ماذا لو كنت أنا قبطياً مسيحياً ؟

ماذا لو كنت أنا قبطيا مسيحيا في مصر المعاصرة؛ فهل كنت سأتحمل الحياة المغموسة في مزايدة دينية إسلامية، كل دقيقة فيها حوارات، وتفاسير، ونقاشات، وتكفير، وضعف مشاعر المواطــَـنة وإزاحتها ليحل محلها الدين، وأحاديث سخيفة عن الحجاب، والنقاب، وغضب الله على مصافحة الرجل ابنة عمه، وطاعة ولي الأمر حتى لو كان ظالما وطاغية وديكتاتورا وسفــّـاحا، وصعوبة مساواة الكنيسة بالمسجد، ومشاعر الاستكبار الديني، وظن المسلم أنه اختار دينه الحق عندما كان نُطفة، وأنا اخترت ديني الباطل

وأنا في رحم أمي، ونظرات المجتمع، واعتبار إظهار الهوية معارضة لله، والتهديد بحُكم الشريعة الطالباني والبوكوحرامي والسلفي والاخواني والداعشي، والحرام في كل دقيقة، والتهديدات السماوية لأهل الأرض، ورفض طلب الرحمة من جيراني لأهلي

واعتبار المسلم الذي قُتل دفاعا عني شهيدا، وإذا القبطي المسيحي قُتل دفاعا عن الوطن المشترك فهو كافر ابن ستين كلب، وحرب مكبرات الصوت التي تهاجمك ولو كنت في الغائط أو في أحضان زوجتك، وعشرات.. ومئات.. وآلاف من المزايدة اليومية المقرفة والطائفية والظالمة!

لدي قائمة، لو كنت قبطيا مسيحيا في مصر المعاصرة، تكفي لتزلزل الأرض وتُسقط السماء وتُغضب ربَ الكون العظيم حتى تقوم الساعة؛ ومع ذلك فأنا، لمن سيزايدون الآن(!) ويستخرجون آيات التسامح والرحمة وأقوال الشيوخ وحكايات مضتْ عليها قرون، مسلم، ومؤمن اعتقادا وسلوكا وفهما طوال عُمري الذي جاوز ثلاثة أرباع القرن.أنا غاضب من المسلمين لأنني مسلم!

وأنا غاضب من المسلمين لو كنت قبطيا مسيحيا!هذه القضية لا تحتاج لتبرير، فتبريرها أم الجرائم، ولن أبالغ إذا قلت بأن تبريرها كُفْر بالله وبرسالة خاتم الأنبياء (ص).

لا أتحدث عن مسلمين ملائكة وأقباط شياطين؛ لكن أكتب عن عادات وتقاليد وأعراف وتعاليم وتفسيرات عرجاء لم تعرف صفة واحدة من صفات الله، عز وجل.

من فضلكم، لا تُغرقوني بأقوال ماضوية، وأحاديث نبوية، وآيات مقدسة، وتفسيرات لعلماء، ولكن ضعوا لي تصوراتكم لإلـَـهٍ واحد غفور، خالق الكون والإنسان والأديان، وليس لإلــَــهٍ ينتظر عباده ليعذبهم، ويذيقهم نار جهنم، وينتقم منهم، ويخادعهم، ويمكر بهم، ويفرّق بينهم فيما لم يقوموا باختياره.

أكرر للمرة المئة بعد المئة بأن أي إرهابي ومجرم وجاهل وقاتل يستطيع أن يعثر في كل الكتب المقدسة على تبريرات لذبح خصومه.

هذا هو إسلامي؛ ولكم أن تكفروا به، أما أنا فلن أحيد عنه قيد شعرة لأن الله، عز وجل، راضٍ عن هذا الفهم الطاهر والسليم

محمد عبد المجيد طائر الشمال عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين

أوسلو في 28 سبتمبر 2022

تحرير نقلا عن الأهرام الكندية

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات