باسل الأعرج جثمان مثقف في حضن الصهاينة ونحن شباب أحياء يقتل فينا الوطن الحلم .

بقلم : عبداللطيف مشرف

باسل الأعرج الصيدلي الفلسطيني المدون والمثقف، المحب لقضية وطنه ويكره احتلاله سواء من الداخل أو الصهاينة، يمقت الفرقة ويحب الوحدة والترابط، لكن للأسف………….؛؛؛؛؛؛؛؛ اعتقلت الأجهزة الأمنية الفلسطينية الشبان الستة: الشهيد باسل الأعرج، هيثم سياج، محمد السلامين، علي دار الشيخ، سيف الإدريسي، محمد حرب، نيسان الماضي ولمدة ستة أشهر واتهمتهم بمحاولة تنفيذ عملية فدائية ووجهت لهم تهمة حيازة سلاح غير مرخص، قبل أن تفرج عنهم بعد خوضهم الإضراب المفتوح عن الطعام وبضغط من الشارع الفلسطيني. وإثر إفراج الأجهزة الأمنية الفلسطينية عن الشبان الستة، اعتقلت قوات الاحتلال أربعة منهم، فيما اغتالت الشهيد باسل الأعرج في السادس من آذار بعد اشتباك مسلح دار بينه وبين قوات الاحتلال بعد محاصرة منزله في مدينة البيرة التي تحصن به مدة شهرين ونص. ولم يتبقى من باسل إلا جثمان في حضن الصهاينة وبموافقة السلطة الحاكمة، ووصية كتبها تحت عنوان: تحية العروبة والوطن والتحرير:
أما بعد ..
إذا كنت تقرأ هذا فهذا يعني أنني قد مت وقد صعدت الروح إلى خالقها وأدعو الله أن ألاقيه بقلب سليم مقبل غير مدبر بإخلاص بلا ذرة رياء .. كم من الصعب أن تكتب وصيتك، ومنذ سنتين انقضت وأنا أتأمل وصايا الشهداء.. لطالما جذبتني هذه الوصايا، مختصرة سريعة مختزلة فاقدة للبلاغة ولا تشفي غليلنا في البحث عن أسئلة الشهادة . وأنا الآن أسير إلى حتفي راضيا مقتنعا وجدت أجوبتي .. كان من المفترض أن أكتب هذا قبل شهور، لكن ما أقعدني عن هذا أن هذا سؤالكم أنتم الأحياء فلماذا أجيب أنا عنكم.. فلتبحثوا أنتم .. أما نحن أهل القبور فلا نبحث إلا عن رحمة الله ..
أجيبك أخي باسل بإجابة كنت أقرأها كثيرا: لرئيس وزراء بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية تشرشل: قال إذا أردت أن تتعلم السياسة فعليك بالإنجليز، واذا أردت أن تتعلم الجد والعمل فعليك بالألمان، وإذا أردت أن تتعلم الإيتكيت الاجتماعي فعليك بالفرنسيين، وإذا أردت أن تتعلم الخيانة فعليك بالعرب…….. . أجيبك أخى العزيز: بما قاله هرتزل مؤسس الصهيونية قال: أن طموحنا ليس فقط إقامة دولة إسرائيل بل سيأتى اليوم الذي يستقبل فيه العرب جيش الدفاع الإسرائيلى بالورد وذلك عندما نولي سفهاءهم الحكم……….

أجيبك أخى العزيز الذي بكيت عليه، أننا في وطننا نموت أحياء، فوطننا يقتل فينا الأمل الوليد، والطموح، ويجعلنا ما بين مغترب وبين قابع في السجون، يجعل طموحى ليس في بلدى، إنما فيزا لخارج وطني حتى أستطيع بعد مرور أفضل سنوات العمر أن أحصل على مأوى لأتزوج فيه وإن وجد، وطنى يقتل في الاصرار، ويجعل أقل ما فينا وأدنانا قدرا متحكم فينا، لأنه ابن السلطة والنظام، أما أغلبنا الأجراء ، وهل للأجير أن يكون سفير أو وزير أو قاضي أو ضابط، فإذا كان فأين يذهبوا بأولادهم الفشلة. أجيبك أخي بأن وطني جعلني من شاعر يكتب شعر الحب والحنين إلي شاعر يكتب بالدموع والحسرات على وطن منهوب خيره لخسته، أجيبك أخى العزيز رغم أن وطنك مكانه غير مكان وطني ولكن يجمعنا إخوة ودين وعروبة ودم وتاريخ، وأيضاً نتشابه بأنا من يحكموك من فصيلة من يحكمونى، فأنهم رضوا الدنية في دينهم وأوطانهم.
أجيبك أخي العزيز أن الفقر سار في وطني مثلما تسير النار في الهشيم، الجهل أصبح سمة، والحاجة مذلة، والعصابة في رغد من العيش وسكناها القصور أجيبك أخي العزيز أن من زرع فينا العبودية والهوان، ونشر فينا المرض من أجل العصابة تزداد مال على حساب صحة الفقراء، من نشر فينا الجهل، من قتل أخي واعتقل شيوخنا ، وشرد شبابنا وجعل طموحهم طائرة تنقلهم خارج البلاد حتى وإن كانت الوظيفة بائع جرائد أو عامل نظافة، أو غسيل صحون في أوروبا، وقتل حلم ثورة وشرد أسر بأكملها، فإنه الآن بريء، ونحن الشباب مدان لأن لدينا طموح، وكسرنا العبودية، والهوان والذل، فأصبحنا نحن المتهمين وهم أحرار طلقاء، فأصبح التراب مسوانا والدم نصيبنا والإعتقال واجب لنا، أما هما أبرياء وأحرار والبلد ملكا لهم، والتنزه حقا لهم، أما ترى أخي ذل وهوان، وقتل روح وطموح أكثر من هذا …….

ملعون أبوك يا خوف يا اللي خليت خيري منهوب والغرب والسجن حق أصيل، لا فرحت بتفوقى وشهادتي بل بكيت علي باسل وأطباء ومهندسين وصيادلة ومدرسين، لأنهم قالوا : لا للظلم، لا لحق الفقير المنهوب، ملعون أبوك يا سكوت يا اللي خليت الحرامى صاحب حق وأصبحت أنا الشاب المدان … أنا الجسد بلا روح أنا الشهيد الحي على وطن منهوب خيره، وحكام نسوا القضية وباعوها من أجل كراسي مزيفة….. وجعلوني شاب بلا طموح بل هدف بلا هوية ……. خلونا شباب نحضر جنائز الأصدقاء بدل أفراحهم ….. خلونا خايفين نجيب أولاد في وطن كل أرضه ظلم، على وطن بيقتل ولاده بيده……. على وطن بيخاف من مجرد كلام بسيط من شبابه على وطن قتل فينا كرامة ويقول ارفع رأسك أنت حر ، أى حر تناديه……؟
أنت جثمان الآن ولكنك بطل حاربت ودافعت عن حقك وقضيتك بجسدك وكلماتك، ونحن شباب وطن الكلمة تقتل حكامنا، ويخافون منها خوف شديد، لأنهم ليسوا أسوياء، ولا العدل شراع سفنهم، حاربت الخونة والصهاينة فمن حقك أن تكون الشهيد الحي بيننا، أن تكون مثلا لنا، بأن نقول أننا أرواح بأجساد ولن نرضى الهوان والمذلة.

2 1

تحرير نقلا عن الأهرام الكندية

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات