الكاتبة منى فؤاد تكتب جيم جنس يا ميس

الكاتبة منى فؤاد

جيم جنس يا ميس
وﻷنني ميس كنت أقوم بدوري بتدريس حرف الجيم لتلاميذ الصف الثاني اﻹبتداني، وأقوم بكتابته بالتشكيل؛ جيم فتحة..جيم كسرة..جيم ضمة..جيم سكون… وكنت أعلمهم النطق الصحيح لهذا الحرف…وهكذا، وعلينا أنا وتلاميذي إستخراج هذا الحرف من كلمات متعددة كنت أقوم بكتابتها على السبورة، وطلبت منهم كل واحد يقولي كلمة يعرفها بها حرف الجيم
منهم من قال:جمل، وآخر قال جرجير، وواحد قال جرس، وأحدهم قال “جاموسة يا ميس”
وفي كل مرة أطلب من باقي التلاميذ أن يشجعوا زميلهم بالتصفيق الحاد لتحفيزهم ﻹستخراج مزيد من الكلمات، وكانوا يفرحون عندما أكتب كلماتهم على السبورة وكأنه إختراع خاص بهم

وحدثت المفاجأة الغير متوقعة من تلميذ دون إستئذان وقام وبسرعة مدهشة قال:
“جيم جنس يا ميس”
ظننت أني لم أسمع اللفظ ﻷول وهلة وقلت:
إيه يا حبيبي؟
قال وبثقة: “جيم جنس ياميس”
لكم أن تتخيلوا واقع الكلمة على مسامعي
حدث صمت رهيب في الفصل، وباقي التلاميذ في إنتظار أن أطلب منهم التصفيق الحاد للنابغة صاحب كلمة “جنس يا ميس”
إرتبكت جدا لما الطفل قالي: هي الكلمة غلط ليه؟
بس دي فيها جيم يا ميس، وشعرت بحزنه ﻷني لم أقل له برافو مثل باقي أصدقائه
كل هذا يحدث وأنا في صمت؛ فأستشعر التلاميذ أن هناك شئ ما يحدث
قمت بدوري بتغير الموضوع بسرعة وأنا مرتبكة وطلبت منهم أن يستخرجوا لي كلمات أخرى بها هذا الحرف اللعين
وإنتهى اليوم الدراسي وأنا مازلت مرتبكة
أخذ هذا الموقف من تفكيري الكثير والكثير،
وقررت في اليوم الثاني ان أسأله: جبت منين الكلمة دي؟ سمعتها فين؟ وقد حدث.
دخلت الفصل وأنا مستعدة في قرارة نفسي أن أسأل “حسين” هذا السؤال ولكن بمفردنا خارج الفصل حتى لا أعطي للموقف حجم أكبر وأجعل التلاميذ يتسائلون عن معني كلمة جنس،
وأخذت حسين خارج الفصل وطرحت عليه هذا السؤال مرة أخرى بعدما قمت بأطمئنانه حتى لا يخاف منى ودون ان أشعره بخطورة الموقف
قولي يا سحس كلمة بها حرف الجيم؟
وجاوب حسين نفس اﻹجابه: جنس يا ميس
قولتله: عرفت منين الكلمة دي يا حبيبي؟
قالي: من العيال في الشارع، ومن التليفزيون، والنت
قلتله: وإنت عارف معناها إيه؟
قالي أه طبعا هو أنت مش عرفاها يا ميس؟
قولتله ﻷ مش عرفاها
وأمتشق حسين في وقفته ورفع رأسه ﻹعلى وأحس إن عنده معلومة الميس بذات نفسها متعرفهاش
قال وبكل ثقة: “جنس يعني الراجل والست يقلعوا هدومهم ويخلفوا عيال ياميس”
وتسمرت وإحشرت الكلمات في حلقي، وإنعقدت الحروف على لساني، ومحطتش منطق، وبعد فترة أبحث فيها عن رد، ولم أجد
قلتله: أدخل الفصل يا حسين؛ الله يرحم البراءة يا حبيبي
وهنا إنقلبت كل موازين الطفولة عندي، وتذكرت طفولتي التعيسة اللي كل معلوماتي فيها إن الست مجرد متلبس عروسة ممكن تجيب طفل من السوبر ماركت.

تسائلت:
ماذا يحدث ﻷطفالنا؟
لماذا توسعت مداركهم إلى هذا الحد المخيف؟
أين ذهبت طفولتهم وبرائتهم؟
وهم في السابعة من عمرهم يعرفون معني الجنس
هل هذا طبيعي وأنا لم افهم؟
أم أن هناك خراب يتسرب ﻹجيال قادمة دون أن نعي، وإن كان هناك خطر بالفعل؛ ماذا نحن فاعلون تجاه هذا اﻷمر المخيف؟
وقررت أن أعتزل تدريس اللغة العربية وأتفرغ لتدريس الرياضيات خوفا من إستخراج المزيد من الكلمات التي قد تصدمنى في طفولة هؤلاء البراعم الصغيرة.
بس حسين عنده حق على فكرة
جيم جنس ياميس

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات