السودانية ريم جعفر تفوز بجائزة الرواية الأفريقية بالإنجليزية

في الوقت الذي تزهق فيه حرب الـ15 من أبريل (نيسان) بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أرواح السودانيين، القتلى منهم والفارين من جحيم الحرب، داخل البلاد وخارجها، تبرز إشراقات فردية لكتاب ومبدعين سودانيين في مختلف المجالات الإبداعية.

فبعد عرض فيلم “وداعاً جوليا”، للمخرج محمد كردفاني في مهرجان “كان”، فازت الروائية السودانية ريم جعفر بجائزة “الجزيرة” THE ISLAND للرواية الأفريقية 2023 لتكون أول كاتبة سودانية تفوز بالجائزة. الكاتبة السودانية فازت عن روايتها “فم مملوء بالملح”، المكتوبة باللغة الإنجليزية، وهي جائزة أنشئت لتزويد الكتاب الجدد في القارة الأفريقية بالموارد والدعم.

تقول ريم عن نفسها: “أنا طبيبة، باحثة، كاتبة، وأم لثلاثة أبناء، تخرجت في جامعة جوبا، وعشت وعملت في السودان وخارجه، وحالياً أقيم في كندا لدراسة الدكتوراه”.

فوز وسط الحرب

استقبلت الروائية السودانية ريم جعفر خبر فوزها بجائزة “الجزيرة” للكتاب الأفارقة الشباب، بلا اهتمام، وسط الأخبار المقلقة والمحزنة، التي تأتي عبر وسائط الإعلام عن السودان بصورة عامة، إضافة إلى خبر تعرض منزلها في الخرطوم للكسر والسرقة مثل كثير من منازل الأسر السودانية. وتضيف ريم في حوارها مع “اندبندنت عربية”: “لم أكن أنوي إعلان النتيجة على حسابي الشخصي، ولكن بعد أن اكتشفت رد الفعل وفرحة الناس الغرباء قبل الأقرباء، اختلف شعوري تجاه الفوز، وشعرت بفخر كبير بأني أمثل بلدي في مسابقة على مستوى القارة الأفريقية، وفرحت بأن فوزي كان مصدر فرح للناس في هذا الوقت الصعب”.

وعن إمكان إنجازات المبدعين السودانيين في مختلف المجالات في تقديم صورة غير صور الفقر والحرب عن السودان، تقول ريم: “إن الأهم هو تسليط الضوء على السودان نفسه، فأكثر جملة أسمعها من مواطني الجنسيات المختلفة في المهجر هي أنهم لا يعرفون شيئاً عن السودان ومن يعرف السودان لا يتجاوز حد معرفته بالسودان الحروب الطويلة الأمد، لا سيما في الأوساط الناطقة بالإنجليزية”. وترى ريم أن الوجود السوداني ضعيف جداً خارج العالم العربي والأفريقي، وتعتبر ذلك نتيجة طبيعية لسياسات الحكم البائد في إضعاف اللغة وعزل السودانيين عن العالم الخارجي، والتصرفات الخرقاء التي بسببها عانت البلاد العقوبات والمقاطعة لعقود طويلة، وحجبت السودانيين عن المنصات العالمية. وتقول: “في الوقت نفسه أرى أنه ينبغي على السودانيين عموماً أن يقدموا صورة مختلفة عن السودان، بسلوكهم وقيمهم قبل إبداعهم، بأن يكونوا مثلما هم، أمينين، طموحين، مجتهدين، وهذا أكثر ما يكمن أن يعكس صورة إيجابية عن السودان”.

لغة ليست من اختياري

تحكي رواية “فم مملوء بالملح”، المكتوبة بالإنجليزية، عن ثلاث نساء في قرية بشمال السودان تتداخل حياتهن بعضهن مع بعض، بعد حادثة غرق طفل في نهاية الثمانينيات. وتحاول ريم من خلال الرواية تسليط الضوء على وضع المرأة في المجتمع السوداني، إضافة إلى قضايا العنصرية، والأفكار الرجعية التي تحكم حياة الناس في السودان والتي يكافح الجيل الجديد للتخلص منها.

وعن الكتابة باللغة الإنجليزية، تعتبر ريم أنها تسير في خطوات الكاتبة السودانية ليلى أبو العلا، وتعتبرها مثالاً للكتابة والإبداع السوداني. وبحكم دراسة والديها خارج السودان تقول ريم إنها تعلمت اللغة الإنجليزية قبل العربية، وصارت لغة القراءة والكتابة لديها. وتضيف: “تعلمت اللغة الإنجليزية قبل العربية فأصبحت هي اللغة التي أكتب وأقرأ بها، وما كان ذلك اختياراً”.

وتضيف: “أنا جد معجبة بكتابة ليلى أبو العلا وأنا على علاقة لطيفة معها، وأستشيرها في عدد من الأمور، ولم تبخل علي برأيها أو دعمها”. وتشير ريم إلى أن أول عمل تقرأه بالإنجليزية عن السودان، كان رواية ليلى أبو العلا “منارة” ، وتعتبر أن قراءتها لروايات أبو العلا من اللحظات الفارقة في حياتها. وتبرر ذلك بأنها للمرة الأولى ترى نفسها في كتابة باللغة الإنجليزية، مما دفعها للكتابة بصورة جادة. وتقول: “أتمنى بالطبع أن أصل إلى جزء من نجاحها هي والروائي ذو الأصول السودانية جمال محجوب”.

مصادر الكتابة

وعن مصادر كتابة ريم جعفر والكتاب الذين أحبتهم أو تأثرت بهم، تقول لـ”اندبندنت عربية”، إنها تكتب عما تراه وتسمعه، وأيضاً عن المواقف والقصص الواقعية التي أثرت فيها وجعلتها تفكر في ما يدور في رؤوس الشخصيات، مخاوفهم وهمومهم. وتضيف: “أكتب عموماً عن الفئة العاملة، والناس العاديين، وعن الأدوار البطولية التي يقومون بها والمعارك الشخصية التي يحاربون من أجلها”.

تقول ريم إنها تأثرت بتشارلز ديكنز، توني موريسون، تشيممندا اديتشي انغوزي، وليلى أبو العلا، وستيفن كينغ، وفاتن عباس، وحمور زيادة. ومن الكتب التي أثرت في تجربتها “لورد الذباب” و”إمبراطورية الشمس” ، إضافة إلى أنها ما زالت تقرأ وتحب كتب هاري بوتر.

لم تكن رواية “فم مملوء بالملح”، أول تجربة لريم في كتابة للرواية، لكنها أول رواية اكتملت لديها وأصبحت جاهزة لنشرها والمشاركة بها في مسابقة، وتقول: “ليس لدي تجربة كتابة بالعربية مكتملة، لكني الآن أعمل على كتاب أتمنى أن يكتمل ويرى النور”.

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات