فى مشهد مهيب تودع كنيسة مارمرقس بشبرا القمص لوقا قسطنطين على رجاء القيامة فى ثقة و ايمان و يقين انه قد خدم طوال حياته كانسانا مباركا و ها قد أكمل جهاده ” و اخيرا ربح إكليل البر “.. الكل تسبقهم دموعهم فى توديعه و هم يزفونه الى السماء بمشاعر مختلطة بين الالم و الفرح , ألما على الفراق و فرحا بتكليل جهاده و تعبه و ألمه
اليوم جاء التكليل السمائى لجهاد ارضى عمره 42 عاما ,
بكل قلبه قدم خلالها يوما بعد يوم حياته ذبيحة حب من اجل كنيسته و شعبه على مدى سنوات طويلة دون ملل أو كلل رغم الأزمة الصحية،خدم بكل امانة شعب الكنيسة و لاسيما داخل مدارس الاحد للبنات بكونه المسئول عن التربية الكنيسة قطاع بنات , و التى كانت معه رفيقته و زوجته الراحلة ميس فوزية ابراهيم التى يشهد لها من الجميع بنشاطها و حبها للخدمة من القلب ليبدأ معا المشوار الحافل لتأسيس التربية الكنيسة داخل كنيسة مامرقس بشبرا لتصبح كما هى بحق الكنيسة العريقة داخل منطقة شبرا , و لا ننسى دور عدد كبير من الآباء الكهنة و خدام و خادمات الكنيسة معهم فى ذلك الوقت فى تأسيس كنيسة مارمرقس ككيان واحد ليقدموا ما لديهم من طاقات ربما منهم من فارقنا بالجسد و يحيون بالروح و غيرهم ممن لازالوا فى الجسد و يكملون المسيرة و المشوار .. فكان يهتم ببناء النفوس ليصبح كالشجرة المثمرة التى طرحت للكنيسة ثمارا مباركة .
اهتمامه بالتعمير
و لا يغفل علينا اهتمامه بالبناء المعمارى بالتوازى مع رسالته الرعوية فكم يشهد له الاهتمام بالخدمة و شراء ابنية لتوسيع الخدمة , و اهتمامه ببناء مستشفى مارمرقس لخدمة اهالى منطقة شبرا و خارجها مسلمين و مسيحيين يتلقون الخدمة العلاجية على حد سواء , و لعل تلك السطور تعجز عن وصفه و كم كان دوره الإنساني و شعوره بالآلام الناس و مساعدتهم من القلب , و هو ما تلامسناه من خلال كم الالتزامات المادية التى تحملها و سدد بها احتياجات ” اخوة الرب ” و كم من تسهيل عمليات و صرف علاج بالمجان دون مقابل .
ناهيك عن مساندة ابونا القمص ” لأسرة محبة ” المعنية برعاية ذوى الاحتياجات الخاصة فيصير هو ” المحبة ” لاسرة محبة ” حيث يشهد لابينا المحبوب موقفه الحاسم بشأن قرار تقسيم الكنائس كمناطق و من ثم تقسيم المخدومين ( ذوى القدرات الخاصة ) على تلك الكنائس طبقا لنطاقهم الجغرافى فكان لقدس أبينا المحبوب موقف حاسم بتمسكه بابنائه و بخدمتهم و هو ما اسعد أسرهم بشكل كبير , و غيرها من الشهادات الحية التى تشهد لابينا القمص , فما يذكر اقل مما يستحق بكثير لمحبته و ابوته .
احتمال صليب المرض بشكر
كان أبينا الحبيب يعانى من آلام صحية منها الفشل الكلوى لسنوات طويلة بما يضطره الغسيل لأكثر من مرة اسبوعيا , و كان يتحمل الكثير و ما كان من تجربة صليب المرض إلا و تدفعه لتقديم خدمة لمرضى الفشل الكلوى فكانت فكرته بإنشاء ” وحدة مارمرقس لأمراض الكلى ” و التى كانت بمثابة النور لكثيرين وسط عتمة ليل المرض , و يشهد كم الحالات التى تقدم لهم الخدمة العلاجية بأسعار مخفضة لتخفيف الآلام هؤلاء .
كان فى تسليم كامل لإرادة الله لما منحه اياه من صليب المرض , يخدم بكل امانة بشكر دون اى تذمر بوجه بشوش و كان حريصا ألا يشعر أحد بما يتحمله كان بابه مفتوحا للجميع فى اى وقت كى يسمع و يساند و يدبر بحكمة و يعطى المشورة للكل , و رغم آلامه الجسدية نجده يأتى للكنيسة مبكرا لصلاة القداس و تدبير الخدمة و رعاية الكنيسة و شعبها – بجانب الآباء الكهنة – و ايام كثيرة وسط ألمه نجده ” يبات بالكنيسة ” لاسيما ايام الثورة والانفلات الأمنى لنجده يسهر مع رجال أمن الكنيسة لحراسة الكنيسة و رعايتها و فى اوقات اخرى اذا لزم الامر , فلم يتوانى عن الخدمة لحظة .. كان مهموما بكنيسة مارمرقس شبرا و شعبها حتى فى أوقات جلسة الغسيل الكلوى كثيرا ما كان يفكر فى شئونها و كيفية تدبيرها .
خادم مذبح
و لا يفوتنا ان قدس ابينا الحبيب كان بحق ” خادم مذبح ” لحرصه على صلاة القداسات يوميا و فى اوقات الصيام لاسيما الصيام الكبير كان يتحمل الصوم لفترات طويلة و يصلى قداسات فى أوقات متأخرة , كما تميز بصلاته لكل ابنائه فى الثانوية العامة و و ضع اقلام على المذبح و من ثم توزيعها على الأبناء و تشجيعهم بالكلمات التى تلغى اى رهبة أو خوف من الامتحانات , فلم يدع صليب المرض عائقا فى طريق خدمته بل فى تسليم كامل لارادة الله كان يقدم خدمته بحب . كانت شخصيته متميزة و مختلفة فى روحانيته و صوته الجهورى الجميل الذى تميز به فى صلاة القداسات و عشقه للترنيم , فى حبه للكنيسة , أصالته , شموليته , ابوته .. ولعل تلك الروح انطبعت فى ابناءه .
جارى الاعداد لتنظيم صلاة الجناز بحضور نيافة الحبر الجليل الأنبا انجيلوس الأسقف العام لكنائس شبرا الشمالية باستعدادت لتكريم أب جليل عاش طوال حياته و كأنه الانجيل المعاش , فهو بحق عاش كما ينبغى ان يكون تلميذا للمسيح عاملا بكلمته و حافظا لوصاياه .. عرفت منطقة شبرا اسمه حينما كان خادم علمانى يخدم مع آباء عظام شرفت كنيسة مارمرقس بشبرا بهم أمثال ابونا القديس ميخائيل ابراهيم – الذى تنبأ بدعوته للكهنوت – و ابونا مرقس داود و ابونا اسطفانوس عازر و غيرهم , فكم كان شعلة نشاط و هو لايزال خادم علمانى بخدمته , نشاطه , و افتقاده .
تاريخ كنيسة مارمرقس بشبرا لم و لن ينسى مشوار أبينا الحبيب لوقا قسطنطين لما قدمه من خدمة لكنيسة مارمرقس بشبرا التى بدأت بكنيسة صغيرة لتصبح كما هى عليه اليوم , لم ننسى ابونا الحبيب لكونه باقى فى ابنائه سواء الروحيين و الجسديين ” و ما يعزينا قول الكتاب ” ليس موت لعبيدك بل هو انتقال ” الآن تحررت من الآلام الجسد و ثقله , اذكرنا امام عرش النعمة و لا تتركنا بل تسندنا بصلاتك و لا تنسى اولادك .
يذكر أن الأب الراحل من مواليد ١٣ يوليو ١٩٤٨ وسيم كاهناً في ١٤ يناير ١٩٧٩، وترقى إلى القمصية فى ١٤ نوفمبر ١٩٩٨