تحذيرات من مخاطر اتساع رقعة التصحر في ليبيا

حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، مطلع الشهر الجاري، من توسع التصحر الذي يعيد تشكيل الطبيعة في ليبيا، مشيرة إلى خطورة استبدال المساحات الخضراء بالمباني الخرسانية بشكل أكبر.

وأشارت المنظمة في بيان، إلى أن أكثر من 95 في المائة من البيئة الليبية تُصنف على أنها صحراوية أو شبه صحراوية، مشددة على الحاجة إلى استعادة المناطق الخضراء وحمايتها باعتبارهما أمراً بالغ الأهمية، وأنها تعمل مع شركائها على اتخاذ إجراءات جادة لحماية البيئة في ليبيا حتى يتمتع أطفال البلاد بمستقبل أكثر اخضراراً.

ويقول الناشط البيئي الليبي، معمر القضواري، إن المنظمة الأممية تنشط منذ سنوات في دعم شريحة الشباب، وتركز على حق الأطفال في ممارسة الأنشطة في مساحات خضراء، لكن أزمة التصحر تعوق تلك التوجهات.

وقبل قرابة عقدين، أنشأت ليبيا “اللجنة الوطنية لمقاومة التصحر ووقف الزحف الصحراوي”، في إقرار رسمي بخطر التصحر المحدق بالبلاد، وحاولت عدة مرات فرض إجراءات بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، تشمل دفع المحال التجارية الواقعة على الطرق الرئيسية إلى غرس أشجار كأحد السبل لمواجهة زحف الرمال.

وفي نهاية الشهر الماضي، أعلنت إدارة الدعم والدوريات بالمنطقة الوسطى، غلق عدد من المحال التجارية في مدينة إجدابيا (شرق)، والتي لم تلتزم بزراعة الأشجار بعد أن أعطتها مهلة، وطالبت الإدارة الأهالي والتجار والناشطين بضرورة المساهمة في حملات تشجير المدينة.

ويؤكد القضواري في حديثه لـ”العربي الجديد”، على أهمية تلك الخطوة، ويشير إلى أن مدينة إجدابيا من أكثر المدن المهددة بالزحف الصحراوي بسبب وقوعها بالقرب من نطاق صحراوي، لكنه في ذات الوقت ينتقد إهمال السلطات للمكافحة الجدية لظاهرة التصحر، على الرغم من أنه يزداد يوماً بعد يوم.

ويقول: “اللجنة الوطنية لمقاومة التصحر تتبع وزارة الزارعة، ولا تصدر أي تقارير أو بيانات أو إحصاءات، والتقارير المتوفرة قديمة وتجاوزها الزمن، كما أنها لا تمارس مهامها بالضغط على السلطات لإطلاق حملات تشجير واسعة، أو على الأقل الدعوة لوقف التعدي على الغطاء النباتي والغابات. التصحر يعني انخفاض قدرة الأرض الإنتاجية من جراء تدهور خصائصها وتغير الظروف المناخية من حولها، والحقيقة أن هذا الانخفاض قائم في ليبيا، لكن تدهور خصائص الأرض لا يزال نسبياً، ما يعني القدرة على الإنقاذ في حال توفرت النية والإجراءات الحكومية لذلك”، مشيرا إلى أن الاحصائيات العالمية تؤكد ان التصحر يهدد 700 مليون نسمة، منهم 150 مليون نسمة في العالم العربي، أكثرهم في شمال أفريقيا.

يتابع القضواري: “مساحة البلاد تبلغ مليونا و760 ألف كيلومتر مربع، ونسبة الصحراء فيها أكثر من 70 في المائة، والنسبة المهددة بالتصحر تتجاوز 20 في المائة من المساحة المتبقية. قطعت ليبيا خلال العقود الماضية أشواطاً في مقاومة التصحر، من بينها عمليات تثبيت الكثبان الرملية، وزرع مصدات وأحزمة خضراء وغابات، ما أخر زحف الرمال لسنوات، لكن خلال العقدين الأخيرين، تزايدت عمليات التعدي على الغطاء النباتي وجرف الغابات، فأصبحت العديد من المدن تواجه خطر التصحر، وباتت أجواؤها ملبدة بالأتربة من جراء زحف الرمال”.

بدوره، يتحدث عاطف زبيدة، أحد أعضاء الحملة الليبية للتشجير (أهلية) عن عوامل أخرى زادت مخاطر التصحر، ومن بينها الجفاف النسبي الناتج عن النقص الكبير في مصادر المياه، لاسيما الجوفية، ويقول: “تسبب الجفاف في تراجع الإقبال على الأنشطة الزراعية، كما أن مساحات الرعي تقلصت هي الأخرى، وتزامن مع ذلك زحف عمراني من دون أي تخطيط”.

يضيف زبيدة لـ”العربي الجديد”، أن “عمليات التعدي طاولت المشاريع الزراعية التي كانت منتشرة في العديد من الأحزمة، وكانت تساهم بشكل كبير في الحفاظ على خصائص التربة، وعلى استمرار انتاجيتها، وزاد عدد المشاريع الزراعية التي تم التعدي عليها، حتى أن بعضها تحول إلى مقار عسكرية للمجاميع المسلحة في البلاد، علاوة على وصول جشع التجار إلى تلك المشاريع، ليقوم بعضهم بتقطيعها، وبيعها كمقسمات للمواطنين، وأكثرها تم بناء منازل فيها”.

وأطلق نشطاء ومتطوعون ليبيون خلال السنوات الماضية سلسلة من حملات التشجير في أغلب مناطق البلاد، وتشكلت العديد من المجموعات والجمعيات، منها “الحملة الليبية للتشجير”، وجمعية “أصدقاء الشجرة”، وأشرفت تلك المجموعات على حملات تشجير واسعة لتعويض نقص الغطاء النباتي الذي تعرض لعمليات تجريف.

نقلا عن موقع العربى الجديد

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات