كفاكم دماء

منذ السابع من اكتوبر والعالم يعيش في قلق بالغ، مشاهد رعب وخوف، مستقبل غامض، مؤتمرات وجلسات ومجلس الامن والامم المتحدة وشجب وإدانة وتنديد وغضب ووقفات تندد بالهجوم الوحشي على الابرياء والمدنيين، ولا أحد يفعل شيئًا، وكأن العالم مكتوف الأيدي، وكأنه أصم أذنيه عن صراخ الأطفال وعويل الأمهات وبكاء الرجال على ذويهم، يجلسون على كراسيهم غاية ما يفعلونه مصمصة الشفايف.

ولكن دعونا نرى المشهد جيدًا ولست أدعي انه يمكنني تحليل المشهد سياسيًا أو عسكريًا، ولكن إنسانيًا، فنحن نجلس في بيوتنا نعم، نأكل ونشرب ونمارس حياتنا نعم، ولكن قلوبنا ومشاعرنا مع شعب يُباد، عيوننا تدمع للمشاهد التي تخلع القلوب من مكانها وتستدعي الدموع دون أن ندري.

هل رأيتم الأب الذي يبحث عن اولاده الثلاث بعد مجزرة مخيم جباليا هل سمعتموه ينادي عليهم ويقول “بلكي واحد منهم عايش” هل رأيتم الزوج الذي أصر ان يكتب كلمات حب لزوجته على كفنها، هل رأيتم الطفلة التي تعرفت على جثة أمها وهي تقول “هادي أمي بعرفها من شعرها”، هل رأيتم دموع رجال الإنقاذ والأطباء وهم عاجزون عن اسعاف المصابين وقلوبهم تبكي دمًا على القتلى، وهل وهل وهل فنحن لم نعد نفعل شيئًا إلا مشاهدة شعب يُباد بأيادي سفاحين ومصاصي دماء، عاشوا عمرهم كلها محتلين غاصبين، يحاولون أن يجدوا لهم تاريخًا نظيفًا فيستدعون آيات من الانجيل علهم يدعموا موقفهم، ولكن أي دعم تريدون وأي الها تعبدون، أي الهًا هذا الذي قال لكم اسفكوا الدماء واقتلوا الابرياء وانشروا صواريخكم ودباباتكم وجنودكم وافتكوا بالجميع، فإن رأيتم سيارة بها مدنيين اقذفوها بداناتكم، وإن رأيتم طفل يلهو فإجعلوه أشلاء، هاتوا قنابلكم التي تزن طن والقوا بها على مخيم سكني واهلكوهم واقصفوا المستشفيات والمساجد والكنائس التي يحتمي بها الاطفال والنساء والعجائز.

أتدرون، ولا حتى جنود الشيطان قد تأتي لهم هذه الأفعال التي تفعلون، ألم ترتوي بطونكم من دماء الأطفال، ألم تكتفي عيونكم من مناظر الاشلاء، هل اعتادتم اللون الأحمر، في مقال سابق قد سردت بعض مجازركم ولكن اقول انكم في مجازر هذه الحرب قد تفوقتم على أنفسكم حتى الآن قرابة العشرة آلاف قتيل وأضعافهم مصابين بخلاف المفقودين، فلتحفظوا هذه المجازر جيدًا فلسوف يسألكم عنها الله، فالديان العادل لا ينسى ولا يحابي لأحد، ولا يُشرع لكم ما تفعلوه حتى وإن رددتم كل الآيات ولبستم كل أثواب العفة التي لا تعرفونها،  لن تستطيعوا أن تبيضوا ملابسكم من اللون الأحمر ولا أن تغسلوا اياديكم من الدماء.

ولو تمتعتم بشيء من الذكاء واستعرضتم تاريخكم الدموي وسألتم أنفسكم سؤال واحد، ما الذي ربحتوه من كل هذه المجازر والدماء؟ ربحتم احترام العالم؟ لا، وجدتوا لأنفسكم أرض ودولة مستقلة؟ لا، تعيشون في سلام دون قلاقل وحروب؟ لا، لم ولن تكسبوا شيئًا من هذا، فطريق الدماء نهايته معروفة حتى وإن طال.

في غزة وغي غزة فقط قاموا بإلغاء العام الدراسي لا بسبب الحرب فقط ولكن، “لأن كل الأطفال قد نالوا الشهادة”

 

نقلا عن الأهرام الكندى

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات