غرق أكثر من 640 مهاجراً انطلقوا من ليبيا… كارثة جديدة في «المتوسط»

تكشفت تفاصيل مأساة إنسانية جديدة، في واحدة من أسوأ كوارث الهجرة غير النظامية، بعد غرق قارب قرب السواحل اليونانية، أبحر من مدينة طبرق، الواقعة أقصى الشرق الليبي، وعلى متنه نحو 750 شخصاً، بينهم أطفال ونساء، من جنسيات مصرية وسورية وباكستانية وفلسطينية.

جانب من أصداء الكارثة رصدها حقوقيون ليبيون معنيون بملف الهجرة، بعد إعلان السلطات اليونانية توقف عمليات البحث عن ناجين اليوم (الجمعة)، إذ قال طارق لملوم رئيس «منظمة بلادي لحقوق الإنسان» إن أكثر من 100 طفل وقاصر كانوا ضمن ضحايا القارب المتهالك، الذي انطلق من طبرق وعلى متنه مئات المهاجرين، والذي أُعلن عن غرقه قرب سواحل اليونان صباح الأربعاء الماضي.

وأشار لملوم إلى أن «مهرباً ليبياً تورط في تهريب المهاجرين عبر مدينة طبرق، وفق شهادات بعض الناجين من الغرق». لكن لم تصدر السلطات المعنية بالهجرة في شرق ليبيا أي تعليق عن الحادث المأساوي، بينما قالت السلطات اليونانية إن عمليات البحث عن ناجين تواصلت اليوم (الجمعة)، لكن الآمال في العثور على أحياء «تتضاءل» بعد مرور أكثر من يومين على هذه الكارثة.

وبدورها، أكدت الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في اليونان، ستيلا نانو، لوكالة الصحافة الفرنسية اليوم (الجمعة) أن الآمال في العثور على ناجين «تتضاءل دقيقة تلو أخرى بعد هذا الغرق المأساوي، لكن البحث يجب أن يستمر».

وانتشل خفر السواحل اليوناني 78 جثة من البحر بعد ساعات من انقلاب مركب صيد متهالك، كانت على متنه حمولة زائدة في المياه الدولية، وغرقه قبالة شبه جزيرة بيلوبونيز اليونانية، على مسافة 47 ميلاً بحرياً (87 كيلومتراً) من بيلوس في البحر الأيوني، وفق حصيلة رسمية.

وجرى إنقاذ 104 أشخاص نقلوا إلى ميناء كالاماتا في جنوب اليونان، في وقت نقلت فيه شبكة «بي بي سي» البريطانية عن طبيب يوناني قوله إن أحد الناجين على متن القارب أخبره بوجود 100 طفل ضمن الغرقى. مضيفاً أن العدد الدقيق لجميع من كانوا على متن القارب «كان 750 شخصاً… هذا هو العدد الدقيق الذي أخبرني به الجميع»، لافتاً إلى أن عائلات بعض الأطفال المصريين المفقودين أرسلوا له صوراً لأقاربهم، بأمل أن يتعرف عليهم بعد معالجتهم.

وأوضح لملوم في حديث إلى «الشرق الأوسط» أن جميع من كانوا على القارب المنكوب انطلقوا من طبرق، مشيراً إلى أن السوريين منهم «دخلوا البلاد عن طريق مطار بنينا في بنغازي بشكل رسمي». وموضحاً أن القارب المتهالك «جاء من مصر فارغاً، وأقل المهاجرين من طبرق».

ووسط محاولة كل طرف تبرئة نفسه من انعكاسات الواقعة، اتهم بعض الناجين خفر السواحل اليوناني بأنه «تسبب في انقلاب القارب في البحر»، لكن الأخير نفى ذلك، وقال إنه عمل على إنقاذهم، لكن قاربهم كان متهالكاً.

وأوقفت السلطات اليونانية تسعة أشخاص بعضهم يحملون الجنسية المصرية، يشتبه بأنهم مهربون، كانوا على متن القارب المنكوب. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر في أحد الموانئ أن بين الموقوفين قبطان المركب المتهالك، الذي اعتقد أن المركب «غادر مصر فارغاً قبل أن يستقلّه مهاجرون في مدينة طبرق الليبية».

وأعلنت السفارة المصرية في أثينا أنها تتابع تطورات القارب المنكوب، ونقلت عن السلطات اليونانية وجود مواطنين مصريين ضمن ركاب القارب، مشيرة إلى أنها تكثف جهودها مع السلطات اليونانية المعنية، للتعرف على بيانات المواطنين المصريين الذين كانوا على متن القارب، ممن جرى إنقاذهم، أو ممن فقدوا جراء الحادث الأليم.

ومن جانبها، أكّدت إيراسميا رومانا، من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن «الوضع مروّع فعلاً»، وقالت إن الناجين «في حالة نفسية سيئة جداً… وكثير منهم في حال صدمة ومرهقون»، موضحة أنه حتى الآن جرى إنقاذ 104 أشخاص، سيُنقلون قريباً إلى مركز استقبال للمهاجرين في مالاكاسا شمال شرقي أثينا.

وفيما قالت ناطقة باسم خفر السواحل اليونانية إن الناجين «جميعهم رجال»، أشارت سلطات البلاد إلى أن الناجين هم 47 سورياً و43 مصرياً، و12 باكستانياً وفلسطينيان. وروى أحد الناجين للأطباء في مستشفى «كالاماتا» أنه رأى نحو 100 طفل في المركب، وفقاً للمصدر نفسه.

ولم تعلق السلطات الليبية على فرضية أن القارب غادر مصر، ثم أقل ركاباً من مدينة طبرق الساحلية في العاشر من يونيو (حزيران) الحالي. بينما قال ناجون تحدثوا إلى السلطات اليونانية إن كل واحد منهم دفع قرابة 4500 دولار للسفر إلى إيطاليا.

وفيما دعت «منصة اللاجئين في مصر» (منظمة مستقلة تعمل للدفاع عن حقوق الإنسان ودعم الأشخاص المتنقلين)، العائلات التي تبحث عن أبنائها بعد غرق المركب الاتصال بـ«قطاع البحث وإعادة الروابط العائلية» في الصليب الأحمر اليوناني، شددت المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لمنع المزيد من الوفيات في البحر بعد المأساة الأخيرة في البحر الأبيض المتوسط، وهي الأسوأ منذ سنوات عدة.

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات