المفكر كمال زاخر يكتب أمى .. معلمتى الأولى

سميرة صليب مقار

حكاية من 45 سنة

جميلة كالبدر .. رقيقة كالنسمة … قوية كالجبل ..

الزمان عام 1935

وجدت نفسها فى القاهرة وهى شابة فى مقتبل العمر فى رفقة زوجها نازحة من قريتها القابعة فى حضن الجبل .. هناك فى اخر نقطة على حدود اسيوط مع سوهاج

 

كان معها ابنها البكر وهو بعد طفل يكاد يكمل عامه الثامن، لتبدأ قصة كفاح مصرية تكلل بالنجاح وتثمر اسرة من خمسة أبناء ، ويتخرج الإبن البكر ـ أيوب ـ فى كلية الطب قصر العينى، وكان له من اسمه نصيب وافر، وينجح الاب فى تجارته ويجد لأسرته مكاناً فى الطبقة الوسطى… وتموج سفينة العائلة فى تضاريس الحياة بين قمم وقيعان .. وتكتب واحدة من القصص المصرية الرائعة رغم فواصل الألم المتتالية…

الزمان عام 1971

بغير مقدمات وقبل ان يرحل العام بأيام معدودات يرحل الإبن البكر ـ 44 عاماً ـ عن دنيانا بعد ان صار طبيباً ملء السمع والبصر وبعد ان حفر له مكاناً أثيراً فى قلوب كل من حوله، وكان لقاؤنا الأول مع الموت لأتعرف عليه عن قرب وادرك لماذا سماه بولس الرسول عدو، بل وأخر عدو يبطل .. كانت الصدمة متجاوزة الإحتمال والفهم .. وكنت فى السنة النهائية فى كلية التجارة .. استعد لما تخيلته وطمحته فى مقبل الأيام

كنت خادماً بمدارس الأحد

كانت امى صامتة كل الوقت

كان عنوان ايامنا الحزن ..

جلست الى جوارها اسعى لمواساتها أو هكذا ظننت رحت استجمع حكايات الرحيل والأبدية والسماء وفرح الفردوس ولقاء رب المجد ووعده لنا بحياة الفرح الدائم و….

لم تكن تبكى لكنها صامتة  قالت لى أنا مطمنة على اخوك حبيبى

ظننت أنها تردد ما نؤمن به وما حفظته من الكنيسة أو من حكايات أبى وهو يحكى لها قصص الكتاب وكلمات المسيح  ، لكنها كانت تحكى ما حدث معها بالأمس :

وقفت كعادتها التى لم تنقطع حتى فى التجربة لتصلى فى الصباح الباكر …

وإذا بها تجد الغرفة وقد صارت بلا جدران منفتحة على الأفق والسيد المسيح يقف غير بعيد عنها .. يحتضن ابنها .. مالك يام أيوب .. ابنك معايا .. لو عوزاه ارجعهولك ..

استجمعت شجاعتها التى لم تفارقها وسلامها الذى كان يغمرها وقالت لا ياسيدى كتر خيرك بس اسندنى .. ضعيفة أنا .. وسبقتها دموعها ..

كانت لحظة فارقة لى انطلقت منها للتعرف على شخصه المبارك .. وكان صباح وكان مساء يوماً جديداً ورؤية جديدة لمعنى ان تكون فاعلاً وصوت صارخ فى برية حمقاء قاحلة

امى كم كنت معلمتى فى صمت ابلغ من الكلمات .. اشتاق اليك

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات