سيدة المنيا والعدالة الغائبة

د. ماجد عزت إسرائيل

تعد مشكلة الست “سعاد ثابت ” من قرية الكرم التابعة للقرية ومركز أبوقرقاقص بمحافظة المنيا والتى تم تجريدها من ملابس فى 20 مايو 2016م،وسط الغوغاء من القرية وربما بعض القرى المجاورة ،وسرعة البرق نقلات وسائل الاعلام المحلية والعالمية

وتصدرت صور وأحاديث سيدة المنيا الجرائد والمجالات ووسائل التواصل الاجتماعيى،كما أن قداسة البابا ” تواضروس الثانى” اتصل هاتفيا بها للاطمئنان عليها عندما كانت بمقر الأسقفية فى أبو قرقاص، وفى ضيافة نيافة الحبر الجليل الأنبا “مكاريوس” أسقف ذات المدينة وتوابعها

خلاصة المشهد أكد الجميع شهود العيان والسيدة نفسها عن واقعة التعدى وتجريدها من ملابسها وزفها بالشوارع،إلا العمدة عمر راغب ،ومأمور مركز أبوقرقاقص، ومدير أمن المنيا،ومحافظ المنيا طارق نصر،نفوا هذه الحادثة وقالوا جميعهم لم يحدث تعدى على هذه السيدة.

وهذا الخيط يعد بداية العدالة الغائبة،لأن جميعهم أجهزة الدولة المعنية والسلطة التنفذية،كيف تنفى حدوث جريمة أو حادثة أو موقف ما قبل التحقيق فى حدوثه من عدمه.

وهذا نص ما ذكره العمدة حيث ذكر قائـلاً:”أن ما تم تداوله عن تعرية سيدة بالقرية وسحلها، غير صحيح، موضحاً أنه تم التعدي عليها بالضرب الذي أدى إلى تمزق ملابسها، وأنها لم تتعرى بالكامل ولم يتم سحلها في أنحاء القرية كما ذكرت بعض وسائل الإعلام”.

كما نفى السيد المحافظ الهمام قائلاً” الواقعة التى ذكرتها مطرانية المنيا للأقباط الأرثوذكس عن تجريد بعض المتطرفين لسيدة مسيحية مسنة من ملابسها بقرية الكرم التابعة للمحافظة، مشيرا أن جماعة الإخوان هم من يحاولون تحويل الصغائر إلى كبائر…”

وأيضًا أكد عبد الفتاح الشحات، رئيس مباحث مديرية أمن المنيا،واللواء رضا طبلية مدير أمن المنيا على عدم حصلوا أى تعدى على السيدة القبطية سعاد ثابت، وأن سبب الحادثة علاقة عاطفية ما بين ابن السيدة وسيدة مسلمة.

كل هذه الكلام يعد غير صحيح لأن هناك شهود عيان على الحادثة ، كما تحدثت صاحبة الحادثة ذاتها،ولكن دائما الحقيقة والعدالة غائبة بالنسبة للأقباط، نذكر على سبيل المثال ما حدث بمحافظة المنيا منذ وقت قريب، صفر مريم ،حادثة ازدراء الدين الاسلامى لمجموعة من الأطفال، وحرق أحد الكنائس ،وخطف فتاة لا تتعدى خمسة عشر عاماً.

وللحقيقة التاريخية انا معظم المجتمع المصرى والنخب بكل أشكالها، رفضوا هذه الحادثة شكلاً ومضمونا ،بل طالبوا الرئيس “عبد الفتاح السيسى” بعزل كل من السيد المحافظ ومدير أمنه ومأمور القسم وعمدة القرية وتحويلهم جمعيا للتحقيق والقبض على الجناة الحقيقيون فى الحادثة وتقديمهم للعدالة،ولكن بين عشية وضحاها ذهب بيت العائلة ـ مجلس يجمع ما بين رجال الدين المسيحى والإسلامى متخصص فى حل مشاكل الفتن الطائفية ـ

كالعادة لعقد جلسة عرفية وحل المشكلة ما بين أقباط ومسلمى قرية الكرم،ونسى هؤلاء حرق منازل الأقباط ونهب وسلب مواردهم ورزقهم ونسوا حالات الخوف والذل والهوان،وأيضا زف سيدة مسنة بشوارع القرية.

تحية تقدير لنيافة الحبر الجيل الأنبا مكاريوس أسقف أبو قرقاقص وتوابعها الذى رفض الجلوس فى الجلسات العرفية إلا بعد تنفيذ القانون حتى تتحق العدالة الغائبة ـ هذه أول مرة تحدث فى تاريخ مصر ـ ويطبق القانون على الجناه وأيده العلامة والفقية القانونى الدكتور “نور فرحات” الذى ذكر عقب الصلح ما بين مسلمى وأقباط القرية قائلاً” تم الصلح والأزهر قام بالواجب فى إقناع المسلمين بقبول الصلح، والكنيسة قالت أحبوا أعداءكم وباركوا لا عنيكم، والمحافظ يقول لناقديه موتوا بغيظكم” والكاتب وحيد حامد ، الذى ذكر فى مداخلة متلفزة   قائلاً” العمدة يصر على كلام غوغائي إنشائر مكرر ويتعمد حل المشكلة بالصوت العالي”، مضيفا: “الراجل ده لازم يسيب منصب العمودية لأنه منحاز”.

لا يمكن ان تتحق العدالة بترك الجناة وحل هذه الجريمة بجلسة عرفيةـ لابد من القضاء وتطبيق القانون أولاً وبعدها ممكن جلسة عرفية لتنقية الاجواء بين جميع الأطراف . نريد سلام حقيقى لا سلام زائف ،نريد احترام القانون وتنفيذه على الجميع بدون تفرقه،لأن الجميع أبناء مصر،نتمنى أن تتحق العدالة الغائبة!

حمى الله مصر وشعبها العريق من كل شر أو شبه شر.

 

تحرير نقلا عن الأهرام  الكندية

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات