10 حلول لمواجة فوضى الفتاوى

كتبت:منة الله عصام

قال الباحث الأزهري، محمد مأمون ليله مدرس مساعد في قسم الحديث بجامعة الأزهر، إن العمل في الفتوى يحتاج إلى خبرة كبيرة، مؤكدًا أنه لا يشترط أن يكون كل عالم صالحًا لإصدار الفتاوى، سواء كان من الأزهر أو من الجامعات الأخرى.
وأضاف «ليله» في تصريح لـه أن العلوم الشرعية تخصصات، أن هناك أصولًا ينبغي مراعاتها في الفتوى، وعلومًا ينبغي أن تتوافر في الفقيه، مع فقه كبير للواقع، وهذا لا يحسنه كل إنسان، ولا يقدح في العالم أن لا يكون متخصصًا في الفقه، فالناس مواهب، والفقه رزق قبل أن يكون علمًا.
وعن مواجهة فوضى ظهور غير المختصين في الفتوى، اقترح أن يرسل الأزهر الشريف من يثق به من أبنائه في برامج الدينية على الفضائيات، ويراقبه ويحاسبه، وذلك لأن الإفتاء يحتاج إلى مرونة وفهم، ولا يمكن أن نسير بالأمة على قول واحد في الفروع الفقهية، وعليهم أن يربوا الناس على فقه الخلاف، وقبول الآراء الفقهية المتعددة، وأن يسأل الإنسان من يثق به من علماء بلده خاصة المؤسسات، أو يلتزم بقول مذهب فقهي إلا ما تأكد فيه غلطه فيلتزم الحق، وهذا لا يستطيع القيام به إلا الأزهر الشريف، وإذا رأى الأزهر من غير أبنائه من تأهل فلا مانع أن يزكيه، ولا يشترط أن يكون هناك تصريح وترخيص من الأزهر بصورة رسمية لمن يظهر في القنوات.
وشدد على ضرورة أن يضع الأزهر شروطًا لمن يتصدى في توعية الأمة، ولا بأس أن تُعقد جلسات مناقشة وحوار لكل المفكرين مع الأزهر، ويتفقون على مشروع إعلامي اجتماعي، يقوم به الكل مع الكل؛ ليكون نواة لتوحيد الأمة المصرية على مشروع ينبثق منه مشروع أكبر.
ووضع حلولًا لمواجهة الفتاوى الشاذة المتطرفة، من خلال عدة أصول عقلية، وهي: أولًا: لا ينبغي أن يتكلم كل إنسان في أي علم دون أن يكون متخصصا فيه، أو له فكر ونظر فيه حتى لا نمنع المفكرين وأصحاب الرأي، ولكن قبل عرض الرأي الجديد على القنوات، لابد من عرضه على المتخصصين والمجامع الفقهية والمؤسسات الشرعية، ويتم النقاش والحوار، ومن هنا إما أن يتفقا فهذا شيء جيد، أو يختلفا ويقران بأن هذا الرأي له حظ من النظر فيجوز نشره كرأي لصاحبه يخصه مع عدم الطعن في الرأي المخالف، أو هو شاذ لا ينبغي نشره؛ فيلتزم صاحبه بعدم نشره على العام.
وتابع: ثانيًا الالتزام بالمعايير الأخلاقية والأدبية للمتكلم، حتى لا يتتسبب في فتن ومشاكل، أو يفرق الأمة بدلا من تجميعها على الخير والبر، ثالثًا أن نعلم الناس فقه الخلاف، وأن مسائل الفروع الفقهية لا يمكن جمع الأمة فيها على قول واحد، فهذا مخالف للشرع والعقل، ومن كان له نظر في العلوم الشرعية فهم ذلك، وأن يعذر المخالف متى كان له دليل ولو كان ضعيفا، ومن هنا يسود الاحترام والمحبة بين طوائف الأمة، وننطلق نحو البناء والتجديد.
واستطرد: رابعًا أن يسأل الإنسان علماء أهل بلده، ولا نستورد فكرنا الديني من الخارج، فكل بلد له واقع يختلف عن الآخر، وعادات وتقاليد، فضلا عن هيمنة الهيئات السياسية على بعض دور الإفتاء في بعض الدول؛ فتحركها لأجل مصلحتها، وتخرج الفتاوى على هذا الأساس؛ فتضر غيرها من البلدان؛ ولهذا يجب الحفاظ على الزهر الشريف منبع الاعتدال والوسطية.
واستكمل: خامسًا أن ندعو الناس إلى العودة إلى كتب المذاهب الفقهية، مع فهمها جيدا وتنزيلها على أرض الواقع، فلا ننزوي على ما فيها من أفكار، بل نأخذ منها الفكر ونطور بما يفيد مجتمعنا، ولا بأس من عدم أخذ بعض الأقوال المتشددة لبعض العلماء، فكل أحد من الناس يؤخذ منه ويرد عدا المعصوم صلى الله عليه وسلم، وهذه الكتب ضمانة قوية للحاظ على فكر الناس؛لأنها بنيت على أصول وقواعد، وليست كفقه بعض المعاصرين ممن لا أصول عندهم ولا قواعد، وهذا الكلام يجب أن يسري على المفكرين المعاصرين، فلا يتحدث على الأمة من لا أصول له ولا قواعد نحاكمه إليها عند الاختلاف؛ لأن هذا لا يليق بأمة اقرأ.
وألمح إلى الحل السادس، بأن نغرس في الناس فكر الحذر من التقول على الله بغير علم، فلا يتكلم في الدين من لا يحسنه، ولا في علم من لا يفهمه، وان يرجع كل منا إلى الحق متى راءه، فالفقيه المبتدئ والعامي الذي يحفظ القرآن أو كثيرا منه لا يسوغ له الاجتهاد أبدا، أما الفقيه المنتهي اليقظ الفهم المحدث، الذي تلقى العلوم كالفقه والصول، والتفسير والحديث، والنحو والبيان على أصولها من كتب أهلها، فهذه رتبة من بلغ الاجتهاد المقيد، وتأهل للنظر في دلائل الأئمة، فمتى وضح له الحق في مسألة، وثبت فيها النص، وعمل بها أحد الأئمة الأعلام كأبي حنيفة مثلا أو كمالك، أو الثوري، أو الأوزاعي، أو الشافعي، وأبي عبيد، وأحمد، وإسحاق، فليتبع فيها الحق ولا يسلك الرخص، وليتورع، ولا يسعه فيها بعد قيام الحجة عليه تقليد.
ونوه إلى أن الأمر السابع هو الأخذ على يد من يخبط عشواء في الشرع الحنيف بجهل أو لغرض، وتطبيق ما يلزم من قوانين لمنعه وإبعاده، حتى لا يحدث بلبلة في المجتمع.
ورأى أن المقترح الثامن هو أنه ينبغي أن نعلم الناس أن الأئمة كان عندهم ورع وديانة، وهم اتقى من أن يتركوا الحق إذا ظهر لهم، ولكنهم نظروا وتدبروا؛ فأوصلتهم قواعدهم وأصولهم العظيمة إلى هذه الآراء الموجودة، وأن يُحجر على السفهاء الذين ينتقصون من العلماء، ويقولون: خالف السنة الصحيحة، فإنه لا يوجد عالم إلاّ وقد خالف من كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام أدلة كثيرة لمعارض راجح عنده، من أجله ترك العمل بهذا الحديث الذي تراه، ومن هذا الباب ما يروى عن الشافعي – رضي الله عنه – أنه قال إذا صح الحديث فهو مذهبي أو فاضربوه بمذهبي عرض الحائط، فإنه كان مراده مع عدم المعارض، فهو مذهب العلماء كافة وليس خاصًا به، وإن كان مع وجود المعارض فهذا خلاف الإجماع، فلا بد من انتفاء المُعارض، والعلم بعدم المعارض يتوقف على من له أهلية استقراء الشريعة حتى يحسن أن يقول لا معارض لهذا الحديث، وأما استقراء غير المجتهد المطلق فلا عبرة به، وهذه حال كثير من المعاصرين لم يصلوا إلى رتبة الاجتهاد المطلق؛ ليعارضوا الأئمة الكبار.
وطالب في المقترح التاسع، بالتعاون الكبير بين كل مؤسسات الدولة خاصة الدينية والإعلامية؛ من أجل رفعة المجتمع، وتقدم مصر، فما المانع من عمل بروتوكلات تعاون بينهما، وإيفاد كل منهما إلى الآخر من يفيده؟، مناشدًا البعد ما أمكن عن الخلاف، والحديث في المتفق عليه خاصة في هذا الوقت العصيب الذي تمر به مصر.
ونبه في المقترح العاشر، على الالتزام ما أمكن في الخطاب الدعوي في إذاعة القرآن الكريم ووزارة الأوقاف على الصحيحين فقط في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها مصر، حتى يعيدوا أنفسهم ويضبطوا أحوالهم، ثم لا بأس بعد ذلك من التوسع.
ولفت إلى أن المشكلة الكبرى أنه يأتي بعض المتخصصين فيذكر أحاديث وآثار في غاية النكارة نقداً وعقلاً، وعندما يسمعها المتلقي تورث عنده بعض الشك والغلط، فإما أن لا يتوقف عندها، أو يتوقف، وهو هنا إما أن يطعن في السنة ككل، أو تتولد عنده جرأة على إنكار الأحاديث الصحاح بمجرد عدم موافقتها لعقله القاصر، والأمر خطير في كلتا الحالتين، ومن ثم فلابد من وقفة.
وأكد أن هناك أحاديثَ صحيحة خارج الصحيحين «البخاري ومسلم» يجب ألا ننكرها، ولكنها تتطلب ناقداً بصيراً بالعلل، حتى لا تنتشر المناكير والموضوعات على هذه الوسائل الإعلامية الكبيرة.
نقلا عن موقع صدى البلد

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات