العباس السكرى يكتب: مصطفى محمود ومحمد عبد الوهاب.. “العلم والألحان”

قبل يومين قرأت مرثية العالم الدكتور مصطفى محمود، فى موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب.. والتى كتبها عقب وفاة صديقه بيومين.. المرثية كان بها الكثير من المشاعر والإنسانية والصدق والبكاء.. سمعت فيها صوت أنينه مع كل حرف .. ووجع قلبه فى كل سطر وكلمة .. ورأيت دموعه تتساقط على الورق من ألم الفراق .. وكأن لسان حاله لا يصدق أنه لن يرى عبد الوهاب مرة أخرى فى الحياة الدنيا بعد سنوات من المرح والصداقة.. الطبيب هزه الموت رغم يقينه وإيمانه به.

فى المرثية يظهر حجم المحبة وعمق الارتباط بين الدكتور العالم وموسيقار الأجيال، بل إن مصطفى محمود يحفظ أغانى عبد الوهاب، وكل أغنية لها ذكريات خاصة فى عقله وقلبه، حيث يقول فى مرثيته :”مات عبد الوهاب ومات معه جزء من قلبى .. جزء من نفسى .. وبعض من حياتى وذكرياتى .. فإذا دارت اسطوانة يا جارة الوادى، تداعت معها ذكريات طفولتى فى طنطا، ورائحة زهر البرتقال والياسمين وصوت قطار الدلتا، ونكهة البطاطا المشوية التى تتصاعد إلى أنفى من عربة عم بيومى تحت النافذة”.

مقالة مصطفى محمود عن عبد الوهاب تؤكد على أهمية الموسيقى فى حياة الإنسان وتأثيرها فى مشاعره وعواطفه وإنسانيته، يقول فيها :”عندما اسمع كوبليه “يادى النعيم اللى انت فيه يا قلبى”، لعبد الوهاب وليلى مراد، اتذكر حمام نادى طنطا الرياضى والغطس والعوم والتمارين والجرى والقفز، والجميلات هاويات الجمباز يتقافزن حولى كالفراشات، وحينما اسمع الكرنك اتذكر شاطئ بورسعيد”..

يكمل :”أسمع الآن أغنية “يا شراعا وراء دجلة يجرى” فأتذكر أيام الصبا، وأنا أرسم بالألوان وانحت تماثيل من الشمع لملوك الفراعنة، أو أكتب الشعر المراهق والزجل والمواويل”، “أغنية المية تروى العطشان اسمعها فأتذكر ايام المعاناة وأنا راقد فى سرير بمستشفى الحميات بالعباسية مريضا بالتيفود، وفى الخلفية عشرات الكروانات تصدح فى سماء الجبل الاحمر”، ثم يتساءل الدكتور فى المرثية :”هل أقول إن عبد الوهاب تاريخ حياتى مسجل على اسطوانات، وأن أغنياته كانت تحكى حبى وحرمانى وأشواقى، أم أن هذا كان حال كل مصرى من جيلنا، وكل عربى من المحيط الى الخليج، فقد دخل عبد الوهاب فى حياتنا وملأها بالنغم وبالطرب والجمال والعطر”.

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات