصيات أميركية تنهي حقبة لقاحات «السلالة الأصلية» لـ«كورونا»

يبدو أنه لم يعد هناك مجال للقاحات فيروس «كورونا المستجد» التي تستهدف السلالة الأصلية للفيروس فقط، وذلك بعد أن اتخذت المنتجات «ثنائية التكافؤ» من شركتي «فايزر – بيونتك» و«موديرنا» موقعها على خريطة اللقاحات التي عدلت «وكالة الغذاء والدواء الأميركية» تصاريح استخدامها.
وتحمل اللقاحات «ثنائية التكافؤ» قدرات على مكافحة السلالة الأصلية لفيروس «كورونا المستجد»، بالإضافة إلى متحور «أوميكرون»، وفرعيه «BA.4» و«BA.5»، وكانت هذه اللقاحات متاحة في الولايات المتحدة منذ سبتمبر (أيلول) بموجب تصاريح استخدام الطوارئ، التي تقيد بشدة إعطاء اللقاحات، لكن «وكالة الغذاء والدواء الأميركية» أعلنت، في بيان، أول من أمس (الثلاثاء)، تعديل شروط تصاريح الاستخدام الطارئ للقاحين «مما سيسمح للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكبر وبعض الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة بالحصول على جرعات إضافية قبل حملات التطعيم الخريف المقبل».
ووفق الموقع الإلكتروني للوكالة الأميركية، فإن اللقاحات أحادية التكافؤ (التي تتعامل مع السلالة الأصلية) لم يعد مصرحاً باستخدامها في الولايات المتحدة، وستؤدي التعديلات الجديدة التي تعتمد على اللقاحات ثنائية التكافؤ إلى تبسيط جدول التطعيم لمعظم الناس.
وبحسب التعديلات، فإن البالغين الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكبر، والذين تلقوا جرعة واحدة من لقاح ثنائي التكافؤ، قد يتلقون جرعة إضافية بعد 4 أشهر على الأقل من جرعتهم الأولى، ويمكن لمعظم الأفراد الذين يعانون من درجات معينة من ضعف المناعة الذين تلقوا جرعة أولى من لقاح ثنائي التكافؤ الحصول على جرعة ثانية بعد شهرين على الأقل، ويمكن إعطاء جرعات إضافية وفقاً لتقدير مقدم الرعاية الصحية الخاص بهم.
وقالت «وكالة الغذاء والدواء الأميركية» إنه بالنسبة للأطفال الذين يعانون من نقص المناعة الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و4 سنوات، فإن الأهلية لجرعات ثنائية التكافؤ الإضافية ستعتمد على اللقاح الذي تم تلقيه مسبقاً.
وأوضحت أن «التغيير الكبير الآخر أن معظم الأفراد غير المحصنين قد يتلقون الآن جرعة واحدة من لقاح ثنائي التكافؤ، بدلاً من جرعات متعددة من اللقاحات الأصلية أحادية السلالة».
ويقول بيتر ماركس، رئيس مركز تقييم وأبحاث البيولوجيا التابع لـ«وكالة الغذاء والدواء» إن «(وكالة الغذاء والدواء الأميركية) قامت بتبسيط توصيتها للأفراد غير الملقحين بعد إدراك أن معظم الأميركيين لديهم الآن بعض المناعة ضد الفيروس، حتى لو كان ذلك من خلال العدوى السابقة».
ويضيف: «هناك أدلة متاحة الآن على أن معظم سكان الولايات المتحدة الذين تبلغ أعمارهم 5 سنوات فما فوق لديهم أجسام مضادة للفيروس؛ إما من التطعيم أو العدوى التي يمكن أن تكون بمثابة أساس للحماية التي توفرها اللقاحات ثنائية التكافؤ».
ومع ذلك، فإن أمجد الخولي، رئيس اللوائح الصحية الدولية بالمكتب الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية»، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «تلك التعليمات الأميركية شأن داخلي غير قابل للتعميم، ربما تم إقراره بناء على دراسات تقييم للمخاطر، واعتبارات أخرى قد يكون بعضها سياسياً أو اقتصادياً»، مضيفاً أن «توصيات (منظمة الصحة العالمية) لا ترى هناك حاجة لجرعات تنشيطية من اللقاحات، سواء بلقاح أحادي التكافؤ أو ثنائي التكافؤ».
وأرجع الخولي توصيات المنظمة إلى تقييمها بأن «عدداً كبيراً من سكان العالم تشكلت لديهم مناعة؛ سواء بالعدوى الطبيعية أو اللقاحات، ولم تظهر متحورات خطيرة من الفيروس منذ فترة طويلة، وهذه مبررات تكفي للتأكيد على أنه لا توجد حاجة لأي جرعات».
لكن الخولي عاد وأكد أن «هذه التوصيات (الصادرة عن المنظمة) قابلة للتعديل حال حدوث أي تغير في الحالة المناعية أو شكل الفيروس ومتحوراته، ولكن إلى أن يحدث ذلك، لا توجد هناك حاجة».
ومن جانبه، يرى أحمد سالمان، مدرس علم المناعة وتطوير اللقاحات بـ«معهد إدوارد جينر» بجامعة أكسفورد، أن «التوصيات الأميركية تؤسس لمرحلة التعايش مع الفيروس، حيث يتم التعامل معه بوصفه فيروساً موسمياً، مثل الإنفلونزا، يتم إعطاء لقاحاته في الخريف، ويتم إعطاء ضعاف المناعة جرعات تنشيطية».
ويتفق سالمان مع ما ذهب إليه الخولي من أنه «لا توجد حاجة لجرعات تنشيطية سواء بلقاح أحادي أو ثنائي التكافؤ، لأن المناعة التي تشكلت عن طريق الإصابة أو اللقاح كافية لمنع الإصابة شديدة الخطورة بالفيروس».
وقال: «(كورونا المستجد) سيكون مثل الإنفلونزا تماماً، حيث سنصاب به، ونشفى دون الحاجة لدخول المستشفيات، وسيتطور لأعراض خطيرة لدى ضعاف المناعة، وقد يتسبب في وفاتهم». وأضاف: «كما أن الإنفلونزا تقتل سنوياً بين 300 إلى نصف مليون من ضعاف المناعة، سيتسبب (كورونا المستجد) أيضاً في وفيات سنوية».
وعن الحاجة إلى إنتاج لقاح سنوي من «كوفيد – 19»، مثل الإنفلونزا، عند بعض الدول التي تهتم بوجود جدول تطعيم ضد الفيروس مثل أميركا، قال: «احتجنا إلى أكثر من عامين لإنتاج جرعات محدثة للقاحات (كوفيد – 19)، لذلك قد لا تسير الأمور مثل الإنفلونزا التي تحتاج إلى وجود لقاح سنوي محدث».
وأوضح سالمان أنه «رغم أن الفيروسين ينتميان لفيروسات من نوع (آر إن إيه)، فإن (كورونا المستجد) مادته الوراثية عبارة عن سلسلة واحدة أو سلسلتين، بينما الإنفلونزا من 8 إلى 11 سلسلة، وهذا يجعل تحورات الإنفلونزا كثيرة، وتكون هناك فرصة لإنتاج فيروس بتركيبة مختلفة تماماً، عند حدوث إصابة بنوعين مختلفين من الفيروس في خلية واحدة».

 

نقلًا عن موقع الشرق الأوسط

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات